أكد الأستاذ الباحث أحمد جبار، أن البزنسة تحت  غطاء «الطب النبوي» أصبحت منتشرة كثيرا، سواء في الواقع أو في القنوات التلفزيونية الفضائية، مبرزا أنه يوجد حوالي 700 قناة تبرمج حصصا حول الطب النبوي الذي قال أنه تسمية بدأت منذ القرن 10 ميلادي، مكان الطب التقليدي الذي كان سائدا من قبل، و أكد المحاضر أن 50 بالمئة من الأحاديث التي تنسب إلى الرسول صلى الله عليه و سلم ، في إطار «الطب النبوي» غير صحيحة و غير مسندة.
مصطلح الطب النبوي ظهر في القرن العاشر الميلادي
و شرح الأستاذ الباحث أحمد جبار، وهو وزير سابق للتربية الوطنية والتعليم العالي، في محاضرة ألقاها في افتتاح الطبعة السابعة للجامعة الصيفية المغاربية للصحة العمومية بكراسك وهران، التي اختتمت أول أمس الخميس ،  أنه في القرن العاشر الميلادي، ظهر ما يسمى بالطب النبوي الذي كان يشمل كل أنواع الطب التقليدي، و ظهرت عدة مؤلفات منذ القرن 14 ميلادي حوله، منها كتاب ابن القيم الجوزية و مؤلفات أخرى تنسب مجموعة من النصائح الطبية الوقائية والعلاجية و حتى المتعلقة بالنظافة أو الطهارة للنبي محمد صلى الله عليه و سلم.
و تواصل نشر كتب في هذا المجال إلى لغاية اليوم، كما أضاف المحاضر، على غرار مؤلف صدر سنة 2005 يتحدث عن كتب الطب النبوي، حيث أوضح مؤلفه أنه ما بين القرنين 9 و 10 ميلادي، تم نشر 40 كتابا عن الطب النبوي، وأن الأحاديث النبوية المتعلقة بالعلاج والطهارة قدرت ب760 نصا، منها 400 حديث صحيح و240  حديثا ضعيفا و80 حديثا غير مسند وغير صحيح، وفق ما صنفه العارفون بأمور الدين، إلى جانب 40 حديثا غير موجود أصلا، وتم تأليفه ونسبه إلى النبي.
و أكد الأستاذ جبار أن 50 بالمئة من الأحاديث المنسوبة إلى الرسول المتعلقة بالطب و التي يدرجها المؤلفون في خانة الطب النبوي، غير صحيحة وغير أصلية، مدعما هذه النتيجة بما قاله ابن خلدون بأن أحاديث الطب النبوي لا علاقة لها بالوحي، في تفنيد لما كان ولا يزال منتشرا وسط الذين يروجون بأن الطب النبوي مرتبط بما أنزل على الرسول محمد من وحي، وأن ذلك العلاج هو وحي إلهي.
الطبقة المتوسطة الأكثر إقبالا على التداوي بالأعشاب
و أضاف المتحدث أن الطب النبوي نافس الطب العلمي وسط تحولات مجتمعية و أنثروبولوجية في المجتمع الإسلامي، حيث تمظهر هذا التنافس في خلق طبقة متوسطة في المجتمع قابلة لاستهلاك ما ينتج تحت عنوان الطب النبوي، كون هذه الطبقة لم تكن لها قادرة على التداوي في إطار الطب العلمي، مشيرا إلى أن ابن نديم الوراق نشر مؤلفه «الفهرس» في نهاية القرن العاشر ، و يسرد من خلاله مصادر علم الطب والتي حددها في 164 كتابا لغير العرب، وتمت ترجمتها إلى العربية ما بين القرنين الثامن و العاشر الميلادي، وهنا أبرز المحاضر أن علم الطب نابع من الحضارات القديمة، منها 125 كتابا إغريقيا يضم 12 كتابا لأبي قيراط و37 مؤلفا مدونا بالفارسية و السريالية، و12 مكتوبا بالهندية.
وفي ذات الإطار، تطرقت بعض المداخلات إلى الإقبال الكبير على الطب التقليدي و التداوي بالأعشاب والحجامة و الرقية وغيرها، رغم أن أصحابها لا يحوزون على رخص و يمارسون «شعوذتهم»، خارج الإطار القانوني، حسب المتدخلين، لكنهم يهددون العيادات الخاصة بالدول المغاربية، حيث أغلقت عدة عيادات و الباقي يعاني من نفور المرضى من هذا النوع من التطبيب.
المشكل نفسي بالدرجة الأولى
ويرى  الأستاذ جبار، أن المشكل سيكولوجي يفصل في ذهنية و سلوكات الأشخاص، و لا يكمن في الطب البديل الموجود في كل المجتمعات ولا يقتصر على المجتمع الإسلامي، لكن تحت تسميات و ضوابط مختلفة، فهو نتاج تطور وتراكمات خاصة بكل مجتمع على حدا.
و اختتم الأستاذ جبار محاضرته بالتذكير بعلماء جزائريين منهم المسمى بالتيفاشي الذي تعود أصوله إلى قسنطينة، الذي ألف كتابا سنة 1242 ميلادي بعنوان «أزهار التفكير في الأحجار الكريمة»، حيث شرح فيه المزايا العلمية الطبية لعدة معادن و أهميتها في العلاج وأحدث ثورة علمية حينها بتطرقه للأحجار الكريمة التي كانت توضع للزينة فقط، حيث شرح أهمية مكوناتها في علاج بعض الأمراض، كما ذكر المحاضر عالم آخر وهو ابن حمادوش وهو جزائري أيضا، قام بإعادة كتابة و تدوين عدة أمور متعلقة بالطب من مصادر متعددة.
  جدير بالذكر أن الأستاذ جبار تخصص في البحث في مجال الطب العربي الإسلامي منذ 10 سنوات.
  بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى