"دوناتوس".. قصة الثائر النوميدي الذي أنهى الكاثوليكية في افريقيا
كشف الدكتور  محمد دومير،  بطل نجوم العلوم للنصر، أن كتابه الموسوم بـ “دوناتوس”، سيكون قريبا في المكتبات، في متناول القراء، معربا عن سعادته بهذا المولود الجديد، الذي اعتبره أكبر تحقيق تاريخي قام به في حياته، إذ جمع محتوى الكتاب من أكثر من 200 مصدر، باللغات الفرنسية والعربية و الإنجليزية.
الدكتور دومير قال أن هذا هو أكبر تحقيق حول شخصية دوناتوس على الإطلاق، لذلك اختار له عنوان “دوناتوس، القصة الكاملة كما لم تروى من قبل”،  مشيرا إلى أن دوناتوس نوميدي (الجزائر الحالية)، عاش في نقرين و تبسة و قسنطينة قبل الإسلام، ثم سافر لأجل قضيته إلى قرطاج، حيث أطلق أكبر ثورة ضد الرومان، رافضا عقيدتهم الثالوثية، و وجودهم الاستعماري، و اضطهادهم لأبناء الأرض، واضطر الإمبراطور قسطنطين الأول إلى الجلوس معه، ثم نفيه فمات في إسبانيا،  بعد أن أنتج جيلا من الشباب الواعي، الذي كان جاهزا لاعتناق الإسلام.
و قد قضى أوغستين حياته كلها في محاولة القضاء على فكر دوناتوس و منهجه دون نتيجة، فقد كان أوغستين، ابن مدينة سوق أهراس، كاثوليكيا ثالوثيا، في حين كان دوناتوس موحدا على دين الإريسيين، و سلط دومير الضوء على تفاصيل القصة الكاملة في مؤلفه الذي شاركه في جمع محتواه عماد سعودي، و قام بمراجعته و كتابة مقدمته الدكتور مولدي عاشور من جامعة تبسة.
مؤلف الكتاب أكد أنه ما من حركة في تاريخ شمال إفريقيا أثناء الاحتلال الروماني جمعت من الشمولية ما جمعته الحركة الدوناتية، فقد كانت ثورة مجددة ومطهرة للدين المسيحي ضد الكنيسة الكاثوليكية، و كانت حركة شعبية تنادي بالعدل والمساواة بين الرومان والسكان الأصليين الأمازيغ أو البربر كما سماهم الرومان، وكانت أيضا حركة استقلالية وتحررية من الاحتلال الروماني الذي فرض الضرائب ونهب الخيرات، فأصبح الأمازيغي عاملا بائسا في أرضه لدى الروماني المحتل.
لقد أصبح كل السكان في إفريقيا و نوميديا وموريتانيا على قلب رجل واحد، اسمه دوناتوس الذي نبغ منذ شبابه واجتمعت فيه كل الصفات القيادية ليقف ضد الديانة الكاثوليكية بِعِلمه وبأساقفته المؤيدين، وضد التسلط الروماني بعزمه وبرجاله الشجعان من الأمازيغ، كما قال دومير.
هذا العزم ظهر عندما رفض دوناتوس قرارات المحاكمات الجائرة، بل وحتى قرارات الإمبراطور ومندوبيه، متمسكا بكل أطراف قضيته، الدينية والاجتماعية والسياسية. و كان الدوناتيون الأكثر إيمانا بقضيتهم في تاريخ الدين المسيحي، لذا نجدهم الأكثر استعدادا للشهادة والتضحية بالنفس في سبيلها، فالقتل لم يُفنهم والأموال لم تُغرهم/ فانتشروا وزاد أتباعهم حتى صارت الكنيسة الدوناتية هي الكنيسة الوحيدة في شمال إفريقيا لعشرات السنين، أضاف الكاتب.
علما أن الدوناتية في منشأها، كانت حركة تطهير للكنيسة من الخونة الذين باعوا دينهم أثناء الاضطهاد الروماني للمسيحيين في أواخر القرن الرابع، لكنها أصبحت أكثر وضوحا في استقلاليتها حين ترأسها دوناتوس الذي ذهب أبعد من ذلك، فرفض الثالوث و ناظر في طبيعة الملائكة ويوم البعث وطبيعة المسيح. كما أنها حصلت في عهد دوناتوس على دعم أشجع الأمازيغ من نوميديا الذين تنظموا في مجموعات عسكرية مناهضة للرومان أطلقوا على أنفسهم اسم “الدوارين” أي الثائرين المتجولين، وبالرغم من أن الدوناتية تعرضت للتهميش والمضايقات وحتى الاضطهاد، إلا أنها صمدت حتى قدوم الإسلام الذي كان الدوناتيون أول من اعتنقه من الأمازيغ.             ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى