حقق معرض الجزائر الدولي للكتاب في أول يوم من افتتاحه رقما قياسيا لأعداد الزوار، مقابل زيادة ملفتة في عدد الناشرين المشاركين في فعاليات الطبعة 24 لسيلا 2019، و في ظل ظروف سياسية استثنائية راهن الكثيرون على تأثيرها على أكبر حدث ثقافي بالبلاد، أسقط الجزائريون كل تلك الرهانات بحضور 48 ولاية بالرغم من تباين أهدافهم بين البحث عن الكتاب، أو التجول بين الأجنحة، أو حتى الجلوس خلف طوابير عربات الطعام التي غزت الساحة الرئيسية لقصر المعارض هذه السنة.
سجل معرض الكتاب الدولي أمس الأول، و في أول من افتتاحه إقبالا هائلا للزوار، أجمع ناشرون وعارضون ممن تحدثت إليهم «النصر» على أنها نسبة أكبر من تلك التي تم تسجيلها خلال اليوم الأول للطبعة الماضية، فيما أكد أحد أعوان الأمن بالمركز التجاري «آرديس» الذي خصص جزءا كبيرا من موقفه لصالح سيارات زوار المعرض، أن التوافد قد بدأ منذ الساعة الرابعة من صباح الخميس، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بالوافدين من ولايات خارجية خاصة الجنوبية و الهضاب، و الذين قدموا في حافلات كبيرة ضمن رحلات منظمة.
و بالإضافة إلى العائلات التي زارت المعرض، حضر أيضا زوار من التلاميذ في إطار رحلات منظمة من المدارس، و هي الطريقة التي تبنتها الكثير من المؤسسات التربوية و عبر عديد الولايات بحسب ما أكدته لنا أستاذة مشرفة على رحلة قدمت من ولاية البويرة و تخص طلبة بالمستوى المتوسط، الأمر الذي خلق أجواء استثنائية و توافدا وصف بالتاريخي من طرف بعض العارضين الذين قالوا بأنه كان يتوقع عكس ذلك في ظل الوضع الراهن للبلاد.
و يبدو أن الجزائريين قد اتفقوا على إسقاط كل تلك التوقعات و الرهانات التي تحدث عنها متابعون للشأن الثقافي قبل انطلاق التظاهرة، حيث توقعوا تناقص الإقبال نتيجة لما تمر به البلاد، خاصة و أن يوم الافتتاح كان عشية الجمعة ، غير أن محبي القراءة أبوا إلا أن يكونوا حاضرين و بقوة للإطلاع على الإصدارات الجديدة و اقتناء ما يبحثون عنه من كتب في سيلا 2019.
نشاطات متنوعة تقسم الجمهور بين التنزه والغوص في عالم الكتاب
الزائر لمعرض الكتاب هذه السنة، لا بد و أن تستوقفه أشياء كثيرة لم نلحظها خلال الطبعات السابقة، و إن غابت اللافتة العملاقة لشعار التظاهرة بالجناح الرئيسي للمعرض هذه الطبعة، إلا أن التنظيم جاء محكما و أكثر دقة، إضافة إلى الكم الهائل للنشاطات التي تم تنظيمها على هامش المعرض و مختلف الفعاليات التي يحتضنها قصر المعارض الصنوبر البحري إلى غاية الـ9 من نوفمبر الجاري.
و ربما تعد أجنحة الحرفيين الذين حطوا بثقلهم ببهو الجناح الكبير أهقار، و كذا الخيام العملاقة التي تعنى بعرض الموروث الثقافي للعديد من المناطق من الصحراء الجزائرية، فضلا عن عربات الطعام التي بدا حضورها هذه المرة قويا و متنوعا، من بين العوامل التي ساهمت في تشتيت الزوار الذين انقسموا بين باحثين عن جديد الكتاب و اقتناء كل ما يبحثون عنه في ظل توفرها من المصدر، و بين من تحولوا إلى التنزه بين الأجنحة و التهافت على عربات الطعام التي كانت طيلة اليوم مكتظة عن آخرها أكثر من بعض أجنحة بيع الكتب.
الكتاب شبه المدرسي
و الديني يواصلان التفوق و الرواية مطلوبة بقوة
يبدو أن سيطرة الكتاب المدرسي و شبه المدرسي و الكتاب النفعي مع الديني ستواصل سيطرتها في مجال المبيعات و نسبة الإقبال، أين سجلنا توافدا كبيرا على جناح «أهقار» المخصص للكتاب المدرسي و شبه المدرسي من طرف الأولياء و أبنائهم، الذين طلبوا كتبا في تخصص الرياضيات، اللغات و كذا اللغة العربية، إضافة إلى كل ما تعلق بالتمارين و الحلول لمختلف الأطوار التعليمية، حيث قالت إحدى الأمهات أن المعرض فرصة فريدة من نوعها لاقتناء الكتب التي من شأنها أن تساعد في تحسين مستوى أبنائهم الدراسي، و التي يحاولون استثمارها لشراء كل ما يفيدهم بعيدا عن ارتفاع الأسعار في المكتبات الخارجية من جهة و ندرة الكتاب من جهة أخرى.

كما يواصل الكتاب الديني التقدم و تسجيل أعلى المبيعات، أين أكد ناشرون و عارضون على أنه الاهتمام الأول بالنسبة للقارئ الجزائري و بمختلف الأعمار و المستويات، ما أكده ممثل عن دار وحي القلم للطباعة و النشر السورية، كما تلقى الرواية اهتمام كبيرا من الزوار بحسب العارضين، خاصة المترجمة منها، و هي الميزة التي حملتها النسخ التي جاءت بها العديد من دور النشر العربية خاصة المشاركة، كالمكتبة الحديثة ناشرون لبنان، التي قدمت مجموعة مهمة من الروايات العالمية باللغتين العربية و الإنجليزية في نسخة واحدة، علما أن روايات كثيرة قد نفدت صبيحة اليوم الأول لدى بعض الناشرين مثل رواية «الجريمة و العقاب» لدوستويفسكي، و رواية « 1984 «لجورج أورويل، «الآراء و المعتقدات» لغوستاف لوبون.
سماسرة الكتاب حاضرون بقوة
لا بد للزائر لمعرض الكتاب أن تستوقفه بعض المشاهد لأشخاص يحملون أثقالا كبيرة من الكتب بمختلف العناوين، واقع وقفنا عليه لأشخاص حضروا في مجموعات يقومون بشراء بعض العناوين ثم يخرجون لوضعها لدى أحد رفقائهم، ليعودوا مرة أخرى لشراء مجموعات أخرى، مما جعل الشكوك تحوم حولهم من كونهم من يسمون بسماسرة الكتاب الذين يقصدون المعرض من أجل اقتناء كتب لإعادة بيعها في أماكن أخرى، و هو المبدأ الذي يتنافى و القوانين الأساسية للمعرض الذي يرفض هذا النوع من المعاملات.
و إن كانت مصالح الجمارك الجزائرية حاضرة بالمعرض بدوريات تجوبه طوال اليوم، إلا أن أمثال هؤلاء تمكنوا من التسلل و شراء ما أرادوا، و يتعلق الأمر بشكل خاص بالباحثين عن الكتاب الديني و شبه المدرسي و الكتب العلمية الأكثر طلبا بحسب بعض العارضين الذين عبروا عن رفضهم لمثل هذه الممارسات.
الألعاب التعليمية تستقطب الزوار و تغري العارضين
مثل الطبعة السابقة، سجلنا إقبالا كبيرا من طرف الأولياء على ألعاب تنمية الذكاء خاصة الخشبية منها، و الألعاب التي تفيد مرضى التوحد و كذا تطوير المهارات الفكرية لدى الطفل، و على الرغم من ارتفاع أسعارها، إلا أن الأولياء يشترونها مثلما قال أحدهم لنا و الذي أكد أنها تحسن مهارات التفكير لدى طفله بدلا عن اللعب البلاستيكية غير المفيدة و التي تتلف بسرعة.
و قد شجع هذا الإقبال العديد من العارضين على تخصيص جزء من أجنحتهم لعرض مثل هذه الألعاب و السلع، حال شركة ماس للإنتاج التعليمي شركة أعمالنا الدولية المصرية التي حطت بأنواع كثيرة و مبتكرة في هذا المجال بعد أن وجدت فيه استثمارا يرقى لاهتمامات الزبون بحسب مسؤول الشركة.
و في انتظار أن يفصح القائمون عن المعرض عن الأرقام الفعلية لزوار «سيلا 2019»، يبقى الجزائري مواطنا يحب القراءة بحسب شهادات من تحدثنا إليهم بالمعرض خاصة من المشاركين الأجانب، ما يعكسه التوافد الهائل في أول يوم مقابل غياب شبه كلي عن معرض الجزائر للأثاث الذي يحتضنه قصر المعارض الصنوبر البحري في نفس الفترة.
إ.زياري

في ندوة فكرية خلال اليوم الأول سيلا 2019
ناشرون يدعون لتطهير شبكة توزيع الكتاب بالجزائر
دعا أمس الأول بالجزائر العاصمة، ناشرون و أدباء جزائريون إلى العمل من أجل ما أطلقوا عليه، تطهير شبكة طبع و توزيع الكتاب على المستوى الوطني، متحدثين عن وجود دخلاء على المهنة، لا تتعدى مهمتهم طبع الحبر على الورق.
قال رئيس لجنة النشر و التوزيع للمركز الوطني للكتاب و صاحب نشر دار الأمة، حسان بن نعمان، في أول ندوة تم تنظيمها على هامش فعاليات الطبعة 24 للصالون الدولي للكتاب بالجزائر “سيلا 2019”، أن نسبة المقروئية في الجزائر تراجعت بشكل رهيب في السنوات الأخيرة، ما تعكسه الأرقام المسجلة على مستوى وزارة الثقافة و التي تحصي اليوم 78 مكتبة عبر كامل التراب الوطني، بعد أن كان لكل مدينة مكتبة في إطار سياسة توزيع و نشر الكتاب.
و أضاف بن نعمان لدى تنشيطه ندوة فكرية بعنوان “التصريح المسبق لحماية الأنشطة الخاصة بالكتاب” تحت إشراف مدير الكتاب و المطالعة العمومية لدى وزارة الثقافة جمال فوغالي، أن مجال النشر و التوزيع أصبح مفتوحا لكل من هب و دب، فالمؤلف أصبح ناشرا، و المطبعي أصبح ناشرا، متحدثا عن ضرورة تضافر جهود الناشرين الحقيقيين على المستوى الوطني، قصد إيجاد الحلول الكفيلة بإعادة القطار إلى السكة.
بن نعمان، دعا أيضا إلى ضرورة تطهير شبكة توزيع الكتاب بالجزائر ممن أسماهم بالدخلاء ، من أجل مواصلة الناشرين الفعليين و هم 470 ناشرا معروفين بنشاطهم،حسبه، مع 52 موزعا و 75 مؤسسة نشر و توزيع، و هي أرقام تسمح برسم خارطة فعلية و آمنة لنشر الكتاب في الجزائر، كما قال.
من جانبه، وصف عضو لجنة النشر و التوزيع أمحند إسماعيل، واقع نشر الكتاب بالمؤسف، و أكد أن كل من يشتغل في مهنة الكتاب يعاني، متحدثا عن وجود من اعتبرهم ناشرين مهنيين فقط، لأنهم لا يقومون، حسبه، سوى بعملية طبع الحبر على الورق، إضافة إلى الناشر الموسمي الذي لا يظهر إلا في المناسبات، مثل معرض الجزائر للكتاب، مؤيدا فكرة تطهير القائمة من كل هؤلاء لضمان سيرورة مرنة للعملية في مجملها و السماح باسترجاع الكتاب لمكانته السابقة.يذكر أنه قد تمت برمجة العديد من الندوات الفكرية و الثقافية على هامش الصالون الدولي للكتاب الذي تستمر فعالياته إلى غاية  9نوفمبر الجاري بقصر المعارض الصنوبر البحري بالعاصمة.                                                                  إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى