طغيان المواقف على المعارف  أجّج خطاب الكراهية
دعا مختصون في أصول الفقه و الشريعة في ندوة علمية احتضنتها أمس جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، إلى ضرورة توحيد العلوم الإسلامية التي بدأت، في نظرهم، تبتعد عن منطق القرآن الكريم،  و ذلك لنبذ خطاب الكراهية، مقرين بأن الخلاف في ما بينها بلغ حد الأزمة، كما طغت المواقف على المعارف، التي أصبحت تخضع لمنطق الشعارات، كما حثوا على إلزامية معالجة التطبع الثقافي  و التقليل من هيمنة المذاهب على العقول.  
في ندوة بعنوان «دور العلوم الإسلامية في وحدة الأمة و نبذ خطاب الكراهية» ، تطرق أساتذة، كل من منظوره، إلى موضوع تفشي خطاب الكراهية ، من بينهم الدكتور أحمد ديب الذي قدم مداخلة «الوصل بين العلوم الشرعية و علوم الإنسان»، حيث  قال بأن العلوم الإسلامية اليوم لم تعد موحدة، و بدأت تبتعد عن منطق القرآن الكريم ، مقرا بوجود إشكاليات كبيرة في تطبيقه ، و أصبح  الاقتباس منه يتماشى بما يخدم أنساقا معرفية خاصة، بعيدا عن النسق القرآني، فأهل التفسير مثلا يقاربون آيات القرآن، حسبه، بمنظوراتهم المنهجية الخاصة، و أهل الفقه يفسرونه من منطلقه الفقهي، إذ تغيب، كما قال، الروح القرآنية عن المدونات الفقهية، حيث أصبحنا نتعامل مع القرآن كشاهد لنا لا كشاهد علينا .
ذات المتدخل أثار مشكلة الحوار مع الذات التي تعد، حسبه، من أسباب تفشي خطاب الكراهية ، و أعتبرها أعقد من الحوار الخارجي،  لكونها في غاية الغموض ، مشيرا إلى أن قضية الخلاف  الداخلي بلغت حد الأزمة، حيث طغت المواقف على المعارف، و أصبحت مقاربتها تخضع لمنطق الشعارات و ليس لمنطق المعارف المقصودة ، كما قال ، داعيا لضرورة توحيد رؤى أصحاب التصورات الإسلامية و العلوم الإسلامية التي تنبثق من غاية واحدة و هي خدمة الحقيقة الدينية.
و أوضح بأنه من المفروض الشروع في تعميم العلوم الإسلامية الصلبة المتماسكة منهجيا، كعلم الأصول و علم الحديث، لكون الأول بمثابة  رياضيات أهل الشريعة، و منهج علمي لإنتاج الأفكار العلمية و ترشيد الخلاف التي تنتجه هذه الأفكار العلمية، كما حث على ضرورة معالجة التطبع الثقافي و سيطرة المذاهب و الاتجاهات و القوالب الذهنية، بخلق بؤر توتر تعتمد على تجارة الأفكار التي اعتبرها كأداة علاجية.
من جهته تطرق الدكتور عبد الرزاق بلعقروز، أستاذ فلسفة بجامعة سطيف، إلى موضوع «عوائق التربية الفكرية و سبيل التغلب عليها « قائلا،  بأن العائق الأول هو التطبع الثقافي  الفكري و الحركي و الصناعي.  أما الثاني  فيكمن في أمراض  التفكير، من بينها التفكير التجزيئي أي أن الفرد ينظر للأشياء من منظور واحد فقط ، و يركز على جزئيات و يضخمها، و كذا النوع المتعلق باعتقاد أن المشكلة تحل بالخطابة و الكلام المنمق دون ربطها بالواقع، و هذا ما يوقع الكثير في استعمال خطاب الكراهية و تكون تأثيراته جد سلبية.
  كما ذكر نوعا آخر  من التفكير يقوم على مبدأ يتمثل في حل مشكل العصر الحالي، استنادا إلى ما تداوله كبار العلماء في القديم ، و هذا ما اعتبره خللا كبيرا ، داعيا لضرورة تعلم الاجتهاد الفكري و تقوية القدرات المعرفية و الفكرية، و خلق معارف تتماشى و مشكلات العصر،  كما حث على تربية النفس و اليقظة ، مضيفا في ختام حديثه بأنه لابد أن يتوجه الجهد المعرفي للباحثين إلى استخلاص نظرية المعرفة عند  علماء الإسلام لتكون الحاضنة لمناهجها   .
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى