صدرت مجموعة شعرية جديدة للشاعر رفيق جلول بعنوان «تُفّاحةٌ لم تسقط على رأسِ بدويّ» عن دار خيال للنشر والترجمة، تقع في 66 صفحة.
وقد أهداها الشاعر إلى الجمال المتبقي من العالم «إلى كلّ جمال يبقى من العالم»، وكأنّ الشاعر يُقر أنّ الجمال في هذا العالم قليلٌ ونادرٌ و آيلٌ إلى زوال، فهل هي نظرة سوداوية من الشاعر أملتها أحداث وحياة خاصة. هل هي أفكار ذاتية في سياقات شديدة الخصوصية أفضت إلى هذه النظرة وهذا الاِعتقاد، أم هي نظرة فيها من الحقيقة الكثير؟
المجموعة ضمّت بين صفحاتها أيضا نصوصًا شعرية تحتفي/ و ترثي بعض الأسماء الأدبية الراحلة، ففي قصيدته «لحظات اِفتراضية قبل الغياب» تُخيم ظلال درويش على أبياتها وسطورها و أهداها جلول إلى الراحل درويش، وفيها يستحضر صاحب «مديح الظل العالي»، في ذكرى رحيله العاشرة، بلغة فيها الكثير من الشجن المشحون بمحبة درويش ونصوصه وعوالمه.
 رفيق جلول، اِستحضر أيضا الشاعر الراحل عثمان لوصيف في نص بعنوان «صلوات للشِّعر.. وميلاد خاتمه»، و فيه يرثي صاحب «أعراس الملح»، كأنّ الشّعر في أكثره في هذه المجموعة تحديدا فسحة للرثاء، رثاء الراحلين الغائبين ورثاء الحياة التي في أغلبها تشبه الكدمات في ذاكرة الشاعر وفي نصوصه.
المجموعة ضمّت أيضا شذراتٍ عديدة، متفاوتة في فنيّاتها وشعريتها وإحالاتها. أسقط فيها/وعليها الشاعر بعض هواجسه وأحزانه، بعض محطات الحياة وحالاتها. إنّها ليست فقط التفاحة التي لم تسقط على رأس البدوي/ الرمزي، لكنّها التفاحة التي تحمل أكثر من دلالة وأكثر من مغزىً وأكثر من إسقاط.
الشاعر ذهب أيضا إلى الطفولة ومراجيح أحزانها وذكرياتها من خلال نصه «مراحل من الحياة»، وفيها نكتشف ندبة مُعلقة في الذاكرة.. إنّها الطفولة الحزينة العصيّة على بهجات العمر الأوّل.
 إنّها أنين الفقد الّذي يذرفه الشاعر حرفًا حرفًا وغصةً غصة و من خلال هذا الذرف ينشد الشاعر الطمأنينة والكينونة الهانئة، لكن كأنّ هذا النشد مستحيلٌ وغير مُمكنٍ في آن.سؤال الوجود و الذات يتجلى أيضا في نصوص المجموعة، في «نشيج الموت» مثلا حيث يحتفي الشاعر بالموت أيضا، يستلذه ويُعلي من هالته. وفي نصوصه كلها تقريبا نقرأ أسئلة وجودية، ترتعش بين فكي اليقين والشك، اليقين بلحظة الحياة والشكّ بها في آن. هذا الشكّ الرمزي والمعنوي، يصل إلى لبّ الذات، إذ يقول «تفقد سيطرتك في جمع خيوط اليقين/ لتصير أنت الشكّ المُتبقي الوحيد في ذاتك».. «تُرمم ما تبقى لك من وقت في الحياة». «لا معنى للوجود دون سؤال من أنا؟». أمّا في نصه «لا يتسع العالم» فتتجلى أيضا معاني السأم والضجر من العالم و الحياة و الأيّام، في لغة تحتضن كلّ هذه الحالات وتنغمس فيها و بها.
نوّارة لحرش

الرجوع إلى الأعلى