تتسارع وتيرة العولمة في فرض منطقها الاستهلاكي ومحاولة بناء الإنسان المبرمج المعد للتفاعل التلقائي أو الاستجابة المتوقعة، في ظل أجندة موجهة ومقصودة يتطلب تفعيلها توظيف أسوء الأساليب وأقذرها متى ما كانت تتناسب وتحقيق الأهداف في التوقيت المطلوب، فالتخطيط طويل المدى والنظرية الغائية تتلاقحان معا لإفراز الذهنية المقيتة وافتعال الأحداث لتثبيت المخططات والبرامج الجاهزة مسبقا.
تدرجت أشكال السيطرة العالمية من منطق القوة ببعدها العنيف المحتضن لكل أنماط الدكتاتورية والعنف المقصود والحروب والتناحر، وصولا إلى منطق القوة بمفهومها الناعم الذي لا يتخلى عن غاياته ومآربه بل يوظف خطط وطرق مرنة أقل تكلفة وناجعة في المكان والزمان.
لقد حدد الأب الروحي للصهيونية ( تيودور هيرتزل) في مبادئ قيام الدولة الصهيونية السيطرة على الإعلام كبند رئيس ونقطة مفصلية في تحويل وقلب موازين القوى، واعتبرت أفكاره محاولة فعلية لبناء إعلام عالمي أو معولم يخدم القومية الصهيونية ويفرز خطاب فكري ممنهج يستهدف الترويج والدفاع عن فكرة البقاء للصهيونية كأقلية دينية لها حق العيش في العالم ومنه بناء الدولة ومشروع إدارة العالم، ونفس النهج سار عليه مواطنه (روبرت ماردوخ) الذي أسس تجمعا إعلاميا كبيرا يضم قنوات وجرائد كنيويورك تايمز لا لغاية إلا للدفاع عن الصهيونية وخلق مناخ ملائم لتكاثرها وتكييفها كأي عرقية أو إثنية لها الحق في الحياة.
لقد كانت لسطوة اللوبي الصهيوني الفضل الكبير في احتكار البورصة العالمية وأسعار الذهب وصناعة القرار السياسي في أقوى الدول فالعالم كأمريكا التي يتغلغل في اغلب هيئاتها ويصنع القرار الذي يخدم مصالحه، كما يسيطر على منظمة التجارة العالمية وصندوق النقد الدولي.
تشكل الصهيونية العالم وفق رؤية نفسية معقدة فهاجس الخوف المزروع في عقيدتهم يجعلهم يخططون بشكل مستمر وعلى أهبة الاستعداد للمواجهة فالبقاء عندهم غاية مقدسة.
تساهم اليوم وسائل الإعلام في نقل الخطاب المجهز في مخابر غربية ومحاولة نشره عالميا مع استخدام التأطير الإعلامي كمدخل نظري معروف أكاديميا وفق إستراتيجيتي التكرار والتركيز وانطلاقا من فكرة الغرس الثقافي التي عبر عنها الباحث (جربنر) من خلال متغير كثافة المشاهدة وكذا متغيرين آخرين أضافهم بعد دراسة وتعديل لنظريته وهما الاتجاه السائد والتضخيم، لذلك تجد الدعاية -كأسلوب مقصود- طريقها في ظل فوضى المعلومات باعتبارها آلية مدروسة ومخططة مسبقا، وما يحدث اليوم مع المعالجة الإعلامية (لفايروس كورونا) خير دليل على ذلك.
تتعاطى مختلف وسائط التواصل الاجتماعي مع انتشار جائحة فيروس كورونا بطرق مدروسة تستهدف التهويل والتظليل، فالتهويل غرضه نشر الرعب والخوف وزعزعة النفوس حتى تضغط على حكوماتها ومسؤوليها وتدفعها لخلق النزاعات، والتضليل هو توجيه أنظار العالم صوب جهة محددة تصورها المضامين والصور المنشورة على أنها من أطلقت الفيروس وهذا داخل في إطار صراع اقتصادي -في أعلى مستوياته- من أجل عرقلة المنافس ودفعه للتفاوض عبر افتعال الأزمات كمنهج واستراتيجية تتبعها أمريكا لكبح جماح التنين الصيني المتوغل في كل أنحاء العالم وانعدام إمكانية ترويضه في ظل المد غير المسبوق في نشاطه الاقتصادي.
إن نشر الخطر والتصريح به عالميا أمر غير بريء، بل هو فلسفة خلط الحسابات، وعولمة المرض عملية ذهنية مؤثرة و حرب نفسية صعبة، فنتاج هذا الصراع -متعدد الأوجه- قد تسرع بتشكيل خريطة العالم من جديد ربما عبر طاولة المفاوضات في ظل ثنائية أمريكية - صينية وهذا يعد أخف الأضرار في الصراعات الدولية، أو التمهيد لحرب عالمية ثالثة تعطل العالم بأكمله وتجره إلى أزمات ونزاعات أكثر تعقيدا.
توظف الدول المتقدمة -أمربكا- الأساليب الدعائية والحملات الإعلامية المكثفة لتأطير واحتواء المنافسين وإيقاعهم في شباكها حتى تستطيع سن السياسة العالمية ورسم معالمها وفق إيديولوجيتها وإخضاع الآخرين لها، (في ظل سقوط القيم الإنسانية و الحق في الحياة كشرط أساسي لحقوق الإنسان، أمام الإصرار على عدم رفع العقوبات الاقتصادية أو تخفيفها على الأقل على فنزويلا وإيران التي تواجه مأساة إنسانية بمفردها في صمت)
ساهمت إلى حد الساعة جائحة كورونا -كمشروع عولمي- في إخراج الصراع من إطاره الاقتصادي التنافسي إلى إطاره الأخلاقي الإنساني، والذي كشف اللثام عن الدول التي تدعي احترام حقوق الإنسان وتتغنى بمبادئ الديمقراطية، وما حدث من تعامل لا إنساني مع دولة ايطاليا لأكبر مؤشر على خديعة السلم والمبادئ الإنسانية، أما التنين الصيني فرغم الهجمات المتكررة والأزمة الصحية التي عانى ولا يزال يعاني منها إلا أنه اثبت إنسانية كبيرة في التعامل مع المصابين بالفيروس في ايطاليا وإيران، فإرسال الأطباء والمساعدات العاجلة كان كفيلا بمنح صورة ذهنية عن السياسة الصينية ونوعية دبلوماسيتها.
أفرز هذا الصراع لحد الساعة مؤشرا جديدا عن الطبيعة المتوقعة للعلاقات الدولية مستقبلا فمن يمد العون وهو مريض - الصين- ليس كمن يغلق الأبواب ويمنع ويعترض المساعدات الإنسانية وفي نفس الوقت يتهم الصين بافتعال الفيروس - أمريكا- وليس كمن يخون جاره أو يتلف عضوا في جسمه - الاتحاد الأروبي- .
تعد الدعاية المغرضة السلاح رقم واحد في يد معلني الحرب البيولوجية، فعولمة المرض تتطلب حربا إعلامية ضروسا تجند لها كل المنصات الإعلامية الرقمية وتسهر عليها عقول بشرية متشبعة بفكر الصراع الأبدي وعقيدة السيطرة المطلقة وتحقيق المصالح الدائمة، لتسقط أمام أطماعها الإنسانية فتدوسها وتتطلع لمسؤولية إدارة شؤون العالم بأي وسيلة كانت.
الدعاية المغرضة وعولمة المرض
- التفاصيل
-
أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا
ناقش أمس، دكاترة وباحثون قضية الخطاب التعليمي عند جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ضوء اللسانيات المعاصرة، وذلك خلال ملتقى...
المخــرج محمد فوزي ديلمي للنصر: «كن أنت» أول كوميديا موسيقية جزائرية تعرض على تطبيق إلكتروني
كشف المخرج محمد فوزي ديلمي، عن مشروع فني جديد سيجمع وجوها من قسنطينة، ويتعلق الأمر بكوميديا موسيقية من أربعة مواسم بعنوان « كن...
عودة إلى رؤية العلامة للقضية الفلسطينية: 22 دار نشر وطنية في صالون بن باديس للكتاب بقسنطينة
انطلقت أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الأولى من صالون الكتاب الوطني العلامة عبد الحميد بن باديس تحت شعار «إننا للعلا إننا...
مجموعة من 1400 كتاب: جامعة ميلة تستلم المكتبة الشخصية للبروفيسور «مرمول محمد الصالح»
تسلّمت يوم أمس، المكتبة المركزية للمركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف بميلة، ما مجموعه 1400 كتاب من المكتبة الشخصية للبروفيسور...
الممثل والحكواتي والمسرحي فؤاد لبوخ للنصر: الحكاية أفضل طريقة تربوية للطفل دون تلقين مباشر
يحرص الحكواتي ومخرج مسرحيات الأطفال على ركح باتنة الجهوي فؤاد لبوخ، على انتقاء النصوص التربوية التعليمية للأطفال، ويستلهم أعماله من قصص...
عرض الفيلم وسط حضور كبير في ذكرى استشهاد البطل
- العربي بن مهيدي -.. قصة مناضل قهر فرنسا بابتسامةاحتضنت دار الأوبرا «بوعلام بسايح» بالجزائر العاصمة، سهرة أول أمس الاثنين العرض الشرفي للفيلم الروائي الطويل «العربي بن مهيدي» للمخرج بشير درايس، والذي...
الطبعة 13 للمهرجان الثقافي للشعر النسوي بقسنطينة: بحـــور للعــــزة و قــــواف لفلسطيـن الصامـــدة
انطلقت مساء أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الثالثة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي، تحت شعار «...
ختام أيام برج بوعريريج المسرحية
- سيفار - رسالة الشعوب المستضعفة للتحرر من القيود اختتمت ليلة أمس الأول، فعاليات التظاهرة الثقافية أيام برج بوعريريج للعروض المسرحية المتوجة، بدار الثقافة محمد بوضياف بتقديم عرض «سيفار»، وتكريم عائلة فقيد...
مقهى ثقافي جديد يصنع الحدث بعنابة
- الجبـل السحري - خلـوة ثقافية بأعالـي سيرايـدي افتتحت مؤخرا، سيدة من عنابة مشروعا ثقافيا بنكهة سياحية بمنطقة سيرايدي، وهو عبارة عن مقهى ثقافي أسمته السيدة كريمة شيبان «لامونتان ماجيك» أو الجبل السحري، مستوحية...
فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية بميلة: «ثلاثة أيام في غزة» يتوّج بجائزة أفلام الموبايل
اختتمت يوم أمس، فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية لأفلام الموبايل، بدار الثقافة مبارك الميلي بميلة، بتتويج فيلم «ثلاثة أيام في...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)