حل شركات الإنتاج عرقل تطور السينما الأمازيغية
اعتبر المدير العام لسينيماتيك الجزائر الصحفي و الناقد سليم عقار، خلال محاضرة نشطها أمس، في إطار فعاليات المهرجان الوطني للفيلم الأمازيغي أن الإنتاج السينمائي المندرج في ضمن خانة هذا التوجه الثقافي لا يزال متواضعا، إذ لا يتعدى إلى غاية الآن 12 فيلما مطولا، منها 10 بالقبائلية، وواحد بالشاوية وآخر بالتارقية، مؤكدا أن أفضل وسيلة لتشجيعه هي المحافظة على المهرجان لكونه يعطي الفرصة وروح المنافسة لكتاب السيناريو وصانعي الأفلام الشباب ويشجعهم على الاحترافية.
وقال عقار، خلال محاضرة قدمها بدار الثقافة مولود معمري بتيزي وزو، بعنوان "من 1979 إلى 2019 40  سنة من السينما الأمازيغية"، أن السينما الحديثة قادت بالفعل معركة سياسية وثقافية وفنية ولغوية فاصلة، و أن الإنتاج السينمائي الأمازيغي مر عبر ثلاث مراحل أساسية، الأولى سبقت و تلت أحداث الربيع الأمازيغي من 1980 إلى غاية أكتوبر 1988 و تميزت عموما بوقف كل إنتاج له تعبير أمازيغي، أما المرحلة الثانية فانحصرت بين سنتي 1994 و 1996، و شهدت ظهورا قويا للأفلام القبائلية سيما مع الثلاثي عبد الرحمن بوقرموح وعز الدين مدور و بلقاسم حجاج، الذين تكونوا في كبريات مدارس أوروبا على غرار بروكسل وبولونيا، أما المرحلة الثالثة فقد انطلقت خلال سنة  2003 ولا تزال مستمرة إلى غاية اليوم. وأكد سليم عقار وهو ناقد سينمائي وإعلامي ، أن فترة التسعينيات كانت «مهمة جدا» لأنها تميزت بميلاد أول فيلم سينمائي محترف باللغة الأمازيغية، ويتعلق الأمر بفيلم « الهضبة المنسية « المقتبس للسينما عن رواية لمولود معمري تحمل نفس الاسم، أخرجه الراحل عبد الرحمن بوقرموح الذي جاهد كثيرا من أجل أن يرى عمله النور رغم النقائص والصعوبات التي صادفته سيما ما يتعلق بمشكل التمويل، ولكنه نجح في الأخير في عرضه بعدد من القاعات في فرنسا.
وأضاف المتحدث، أنّه بعد عبد الرحمن بوقرموح، واصل الراحل عز الدين مدور المشوار في الإنتاج السينمائي الأمازيغي حيث أخرج فيلم «أذرار نباية» أو «جبل باية» الذي تطلب منه سبع سنوات كاملة بسبب توالي الأحداث المؤلمة التي تعاقبت عليه، بداية بوفاة جدّته التي بدأت في كتابة السيناريو وكانت سندا له ، ثم فقدانه لوالديه بعد ذلك ما أثر عليه بشكل كبير و اضطره للتوقف عن العمل لفترة قبل أن يستأنف نشاطه لفترة وجيزة و يعود لتعليقه بسبب حادث مأساوي صادفه أثناء تصوير الفيلم في منطقة بوزقان، إذ فقد 14 فردا  من بينهم تقنيون وممثلون حياتهم، جراء انفجار مواد مشتعلة عن طريق الخطأ، كانت داخل البناية التي نزل فيها رفقة فريق العمل، ليضطر مرة أخرى إلى توقيف التصوير لعدة أشهر، وقال عقار، أن المخرج تمكن أخيرا من الانتهاء من الفيلم لكن بعد اختباره لعدة أحداث تراجيدية أثرت على معنوياته ونفسيته، وهو ما اعتبره «انتصارا» سيما بعدما تمكن من إدخاله إلى قاعات السينما.
وقال سليم عقار، أن هذا الفيلم يعتبر ثاني عمل محترف في مسار السينما الناطقة باللغة الأمازيغية، أما العمل الثالث فهو للمخرج بلقاسم حجاج بعنوان « مشاهو»، وقد عرف هو الآخر عدة أحداث منذ الشروع في تصويره أهمّها وقوع المخرج و الممثلين في حاجز مزيف على مستوى وادي أكفادو، بالقرب من منطقة إيعكوران، ما انجر عنه تعليق العمل رغم أنهم لم يتعرضوا لأي أذى، مضيفا، أنه بالنسبة لهؤلاء المخرجين الثلاثة، فإن الهدف لم يكن فقط صناعة فيلم سينمائي الأمازيغية، ولكن إبراز ثقافة منطقة القبائل أيضا ،وذلك من خلال الألبسة والديكور، مشيا إلى أن هذه  الأفلام الثلاثة أعطت دفعا قويا لكتاب السيناريو والمخرجين من أجل إنجاز أعمال أخرى باللغة الأمازيغية، ولكنه تأسف بالمقابل، لعدم وجود توثيق لهذه الأعمال، معلقا  «عدم وجود أعمال موثقة في هذه السينما ، باستثناء كتاب فريدريك ديفاو ياهي،  المعنون من ولادة سينما القبائل إلى السينما الأمازيغية يدعونا  للتفكير في ضرورة التركيز على إجراء أرشيفة للإنتاج السينمائي الأمازيغي»، كما أشار كذلك، إلى أن السينما الأمازيغية تواجه «مشكلا كبيرا يتعلق  بنقص التمويل، موضحا بأن حل شركات الأفلام كان له تأثير على إنتاج الأفلام الأمازيغية، خصوصا و أن إنتاج فيلم يحكي عن الحقبة الرومانية أو التركية أو حتى عن المستعمر الفرنسي، يتطلب أموالا كبيرة.
واختتم سليم عقار، محاضرته بالتأكيد  على أن السينما الأمازيغية ليست فقط وسيلة للتعبير بل هي سينما الصورة، التي تروج للموسيقى ولروح  الثقافة وللأمل أيضا، مضيفا  بالقول «عندما ننجز فيلما بالأمازيغية ليس معناه أننا سنشارك به فقط في مهرجان الفيلم الأمازيغي بتيزي وزو أو أكادير بالمغرب وغيرها، بل يمكن أن نشارك به في مهرجانات أخرى عبر العالم، ومن المعلوم أن السينما الأمازيغية لا يمكن أن تكون موجودة  دون مهرجان وأظن أن أفضل وسيلة لتشجيع الإنتاج الأمازيغي هي المحافظة على مهرجان يعطي الفرصة وروح المنافسة لكتاب السيناريو وصانعي الأفلام الشباب وتشجيعهم على الاحترافية».                  سامية إخليف

الرجوع إلى الأعلى