رحل أمس الثلاثاء، المترجم الفلسطيني السوري المعروف، صالح علماني، المُتخصِّص في ترجمة الكُتب والأعمال الأدبيّة من الإسبانيّة إلى العربيّة. الراحل من مواليد العام 1949 في مدينة حمص السورية، وفيها نشأ وأمضى معظم سنوات طفولته. درسَ في وقتٍ لاحقٍ الطب في الجامعة لكنّه تحوّل لدراسةِ  الأدب الإسباني وذلكَ مع صعود تيار الرواية اللاتينية وبروزها عالميًا في أواخر الستينيات وبداية السبعينيات.
بدأ صالح علماني عملهُ في وكالة الأنباء الفلسطينية ثمّ أصبحَ مُترجمًا في السفارة الكوبية بدمشق وعمل بعدها في وزارة الثقافة السورية وبالضبطِ في مديرية التأليف والترجمة وكذا في الهيئة العامة السورية للكِتاب إلى أن بلغَ سنَّ التقاعد العام 2009.
تخصّص علماني منذ أواخر السبعينيات في ترجمة الأدب الأميركي اللاتيني ثمَّ زادت شهرته حينما ترجمَ لأبرز كُتاب أميركا اللاتينية بِمَا في ذلك غابرييل غارسيا ماركيز و‌إيزابيل اللندي و‌جوزيه سارماغو و‌إدواردو غاليانو وأسماء أخرى كثيرة. وقد قدّم عشرات الترجمات المتنوعة في شتى مجالات الفكر والأدب، توزعت بين الرواية بشكل أساسي، والشّعر والمسرح والمذكرات، وبدرجة أقل النقد لأنّه في مجال النقد نقل دراسات قليلة جدا هي: "رؤى إسبانية في الأدب العربيّ"/مؤلّف مشترك 1990، و"نيرودا.. دراسة نقدية" لألبيرتو كوستي 1982، ومؤلّفات تاريخية، منها "أميركا اللاتينية: تاريخ الحضارات القديمة ما قبل الكولومبية" للاوريت سيجورنه 2003، "إسبانيا، ثلاثة آلاف عام من التاريخ" 2004. في حين ترجم أكثر من مائة رواية من أهم وأشهر وأكبر روايات أمريكا اللاتينية.
يُعتبر علماني أكثر وأهم وأشهر المُتخصصين في ترجمة أعمال الروائي الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز. إذ اِستحوذ ماركيز على اِهتمامه وشغفه منذ أن قرأ روايته "مئة عام من العزلة" وهو لا يزال على مقاعد الدراسة، وهذا ما جعله يشتغل على معظم رواياته وينقلها إلى العربية. وقد ترجم معظم روائعه، بداية من: "ليس لدى الكولونيل من يُكاتبه"، التي كانت أوّل رواية يترجمها عام 1979. وحققت رواجًا عربيًا لافتًا، وشهرةً واسعةً لمُترجمها الّذي ذاع صيته بفضلها مُباشرةً. ما جعله يُواصل مشوار الترجمة بكثير من الجهد والتميز والاِنتشار. لتتوالى بعدها روائع غارسيا التي نقلها علماني إلى العربية، مثل: "الحب في زمن الكوليرا" 1986، "قصة موت مُعلن" 1981. "مئة عام من العُزلة"، "عشتُ لأروي"، "ساعة الشؤم" 1987، "الجنرال في متاهة" 1989، "قصص ضائعة" 1990، "اِثنتا عشرة قصة مهاجرة" 1993، "عن الحب وشياطين أخرى" 1994، "القصة نفسها مختلفة" 1996، "حادثة اِختطاف" 1997، و"ذاكرة غانياتي الحزينات" 2004، وغيرها.
كما ترجم للروائي ماريو فارغاس يوسا بعض أعماله الروائية منها: "حفلة التيس"، "دفاتر دون ريغوبرتو"، "رسائل إلى روائي شاب"، "في اِمتداح الخالة"، "من قتل بالومينو موليرو"، "شيطنات الطفلة الخبيثة". ترجم أيضا للروائية إيزابيل أيندي، رواياتها: "إنيس... حبيبة روحي"، "اِبنة الحظ"، "صورة عتيقة"، "حصيلة الأيّام"، "باولا". ترجم علماني أيضا كُتبا أخرى كثيرة منها: "كلّ الأسماء" و"اِنقطاعات الموت" لجوزيه ساراماغو. "مدينة الأعاجيب" لإدواردو ميندوثا. "رؤى لوكريثيا" لخوسيه ماريا ميرينو. "الرّيح القوية" لميغل أنخل أستورياس. "أبوباباكواك" لبرناردو أتشاغا. "كرة القدم بين الشمس والظل" لإدواردو غاليانو. "عرس الشاعر" لأنطونيو سكارميتا. "بيدرو بارامو" لخوان رولفو. "عبده بشور الحالم بالسفن" لألفارو موتيس. "النشيد الشامل" لبابلو نيرودا. وأربع مسرحيات للوركا.
بعدما ترجمَ عشرات الكُتب عن الإسبانية؛ طالبَ خمسةٌ من أبرز كتّاب أميركا اللاتينية الذين ترجم لهم الحكومة الإسبانية بأن تمنحه الإقامة تكريمًا لمنجزه في نقلِ إبداعات وآداب اللّغة الإسبانيّة إلى العربيّة، وهو ما حصلَ حينما مُنح الإقامة في إسبانيا مع عائلته بعد نزوحه من سوريا.
حصلَ علماني على العديد من الجوائز والتكريمات نظير جهوده الترجمية الكثيرة، من بينها جائزة "جيرار دي كريمونا للترجمة" عام 2015. "وسام الثقافة والعلوم والفنون" من السلطة الفلسطينية عام 2014، و"جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي" عام 2016.
شارك الراحل في العديد من المؤتمرات والندوات والملتقيات العربيّة والدوليّة حول الترجمة. وأشرف على عدد من ورش الترجمة التطبيقية في الترجمة في معهد سيرفانتس بدمشق.
ترجم صالح علماني ما يزيد عن مائة عمل عن الإسبانية، هي محصلة وحصيلة جهوده الطويلة المتواصلة خلال أكثر من أربعين عاماً قضاها في ترجمة أدب أمريكا اللاتينية، والأدب الإسباني عموماً. يبقى صالح علماني علامة بارزة في الترجمة، ويكفي أنّ ملايين قُراء العربيّة، قد اِكتشفوا بفضل ترجماته أهم التجارب البارزة في أدب أمريكا اللاتينية.
نــــوّارة/ ل

الرجوع إلى الأعلى