الباحث عبد العزيز فيلالي يستعرض ردود أفعال القادة الفرنسيين تجاه الثورة
أكد الدكتور و الباحث عبد العزيز فيلالي  أن مواقف القادة الفرنسيين تجاه الثورة الجزائرية تباينت بين سياسة الترهيب و الترغيب والتقزيم و التجويع  و التهجير و الاعتقال بهدف وأد الثورة في مهدها، مشيرا إلى إصداره الأخير.
في محاضرة ألقاها مساء أمس بقاعة المحاضرات في المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور  بقسنطينة، قدم الدكتور فيلالي قراءة حول كتابه «موقف القادة الفرنسيين من الثورة التحريرية ورد فعلهم بين 1954 و 1956» ، مشيرا إلى أنه تناول عبر 200 صفحة، تباين ردود أفعال و سياسات القادة الفرنسيين من سياسيين و عسكريين و نخبة برلمانية و رجال الفكر و المثقفين.
و أكد المحاضر أن القيادة السياسية الفرنسية عمدت منذ تواجدها على الأراضي الجزائرية إلى تقزيم الثورة، لأنها اعتبرت الجزائر قطعة من فرنسا لا يمكن تقسيمها، عكس باقي المستعمرات في المغرب العربي، التي اعتبرتها مناطق لتواجدها بغرض الحماية فقط، على غرار تونس و المغرب ، ليكون اندلاع الثورة في الفاتح من نوفمبر 1954 بمثابة الضربة القاضية لها، و قد وصفها آنذاك وزير الداخلية  الفرنسي فرنسوا ميتيران بـ»الأعمال المتفرقة والعشوائية لبعض المتمردين والعصابات»، رغم أن اندلاعها كان دليلا على تنظيم وتخطيط محكمين، حيث فاق عدد العمليات العسكرية في ليلة واحدة 60 عملية في وقت واحد و موحد، عبر مختلف ولايات الوطن، شارك فيها كل الشعب الجزائري. فيما وصف آنذاك روني مايير، رئيس الحكومة الفرنسي السابق، الجزائر بالمقاطعة الفرنسية التي لا يمكن بأي حال انفصالها عن الدولة الأم ، لكن بمرور الوقت تأكدت الحكومة الفرنسية أن ما حدث هو انتفاضة حقيقية ، ليباشر بعدها القادة الفرنسيون انتهاج سياسات قمعية من اعتقالات و ترهيب و كذا التجنيد على غرار مشروع الطائر الأزرق بمنطقة القبائل الكبرى الذي عمدت من خلاله القيادة الفرنسية إلى تجنيد شباب جزائريين لقتل الثوار بالجبال، غير أنهم بعد سنة قرروا الانضمام إلى  صفوف الثورة و استشهد منهم 300 شاب،  فيما اعتقلت القوات الفرنسية 600 آخرين و التحق 600 المتبقين بجبهة التحرير الوطني .
و ذكر الدكتور عبد العزيز فيلالي الكثير من القادة الفرنسيين و سياساتهم اتجاه الثورة ،على غرار سوستان و مشروع السيلوك في قسنطينة ، الرامي إلى توزيع الخبز على المواطنين كطريقة لاستمالتهم بعدما أوهمت الحكومة الفرنسية العالم، بأنها جاءت إلى الجزائر لإنقاذ الشعب من الجوع و الفقر .
و تواصلت ردود الأفعال إلى أن تحصلت الجزائر على استقلالها ، و من  أبرزها مشروع شارل و موريس لمنع الإمدادات الحربية و الغذائية عن الجزائر ، و كذا  موقف الجنرال بيجار و ماسو اللذين جلبا حشودا من الجنود الفرنسيين إلى منطقة الأوراس لقتل من كانوا يعتبرونهم مرتزقة .
 و في ختام عرضه لمحتوى كتابه ، أكد المحاضر أن كل هذه السياسات و ردود الفعل على اختلافها، لم تكسر عزيمة الشعب الجزائري المتمسك بحقه في الاستقلال،  حيث باءت كل المشاريع بالفشل و ظهرت الكثير من الانقلابات و الاستقالات في صفوف البرلمان الفرنسي،  و مساءلات كثيرة طالت الحكومة ، بعدما بلغ صوت الثائر الجزائري كل بقاع العالم.                     هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى