صدور مذكرات الشيخ محمد الطيب العلوي
من بلدة صغيرة ثورية كانت تدعى "السمندو"  إلى مدينة "مليانة" يطير بنا كتاب شيق يحمل مذكرات الشيخ المدير محمد الطيب العلوي، أبدع الدكتوران علاوة عمارة و صلاح الدين العلوي نجل صاحب المذكرات في إعداده و التعليق عليه و نشره في 432 صفحة، 13 منها عبارة عن صور و نسخ من وثائق.
المؤلف جاء في شكل خمسة (05) فصول تضمن أولها مولد صاحب المذكرات إلى غاية وفاة والده و الفصل الثاني شمل فترة تمتد من موت الأب إلى أحداث 08 ماي 1945. أما الفصل الثالث فمن الثامن ماي إلى غاية نهاية مرحلة تعليمه بعنابة. الفصل الرابع عرض فيه معدا الكتاب مرحلة انتهاء محمد الطيب العلوي من الدراسة إلى اندلاع الثورة التحريرية، ليحمل الفصل الخامس و الأخير عنوان "المذكرات من قبيل اندلاع الثورة إلى سجين".
راودت الشيخ محمد الطيب العلوي فكرة كتابة مذكراته عندما كان طالبا، بجامع الزيتونة، كما ذكره الدكتور علاوة عمارة، حيث أنجز النسخة الأولى منها بمدينة تونس قبل أن تصادرها شرطة الإستعلامات الفرنسية، ليعيد كتابتها في نسخة ثانية، بمدينة مليانة أين قامت السلطات الإستعمارية بحجزها. أما النسخة الحالية للمذكرات فقد انطلق في تحريرها و هو يبلغ من العمر 41 سنة، تحديدا بعد مرور سبع سنوات على استقلال الجزائر، ما يفسر وفرة المعلومات الخاصة بفترة الحرب العالمية الثانية و الثورة التحريرية و يؤكد أن الشيخ كان شاهدا على عصره.
مذكرات دوَن فيها الشيخ خلجات نفسه من آلام و آمال و مراحل مر بها و قضايا و أحداث هامة عاشها و عايشها، لكي تبقى كما قال «تذكارا للحفدة و الأجيال الصاعدة « علما أنها كانت سببا في القبض عليه و سجنه في الزنازين الانفرادية.
بأسلوب سلس و مشوق، يمسك الكاتب يد القارئ و يعرض عليه العودة إلى أيام دراسته في الكتاب القرآني لضاحية سيدي مبروك، بمدينة قسنطينة ثم بمدرسة التربية و التعليم الإسلامية لمؤسسها الشيخ عبد الحميد بن باديس أين تتلمذ على يد أبرز المعلمين على غرار الشيخ أبو بكر بن بلقاسم الأغواطي، الشيخ محمد الغسيري، الشيخ محمد الصالح رمضان و محمد العابد الجلالي، معرجا على قضاء عطله الصيفية  في البادية أين أدرك قيمة القراءة  حيث صار مضرب المثل في مسقط رأسه و أضحى السكان يزورونه للإستفتاء حتى في المسائل الفقهية التي يجهلها. أما جامع الزيتونة، بتونس فكان محطة جد هامة في حياة محمد الطيب العلوي تليه مدينة عنابة أين كان يُدرس قبل أن تقرر السلطات الإستعمارية إبعاده عنها، تزامنا مع ارتفاع الضغط على الوطنيين فشد الرحال باتجاه مدينة مليانة ليجد نفسه في ضيافة المناضل البارز محمد فروخي و يسجل أولى خطواته بمدرسة الفلاح و يكتشف «وطنية مليانة « التي وصفها بالهادئة و الفعّالة..        
ع ب

الرجوع إلى الأعلى