يناشد الغيورون على الآثار و المعالم التاريخية التي تزخر بها ولاية تبسة، و في مقدمتهم  الجمعية المحلية “مينارف” للبحوث والدراسات الأثرية،  التي تهتم  بالمواقع الأثرية و ترقيتها وتطويرها، وزيرة الثقافة، التي تقوم بزيارة إلى الولاية اليوم وغدا، بمشروع لبناء متحف تعرض فيه التحف الأثرية التي تم اكتشافها مؤخرا، و كذا التحف الأخرى المتواجدة بعديد المواقع عبر الولاية، لحمياتها من السرقة والإتلاف.
وكشف مراد حميدان، رئيس الجمعية أن عملية تهيئة وتحضير موقع “بلاد الحدبة” ببلدية بئر العاتر ، للشروع الفعلي في استغلاله من أجل استخراج الفوسفات الخام، و تحويله عبر عدة مصانع وتصديره إلى الأسواق العالمية، أسفرت عن اكتشاف قرابة 40 موقعا أثريا يعود للحقبة التاريخية القديمة ، يضم تحفا وقطعا أثرية نادرة، و تدخلت حينها كل من إدارة المتاحف والمواقع الأثرية لولاية تبسة والمركز الوطني للبحوث والدراسات الأثرية، من خلال إرسال مختصين، لاستخراج عينات من هذه التحف الأثرية التي تم تحويلها إلى الجزائر العاصمة، لفحصها والتأكد منها ودراستها.
و شدّد المتحدث في نفس السياق، على ضرورة الإسراع في تجسيد هذا المشروع  لحماية الموروث الثقافي المادي الذي تزخر به ولاية تبسة من الاندثار والزوال، مشيرا إلى أن هذه الولاية الحدودية تضم 27 موقعا أثريا مصنفا، وما لا يقل عن 2500 موقع آخر ذي بعد عالمي غير مصنف، فضلا عن 7500 قطعة و تحفة أثرية تعود  إلى مختلف الحضارات، و ذلك عبر مختلف المواقع، من بينها 3500 موزعة بين معبد مينارف  ومتحف تيفاست بعاصمة الولاية.
وتنام ولاية تبسة على مواقع أثرية هامة، لا تكاد تمر سنة أو أقل، إلا ويتم اكتشاف جزء منها، وعادة ما يتم اكتشافها بالصدفة، لاسيما أثناء أشغال الحفر، و كدليل على ذلك اكتشاف موقع أثري قبل فترة ، من طرف إحدى مؤسسات البناء، بالمخرج الغربي لمدينة بئر مقدم “ كلم غرب تبسة”، أين كان عمال المؤسسة يقومون بأعمال الحفر بهذا الموقع لبناء ملعب، وفجأة اكتشفوا حفريات و سراديب تحت الأرض مبنية بالحجارة، بالإضافة إلى طاحونة قديمة و جرة ضخمة مصنوعة من الفخار، و على الفور تم توقيف أشغال الحفر لفسح المجال لزيارة فريق من علماء الآثار إلى عين المكان من طرف المصالح المعنية بوزارة الثقافة،  لتفحص هذا الاكتشاف و تحديد حقبته التاريخية.
كما تم بشرق مدينة بئر مقدم، و تحديدا بالمكان المسمى “تازبنت” ، اكتشاف سلسلة من المطامير الأرضية المصنوعة من الحجارة، كانت تستخدم لتخزين محاصيل الحبوب و زيت الزيتون، يعود تاريخها إلى العهد الروماني.
 وإلى أقصى جنوب الولاية، اكتشف فلاح في الشهر الماضي، فسيفساء بالمزرعة التي يملكها  في منطقة تيفاش في بلدية نقرين، فأسرع إلى تبليغ المصالح المعنية عن هذا الاكتشاف الجديد، و كشفت وزارة الثقافة في بيان لها حينها، أن هذا الاكتشاف تم بعد حفرية غير مرخصة و غير معلنة، أجرتها مجموعة مشبوهة من الأشخاص، تسللت إلى غابة صاحبها، ومن منطلق حسه المدني، سارع صاحب المزرعة بإبلاغ السلطات المعنية لحماية الممتلك الثقافي، و بعد أن علمت مديرية الثقافة بالموضوع، أبلغت الوزارة، فأوفدت وزيرة الثقافة، فريقا من خبراء المركز الوطني للبحث الأثري، لمعاينة الممتلك واتخاذ الإجراءات الاستعجالية لحمايته، بالتنسيق مع السلطات المحلية المدنية والأمنية.
وجاء اكتشاف هذه التحفة الأثرية، بعد أسبوعين من العثور على لوحة فسيفسائية نادرة، تعود إلى العهد الروماني، بالقرب من قصر نقرين، وهي لمعلم جنائزي، يعود إلى القرن الرابع أو الخامس ميلادي، أي في نهاية العهد الروماني، و هي مرحلة ازدهار بشمال إفريقيا، فضلا عن اكتشاف عديد المواقع الأثرية تعود للحقب البونية و الرومانية و البيزنطية بمنطقة تبسة “تيفاست القديمة”، ثاني مدينة شيدت بإفريقيا الشمالية بعد قرطاج بتونس، وتتوفر ولاية تبسة على تراث أثري و تاريخي ثري عبر أكثر من 500 موقع، حيث تم تصنيف عدد منها في التراث الوطني والبعض الآخر في التراث العالمي.
ع.نصيب

الرجوع إلى الأعلى