نوقشت مؤخرا، بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة البليدة2، أطروحة دكتوراه للطالب الباحث مصعب عدالي تناولت إشكالية القيادة في المؤسسات الجزائرية، وذلك بناء على دراسة تناولت الشركة الوطنية لتوزيع الكهرباء والغاز وسط – مديرية التوزيع بالبليدة كعينة للبحث، إذ ركز الباحث في هذه الأطروحة على القيم التنظيمية للقادة وعلاقتها بفعاليتهم.
ومن الآفاق التي وضعها الباحث ضمن الدراسة اعتماد معايير خاصة لاختيار القادة في المؤسسات الجزائرية تتماشى مع الواقع، إلى جانب الاهتمام بتطوير مقياس القادة وفعالية التنظيم للقائد ليتناسب مع البيئة الجزائرية، كما تضمنت آفاق الدراسة مراجعة القيم التنظيمية التي تتبناها المؤسسات وتطويرها لمواكبة التطورات الراهنة والتشجيع على الإبداع، بالإضافة إلى الاهتمام بموضوع القيادة وتقديم دورات تكوينية للقادة لتطوير وتنمية مهارتهم، وتطوير نموذج خاص بالقيم التنظيمية للقائد الفعال.
وتشير نتائج الدراسة الميدانية إلى أن التزام القائد بقيمه التنظيمية كالأمانة والصدق و الانتماء و الاستقامة والإبداع يضمن زيادة فعاليته التنظيمية، وكلما كان القائد أو المسير  منضبطا في سلوكه متمسكا بقيمه التنظيمية يؤدي ذلك إلى تحقيق الأهداف المنظمة عن طريق تحفيزه للأفراد وقيادة فريقه وفق خطة مضبوطة ومحكمة خصوصا إذا حرص على الاتصال الجيد، وتحلى بالمرونة  في التعامل، وحرص أيضا على تدريب وتطوير فريقه، وساهم في تعزيز الثقة  بينه وبين العمال، ما ينتج مناخا محفزا ومشجعا على الإبداع وابتكار أفكار جديدة تساهم في  تطوير المنظمة، وتحقيق أهدافها والسير  بها قدما نحو الأفضل. وبالمقابل كلما انخفض تمسك القائد بقيمه التنظيمية، انجر عن ذلك كثرة السلوكيات المنحرفة التي تتسبب في نقص الثقة  بين القائد وأفراد المؤسسة، إلى جانب عدم وجود خطة واضحة لتنفيذ أهداف المنظمة، وعدم وضوح المعلومات والغموض الذي يؤدي  للفوضى بسبب نقص الاتصال وكثرة الصراعات، بسبب تصلب القائد و تمسكه برأيه وعدم الاهتمام بالجانب الإنساني للعمال، إلى جانب نقص التحفيز الذي يتسبب في عدم تحقيق أهداف المنظمة، وتضييع مصالح الناس.
كما وضع الباحث، من خلال الدراسة الميدانية التي قام بها أبعادا للقيم التنظيمية للقادة تتطابق مع المؤسسات الجزائرية تتمثل في العدل و الأمانة والاستقامة و الصدق و الانضباط و المعاملة الإنسانية و الإبداع، أما الفعالية التنظيمية للقائد فتتمثل وفق نفس الدراسة في الاتصال و الثقة بالنفس و التحفيز و الرؤية و التقييم والمتابعة و العلاقات الإنسانية إضافة إلى إدارة الوقت و المرونة و التدريب. وقد أوضح الباحث الذي تحصل على درجة مشرف، بأن المؤسسات الجزائرية عليها أن تنظر في اختيارها للقائد إلى مكونات شخصيته بدل الاعتماد على معيار الكفاءة  فقط في مجال التخصص، مضيفا بأن القائد يرتكز عمله على العلاقات  مع فريق العمل، وفي نفس الوقت هو المنسق بين الفريق أو مصالح المؤسسة، و بهذا فإن جزءا كبيرا من عمله يرتكز على العلاقة مع باقي الأطراف، مضيفا بأن المؤسسات الجزائرية تنظر إلى الكفاءة في التخصص و تهمل الجوانب المرتبطة بالشخصية.
وأضاف المتحدث، بأن المؤسسات الجزائرية لا تزال تركز على مصطلحي المدير أو المسؤول، وليس القائد على الرغم من وجود فرق بين المصلحات المذكورة، مضيفا بأن معايير ترقية المسؤول في المؤسسات الجزائرية تعتمد على سنوات الخبرة  والمستوى التعليمي، لكن هذه المعايير تجعلنا حسبه لا  نرقى إلى مستوى اختيار قائد  فعال يحظى بقبول الجميع مضيفا، بأن معايير اختيار القائد أو الترقية في المناصب العليا في المؤسسات يمكن تلخيصها في القدرة على الاتصال و ضبط رؤية واضحة تمكن من التخطيط  و وضع هدف مستقبلي مبني على بعد النظر في المؤسسة، إضافى إلى القدرة على تحفيز المسؤولية الاجتماعية والثقة بالنفس  مشيرا في نفس السياق إلى وجود قيمة مهمة أهملت من طرف المؤسسات الجزائرية، وهي قيمة « التويزة»، مضيفا بأن هذه القيمة لها وقع كبير على نفسية العمال أكثر من استعمال مصطلح التضامن، ودعا الباحث إلى ضرورة الاستثمار في الخصوصيات الاجتماعية واستغلالها في المؤسسات .
نورالدين- ع

الرجوع إلى الأعلى