رقمنة الأرشيف ضرورة للحفاظ على ذاكرة الشعوب
دعا مختصون و أساتذة، نشطوا على مدار اليومين الماضيين فعاليات ملتقى دولي حول رقمنة الأرشيف  بجامعة قسنطينة2، إلى الاهتمام أكثر بتطوير تقنيات الرقمنة المعلوماتية لحماية الأرشيف من التلف حفاظا على ذاكرة الشعوب.
الملتقى الذي اختتم يوم أمس، احتضنه قسم التقنيات الأرشيفية في معهد علم المكتبات و التوثيق في جامعة عبد الحميد مهري ، لمناقشة إشكالية الأرشيف و تواصل الأجيال في مجالات الاستفادة و تحديات التوثيق و الحفظ على المدى الطويل، وهي محاور بت فيها باحثون من عدة جامعات جزائرية و دولية  على غرار وهران و بانتة و أم البواقي و سلطنة عمان و تونس،  حيث دعا المحاضرون  إلى ضرورة الاهتمام برقمنة المعلومات و حماية الأرشيف الرقمي من التلف للحفاظ على ذاكرة الشعوب في ظل التسارع الكبير للأحداث عبر العالم  و اتساع رقعة التكنولوجيا الرقمية و تعدد الوسائط الافتراضية، ما يجعل حفظ الأرشيف بعد عملية رقمنته ضرورة قصوى تستدعي تكاثف جهود عديد القطاعات، مع تسطير إستراتيجيات عمل على المدى البعيد و إتاحة هذه المادة البحثية للراغبين في استخدامها أو الاطلاع عليها،  ناهيك عن تعزيز مواقع الأرشيفات الوطنية لتسهيل الوصول إلى محتواها باستخدام مختلف الأوعية الحديثة التي تتطلب رصد ميزانيات جد ضخمة و  تجنيد الموارد البشرية ذات الخبرة و الكفاءة مع النهل من تجارب الدول المتقدمة التي خطت أشواطا كبيرة في رقمنة الأرشيف و تجاوزت ذلك إلى مرحلة الحفاظ عليه.
وشملت المداخلات عرض بعض الدراسات و  النماذج الميدانية عن رقمنة بعض المصالح على غرار مصلحة أرشيف المديرية الجهوية لمسح الأراضي في قسنطينة، كدراسة حالة قدمتها الأستاذة ليليا غربي  و هو المشروع الذي أطلقته وزارة المالية سنة 2017، و دخل حيز الخدمة مؤخرا و  شمل رقمنة أزيد من  16 ألف خارطة ما بين فترة الاستعمار إلى يومنا هذا  و هي مقسمة بين المجال الحضري  والريفي لتسع ولايات شرقية  زيادة على خرائط جوية أنجزتها وزارة الدفاع الوطني  وخرائط قديمة جدا تعود لسنة  1798، وحسب الأستاذة،  فالمشروع كان يهدف أساسا إلى  الحفاظ على الأرشيف الورقي كموروث حضاري و خلق البديل الرقمي الإلكتروني لحفظه و إتاحته للباحثين و المعنيين بالسحب كأصحاب العقارات  و القطع الأرضية، و حماية  الأصل الورقي من الاستخدام اليدوي الذي يعرضه للتلف خاصة الخرائط ذات القيمة الفنية العالية، و خلق وسائط إلكترونية كبديل للقطعة الأصلية، و أشارت المتحدثة أن المشروع قد سهل عمل المصلحة التي تعرف ضغطا رهيبا خاصة ما تعلق بعمليات البحث و استخراج الخرائط ، حيث أضحى من السهل الوصول لأية خارطة في ظرف قياسي مع خاصية الحفاظ على النسخة الأولى، من جهتهما قدمت الأستاذتان سامية سليم الشقصية و أسماء بنت مبارك بني عرابة من سلطنة عمان تجربة المنصة الإلكترونية لوزارة التراث و الثقافة  للسلطنة كنموذج و التي شملت رقمنة 5 آلاف مخطوط معرفي تراثي داخل منصة الكترونية ، و قد استغرق المشروع سنة كاملة من الدراسة و تكوين الإطارات  و حاليا المنصة متاحة للاستخدام العالمي لكل الراغبين في الحصول على نماذج رقمية عن بعض المخطوطات التراثية في علم القرآن الكريم و الطب و الرياضيات و التاريخ ، و هو المشروع الذي سمح بالحفاظ على جزء هام من ذاكرة البلد، خاصة و أن بعض المخطوطات قديمة جدا، حيث سيسمح بالحفاظ عليها و تواصل تداولها بين الأجيال بإتاحة الوصول إليها عبر المنصة و هو الهدف المرجو من عملية الأرشيف الرقمي لحمايته النموذج الأصلي من التلف مع التعديل الدائم  للحاملات الالكترونية وفق كل التغيرات لاستمرارية عملية صون الأرشيف بمختلف إشكاله.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى