مناهج التعليم العربي إبان الثورة كانت أفضل
نشطت مساء أمس، الأستاذتان الزغدة فيلالي و عقيلة بن دغة، محاضرة بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور بقسنطينة، تحدثتا خلالها عن واقع التعليم العربي إبان الثورة التحريرية، باعتبارهما من بين أوائل تلاميذ مدرسة التربية و التعليم، حيث اعتبرت الأستاذة و المجاهدة  عقيلة بن دغة، بأن مستوى التعليم العربي في تلك الفترة، كان أفضل رغم نقص الإمكانيات، مشيرة إلى أنه يتعين على القائمين على المدرسة الجزائرية و رجال التعليم اليوم، الاقتباس من المناهج القديمة لرفع مستوى التلاميذ، ومواجهة ما وصفته بدسائس الإدارة لإضعاف مكانة اللغة العربية.
و قالت المجاهدة، التي قضت سنوات من عمرها بين السجن و الإقامة الجبرية، خلال مشاركتها في الندوة الثقافية المنظمة، بالتنسيق مع مؤسسة الإمام الشيخ عبد الحميد بن باديس، بأنها تعتبر نفسها شاهدة على مرحلة حرجة من تاريخ التعليم العربي في الجزائر، لأن هذا المجال كان الاستعمار يحاربه بهدف طمس الهوية، حيث عادت المتحدثة بذاكرتها إلى سنوات خلت، عندما كانت تلميذة بمدرسة التربية والتعليم بشارع ربعين شريف، المؤسسة التي بنيت و جهزت، حسبها، بأموال الشعب، دعما لمساعي العلامة في نشر الوعي و خدمة اللغة العربية، مؤكدة أن المدرسة كانت في البداية مختلطة، تضم ذكورا وإناثا، وكانت أبوابها تفتح بعد السادسة مساء،  لتعليم العربية لتلاميذ المدارس الفرنسية، قائلة بأنها واحدة من تلاميذ ثالث دفعة في الشهادة الابتدائية تخرجوا من هذا الصرح سنة 1955.
المتحدثة، تطرقت خلال مداخلتها، إلى مراحل عديدة من حياتها، مؤكدة بأن مجاهدات وشهيدات قسنطينة ، معظمهن تتلمذن على يد أساتذة التربية و التعليم، و تشبعن بمبادئ اللغة العربية،  على غرار رقية غيموز و مباركة لوصيف و الضاوية محزم، و مسعودة باية و مليكة بن الشيخ الحسين و نعيمة بن الشيخ الحسين  زوجة السعيد حمروش، و لم تكن أعمارهن تتجاوز 16 إلى 17 سنة، خلال التحاقهن بصفوف جيش  التحرير الوطني، ومنهن من توفيت وهي حامل،  فيما استأنفت أخريات دراستهن بعد الاستقلال و التحقن بالجامعة، منتقدة في سياق حديثها، إجراء منح أفضلية 10 نقاط في الترقية للمجاهدين، إذ ترى أن العلم يظل المجال الوحيد الذي يجب ألا يتضمن المجاملة، فهو ، كما قالت،  يجب أن يكون اجتهادا شخصيا خالصا.
الأستاذة عقيلة بن دغة، تطرقت أيضا إلى وضعية أساتذة اللغة العربية بعد الاستقلال، الذين كانوا يفتقرون لإطار تنظيمي ، ما تطلب إخضاعهم لبرنامج تدريب و تكوين مكثف، خلص الى استحداث إطار مساعد، لتسهيل تصنيفهم في  مرحلة لاحقة.
مستوى بعض الأساتذة المصريين كان أقل من تلاميذهم الجزائريين
من جانبها، قالت الأستاذة الزغدة فيلالي، بأنها كانت من بين تلميذات مدرسة الحياة، بحي الجزارين، أين كان أساتذة و مشايخ جمعية العلماء المسلمين على غرار  غيموز رقية و الشيخ الزاهي و الشيخ بريهوم و الشيخ حسين و الشيخ جموعي، يشرفون على تدريس تلاميذ ثلاثة أطوار تعليمية، داخل ثلاث غرف ضيقة، آنذاك كان ينظر إلى التعليم العربي بدونية، كما عبرت، حتى من قبل الجزائريين الموظفين بالإدارة الفرنسية، مع ذلك  فقد استطاعت هذه المدرسة و غيرها، على غرار مدرسة التربية و التعليم و معهد الشيخ بن باديس، أن تقدم الكثير للتلاميذ الذين كانوا يلقنون دروسا في جغرافيا الجزائر و كذا في الموسيقى، مضيفة بأن الفتيات كن قليلات جدا، مقارنة بالذكور، حيث لم يكن عددهن في ثانوية ابن باديس يتجاوز 6 طالبات من أصل 600 متمدرس .
المتحدثة، وصفت مستوى الدفعة الأولى من الأستاذات المصريات، اللائي أتين إلى الجزائر بعد الاستقلال لتعليم أبنائها، بالصادم حد الخذلان، و قالت في سياق حديثها، بأن إحداهن وهي أستاذة في الطور المتوسط، لم تكن في الحقيقة تحمل شهادة في الأدب العربي و اللغة، كما زعمت، بل خريجة أحد معاهد الطبخ في مصر، وهو ما دفع بالطلبة الجزائريين آنذاك، إلى الاعتماد على التكوين الذاتي و المطالعة لرفع مستواهم، لدرجة أن بعض الأساتذة العرب انسحبوا بعدما اعترفوا أن مستوى التلاميذ في المتوسط، يفوق مستواهم، و أن ما يمكنهم تقديمه لا يتعدى التعليم الابتدائي.
 الندوة الثقافية، عرفت أيضا مداخلات عديدة لتلاميذ سابقين تتلمذوا على يد الأستاذتين، كما قدم الدكتور عبد العزيز فيلالي نبذة عن دور مؤسسة التربية و التعليم و معهد ابن باديس في تربية الأجيال و تكوين الأساتذة و المعلمين قبل و بعد الاستقلال.
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى