* ذاكرة عمرانية وثقافية للمدينة عمرها 113 سنة
 
ثمن مراد سنوسي مدير المسرح الجهوي لوهران، رد الفعل  الإيجابي لوزيرة الثقافة مليكة بن دودة ، على طلب تصنيف المسرح ضمن التراث الوطني، و هذا ما سيسمح بانتقال هذا المعلم إلى مرحلة أخرى من أجل حمايته و الحفاظ عليه بفضل الميزانية الخاصة التي سترصد له، و أكد المتحدث أن تحقيق هذه الخطوات سيسمح له بالعمل على تحضير ملف آخر، لطلب تصنيف مسرح وهران ضمن التراث العالمي الذي تفتخر به الإنسانية.
وقال مراد سنوسي مدير المسرح الجهوي بوهران في تصريح للنصر، أن هذا التصنيف هو من بين الأهداف التي سطرها منذ ثلاثة سنوات، أي منذ توليه مسؤولية مدير المسرح الجهوي عبد القادر علولة، فقد تفاجأ آنذاك عندما علم أن هذا المعلم غير مصنف وطنيا،  بينما هناك مسارح في عدة دول أقل منه شأنا، من حيث الهندسة المعمارية أو التحف الفنية، لكنها مصنفة عالميا من طرف اليونيسكو.
و أضاف المسؤول أنه راسل وزارة الثقافة قبل 6 أشهر، من أجل النظر في ملف مسرح وهران وتصنيفه،  وهو الملف الذي تم تحضيره، بالاشتراك مع مديرية التراث و مديرية العلاقات الخارجية، كما قال، و أوفدت الوزيرة  خبراء قاموا بمعاينة البناية بكل تفاصيلها، وخاصة التماثيل الثلاثة الموجودة فوق السطح، والتي تستدعي وضعيتها الاستعجال في التكفل بترميمها و إلا سيتواصل تآكلها و تسقط.
خلال زيارة الوزيرة  الأخيرة لوهران، أكدت أن هذا المعلم مصنف رسميا و استعجاليا ضمن التراث الوطني، دون المرور على باقي الإجراءات الخاصة بمثل هذه القرارات، كون البناية بحاجة لتدخل سريع من أجل الحفاظ عليها.
و أوضح مراد سنوسي أن هذا القرار،  سيحمي المعلم الذي يفوق عمره قرن من الزمن، و سيدعم الجانب السياحي للمسرح الذي لم ينقطع منذ ثلاث سنوات، بفضل النشاطات المكثفة التي كانت تقام به، وكذا بفضل فتح أبوابه لجميع الزائرين و منهم الأجانب.
و أوضح مدير مسرح وهران، أنه مباشرة بعد رفع الحجر الصحي وعودة النشاط، سيتم الانطلاق في ترميم التماثيل الثلاثة الموجودة في أعلى البناية التي نخرها التآكل المتواصل، مبرزا أنه سبق لسفيرة جمهورية التشيك أن زارت المسرح، رفقة ممثل عن وزارة الثقافة، و اطلعت على الوضع، و ينتظر أن يتم إيفاد من بلدها، خبراء مختصين في ترميم المعالم التاريخية، مثل مسرح وهران، للإشراف على ترميمه و حماية كل أجزاء البناية من الانهيار.
 و أكد المتحدث أن هؤلاء الخبراء من جمهورية التشيك سيرافقهم طلبة من معهد الفنون الجميلة بوهران للاستفادة من التكوين المباشر و نقل الخبرة.
رقمنة أرشيف المسرح و نقل نشاطاته إلى الوسائط الحديثة
بعد ثلاثة سنوات على رأس المسرح الجهوي بوهران عبد القادر علولة، عبر مراد سنوسي عن ارتياحه و سعادته، كونه تمكن من تحقيق نسبة كبيرة من برنامجه الذي سطره غداة تنصيبه على رأس المسرح، فبالإضافة للتصنيف الوطني للمعلم، أنجز عدة خطوات، و أبرزها رقمنة أرشيف المسرح و نقل النشاطات إلى الوسائط التكنولوجية الحديثة، و إدخال عدة تغييرات على مستوى التنظيم، منها إلغاء مجانية الدخول للمسرح، وهي الخطوة التي راهن عليها وكانت نتائجها إيجابية، حيث غرس شيئا فشيئا، ثقافة دفع ثمن التذكرة لمشاهدة الأعمال التي تعرض على ركح علولة، وكانت التذاكر في عدة مرات تنفد قبل موعد العرض.
كما أدخل عدة تغييرات أخرى منها تخصيص فضاء في المسرح كمقهى أدبي، استضاف فيه عدة أدباء وروائيين جزائريين وتم فيه تنظيم عدة نشاطات أدبية وغيرها من الإنجازات، و قال عنها مراد سنوسي « حققت الأغلبية الساحقة من برنامجي الذي سطرته قبل ثلاثة سنوات، و ضميري اليوم مرتاح».
الرحلة من أوبرا وهران إلى مسرح عبد القادر علولة
للتذكير، فقد تم افتتاح المسرح الجهوي بوهران لأول مرة في ديسمبر 1907 ، وكان يسمى «أوبرا وهران» إلى غاية 1963 حيث أصبح يحمل تسمية المسرح الوطني الجزائري لوهران و إلى غاية 1972 أخذ التسمية القانونية و الرسمية له المسرح الجهوي لوهران،  وبعد اغتيال أيقونة المسرح الجزائري عبد القادر علولة سنة 1994 ، تم إطلاق اسمه على مسرح وهران الذي تم تشييده منذ 113 سنة وسط وهران بساحة أول نوفمبر حاليا أو «بلاص دارم» سابقا، أي ساحة الأسلحة، أين كان يؤدي الجيش الفرنسي منذ دخوله وهران سنة 1832، التحية العسكرية الصباحية، وهي الساحة التي تخلد الهزيمة النكراء للجيش الفرنسي على يد الأمير عبد القادر في معركة سيدي إبراهيم،كما أنها الساحة التي شيدت حولها المدينة الحضرية الفرنسية.
هندسة معمارية بنمط «باروكي»
حسب بعض المصادر، فإن اختيار موقع المسرح بهذه الساحة، له رمزية أن «الفن يجمع بين المدني والعسكري في ساحة واحدة»، وقد وضع المهندس المعماري «إيناز» هندسة البناية بأسلوب معماري يسمى»باروكي».
و يتميز المبنى الضخم بالقاعات، سواء كانت المخصصة للفنانين أو قاعات التدريبات، بالإضافة إلى عدد من الحجرات، و تتميز خشبة المسرح بتصميمها  على الطراز الإيطالي بمساحة تقدر ب132 مترا مربعا، أما قاعة العرض فعدد مقاعدها 602 مقعدا، موزعة على ثلاثة طوابق وعدة شرفات، ولا تخلو أجنحة البناية من تماثيل وتحف فنية، مثل اللوحات التي تزيين الأسقف والجدران.
إن مسرح وهران، ليس تحفة معمارية وفقط، بل هو أيضا خزان فني لعدة أعمال خلدها التاريخ، خاصة في زمن عبد القادر علولة وولد عبد الرحمان كاكي و سيراط بومدين وغيرهم، فالبناية عبارة عن معلم تاريخي يروي عدة مراحل من تاريخ وهران، وإرث فني يحاكي تطورات المجتمع على مدار أكثر من قرن من الزمن.
بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى