استمتع جمهور  مسرح قسنطينة الجهوي أمس، بمسرحية أرامل التي عادت بطلاتها إلى الركح مجددا، بعد أول عرض شرفي لها مطلع السنة الجارية، ليتجدد اللقاء مع عشاق أبي الفنون في أمسية حضرها الكثيرون و تألقت فيها النجمات موني بوعلام و نجلاء صرلي و ياسمين عباسي.
العمل اقتباس للمخرجة شهيناز نغواش، من  النص العالمي «مدرسة الأرامل» لجون كوكتو  بطولته نسوية ثلاثية، تقاسمت فيها الفنانات مهمة ترجمة وجع المرأة و كن بمثابة مرآة عاكسة لهواجسها و مخاوفها التي تسكنها بعدما تتعرض للخيانة و العنف بكل أساليبه، إذ استطعن صهر مشاعر وأحاسيس والأفكار  متناقضة و مختلطة ضمن قالب واحد ليشكلن عملا جامعا يزاوج بين الكوميديا و التراجيديا بطريقة ناجحة.
وقد أكدت بطلة العمل موني بوعلام للنصر،  على هامش العرض،  بأن فريق العمل حاول تكريس الخصوصية الجزائرية  و إسقاط الأحداث على الواقع المحلي من خلال استخدام بعض العبارات و ضبط التصور العام لبعض المشاهد، حتى وإن كان النص  في العموم صالحا لكل زمان و مكان باعتباره عملا عالميا موضوعه المرأة وفقط، إذ يروي قصة  معاناة سيدة برجوازية ضحت طوال حياتها من أجل إرضاء  زوجها الذي كان يستغل مالها و نفوذها،  بعدما لمس فيها الخوف من نظرة المجتمع للمرأة المستقلة و المتحررة، حيث بلغت درجة وفائها له حد رغبتها في الموت و اللحاق به بعد وفاته، فحزنت كثيرا عليه و ظلت قابعة في المقبرة تبكي جثته  التي حنطتها لحمايتها من التعفن، غير أنها اكتشفت من  خادمتها الوفية  بأنها كانت ضحية خيانة كبيرة هو بطلها،  فبينما مارس عليها كل سبل الاستغلال و الظلم و عزلها عن المجتمع  كان هو يسعى لإشباع رغباته و نزواته على حساب عواطفها،  و لم يتوان في خيانتها مع غيرها من نساء المدينة، ما دفعها إلى  إعادة النظر في حياتها و التفكير في بداية جديدة بعيدا عن القيود و عن نظرة المجتمع البائسة، وهكذا قررت الدخول في علاقة حب مع  حارس المقبرة الذي أعجب بوفائها لزوجها.
و أضافت موني، بأن المسرحية لم تنصف بالشكل الكافي بسبب قلة العروض، فباستثناء عرضها الشرفي السنة الفارطة،  لم تعد إلى الركح مجددا لاعتبارات قالت بأنها عديدة، مؤكدة من ناحية ثانية، بأن مسرح قسنطينة الجهة المنتجة للعمل، يسعى مستقبلا بالتنسيق مع الممثلين و المخرجة لبرمجة عروض أكثر داخل و خارج الوطن، خصوصا بعد النجاح الذي حظيت به المسرحية عشية أمس، إذ صفق لها الحضور مطولا، و أثنى الكثيرون على مستوى الأداء الباهر للممثلات اللائي نجحن في الجمع بين الابتسامة و الحزن، كما استطعن تصوير واقع نساء  هن ضحية ذهنيات متحجرة و رجعية  رغم مكانتهن الاجتماعية و العلمية .
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى