«مرآة الزمن و الرمل» ذاكرة الصخر العتيق في  صور
افتتح أمس، المقهى الثقافي لمكتبة ميديا بلوس، موسمه الجديد لسنة 2019، بلقاء مميز نشطه المصور و الكاتب الفرنسي أرمون فيال، على مستوى المركز الثقافي الفرنسي بقسنطينة، أين قدم فيال، كتابه «مرآة الرمل والزمن، مغارات وادي الرمال «، وعاد من خلاله إلى أزيد من  60سنة إلى الوراء، اختزل محطاتها في صور للصخر العتيق، وثقها في الإصدار الذي يعتبر، كما قال، رحلة شخصية لطفل ولد و تربى في قسنطينة، فحفرت صورها عميقا  في ذاكرته، و تركت أثرا يشبه في عمقه تلك الشقوق التي تخترق الصخر العتيق.
 الكتاب يتكون من 132 صفحة، يحتوي على نصوص تتطرق لرمزية وادي الرمال ، كما يضم صورا فوتوغرافية تستعرض انطباعات المؤلف حول الطبيعة الفريدة للمكان، الذي بدأ يفقد معناه و تاريخه و مكانته، ويتحول ، كما عبر الكاتب، إلى « لا مكان»، بعدما تجرد من حميمية  اللقاء و التفاعل الإنساني، و غزته القمامة و شوهته و حولته إلى ما يشبه « المزبلة» ، على حد تعبيره.
 الكاتب أوضح بأن الهدف من عمله، ليس التوثيق للطبيعة الجغرافية و إصدار مؤلف يضاف لرفوف المكتبات، بقدر ما يعد الكتاب رحلة شخصية إلى مكان ضارب في عمق التاريخ، مثقل بقصص الحياة و الموت، مكان قال بأن ذاكرته عميقة و قديمة قدم الوجود الإنساني في المنطقة التي تتجلى فيها كل مظاهر الحب و الحياة و تفوح منها أيضا رائحة الموت، بدليل القصص والأساطير و الحكايات التي تلفه و التي أكد، بأنه حاول أن يقدمها في إصداره من خلال نظرته الخاصة، التي تنصهر فيها ثقافتان مختلفتان، وذلك على اعتبار أنه قسنطيني المولد و النشأة أوروبي الأصل.  
مؤلف أرمون فيال، هو نزهة عبر هذا «المكان الزاخر بذاكرة قسنطينة في أوقات مختلفة ، في مواسم مختلفة ، تحت أضواء مختلفة و وفقا لطرق مختلفة«، كما قدمه صاحبه ، في مداخلة أكد خلالها بأنه حاول أن يقدم عملا يختلف عما سبق للرسامين و المصورين أن قدموه،  لذلك استعان باقتباسات عديدة من نصوص لمصورين وكتاب وفلاسفة و حتى باحثين سبق لهم، كما أوضح، وأن تحدثوا عن وادي الرمال والصخر العتيق، أو تطرقوا إلى مواضيع تشبه في وصفها للأماكن تصوره لهذه المدينة، التي قال، بأن كثيرا من الرسامين و المسافرين و الكتاب أغرموا بها، لكنهم مع ذلك لم يقدموها للعالم من خلال أعمالهم، مفسرا السبب وراء هذا الشح، في أنه قد يكون بسبب رهبة المكان الذي تبعث  تضاريسه على الشعور بالخوف.
الكاتب أوضح خلال استعراضه لبعض الصور التي تضمنها العمل، بأنه يميل إلى إظهار أثر الزمان على المكان، وهو ما يبرز، حسبه، من خلال التقسيم المنهجي لمعطيات الكتاب الذي يتناول في كل جزء منه تفصيلا مختلفا من تفاصيل الصخر العتيق، بما في ذلك صور خاصة بدرب السياح، قدمها، كما عبر، بطريقة تعكس وجهة نظر إنسان عرف المكان صغيرا وعاد إليه وهو شخص راشد مشبع بالتجارب و الخبرات.
هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى