رواية تحكي وجعَ الإنسان في مُخيمات اللاجئين ومعاناته بعيدا عن الوطن
صدرت رواية «في ضيافة زوربا»، للكاتبة حكيمة جمانة جريبيع، عن دار ميم للنشر، نهاية 2019، أحداثها تدور بمخيم للاجئين في اليونان، وتتمحور حول شخصية «دعد الشحرور»، وهي كاتبة صحفية و أديبة من سوريا، فرّت من جحيم الحرب مع أسرتها المكونة من زوجها و ابنها الصغير عمر.
أبحروا على متن سفينة، لتبدأ من لحظة الإبحار مأساتها في البحر و مداه اللانهائي، تداهمها عاصفة هوجاء أودت بحياة زوجها عـدنان وطفلها عمر، وكذلك ربان السفينة، لتبقى وحدها تُصارع الأمواج حتّى أدركها الليل الدامس الّذي يبعث خوفها أكثر، وقد حاولت أن تتناساه بمخيالها اليقظ وهو يستدعي مخزونها الثقافي، فتمثل أمام عينيها الكثير من الصـور المتضاربة والمتناقضة والمخيفة أحياناً، فقد تخيلت أنّ دلفينًا يُقلب السفينة وأخـذ يلتهمها على مهل، ثمّ يمثـل أمامها مشهـد من رواية «العجوز والبحر».. فترى نفسها تجرّ ألواح السفينة مثلما جرّ العجوز هيكل سمكته الكبيرة التي كانت فرجة للناظرين و متعة للسائحين.. ولم يبق له غير بريق المجد بعد أن ضاعت منه الغنيمة.
تبقى «دعد» على هذا الحال، تعبث بها الأفكار يمنةً ويسرةً، مثلما الأمواج تمامًا التي تقذف بها إلى شاطئ اليونان.. تتلقى بعض الإسعافات و تُنقل بعد ذلك إلى مخيم الجحيم.
ومن هنا تبدأ «دعـد» كشخصية محورية أكثر، تُحرّك كلّ الأحداث داخل المخيم وهي تسردها بضمير الأناـ كما يبدأ صراعها مع ذاتها، مع نفسها المسلوبة الإرادة، الفاقدة لرغبة العيش وهي تقول «لا أنا بمجنونة ولا أنا بعاقلة..» ، تؤنسها بعض أبيات الإلياذة وموسيقى البوزوكي، وزوربا الّذي كثيراً ما كانت تُناجيه وتُناديه «أريد أن أرقص.. أيناك زوربا، ما أحوجني اليوم إلى رقصتك، أنا هنا تلميذة وأنت الأستاذ..».
في أوّل ليلة لها بالمخيم، أعطوها خيمة وبطانية وكيس بداخله علبة تونة وقطعة خبز يابسة وقنينة ماء. لم تستطع النوم، أصواتٌ تتعالى من هنا وهناك، وأكـثر ما آلمها صوت الرضيع الّذي خـرجت لأجله و لبّتْ حاجته بعد أن تأكدت من حالة المغص التي كان يُعاني منها..
و في أوّل صباح لها بالمخيم، تقع عيناها على طابور بشري لأجل كيس الفطور، و ينتهي إلى أسماعها صوتٌ عذب كان يردّد «جنّة.. جنّة.. والله يا وطننا»، غابت في أدائه، وحملت الأغنية إلى أنفها شذى حفنة من تراب الرافدين، و يجلدها الحنين إلى رائحة الثرى المُبتل بمطـر حلب، تقاوم به جحيم السياج الّذي يُطـوّق المخيّم الّذي لم يعد يتحمله أحد بسبب سوء الأوضاع فيه.
تتوالى الأحداث بالمخيّم، وتتشعب الحالات و تختلف، حالات اللاجئين من جنسيات مختلفة، الذين قذف بهم البحر والظروف إلى أماكن وضفاف غير أماكنهم و ضفافهم. وكانت أكثرها مأساوية حادثة انتحار الشاب السوري التي زادت في تأزم الوضع بالمخيم، لاسيما بعدما طلب المحقّق تشريح الجثة.
كانت «دعد» من حين لآخر تناجي «زوربا» «ألم تقل لرئيسك أنّني دافعتُ عن كلّ الرجولة في العالم، متى تعلن بملء فيك. سأدافع عن الإنسانية المغتالة في أوطاننا وفي كلّ العالم..؟!». وانتهى بها الأمر إلى طلب رواية زوربا.. بل أكثر من ذلك فكرت في سرقتها وهي تقول «ماذا تساوي سرقة كِتاب أمام سرقة أوطان بأكملها..؟!».
و كان الكِتاب بين يديها بعد أن حكت «تيا» (شخصية من شخصيات الرواية)، الموقف لطبيبها، فأحضر لها بعد أيّام قليلة نسختين، نسخة أصلية و نسخة ثانية مترجمة، هللت «دعد» فرحًا كما طفلة في العيد.. و في لحظة جنون طلبت من «تيا» أن تعيرها ثوبها الأرجواني وتحمل معها آلة التصوير و تتجهان نحو البحر.. لاِستكمال المشهد الأخير.. وهي ترقص بكتاب زوربا الرقصة، التي سمتها «السيرباكي».
الرواية للإشارة وصلت القائمة الطويلة لجائزة محمّد ديب في طبعتها السابعة لعام 2020، إلى جانب 8 روايات أخرى تتنافس على الجائزة في فئة الرواية المكتوبة باللّغة العربية هي على التوالي «رجل في الخمسين»، لحميد عبد القادر. «اِمرأة اِفتراضية»، لليلى عامر. «لنرقص الترانتيلا ثمّ نموت»، لعبد المنعم بن سايح. «كافي رش»، لمحمّد فتلينا. «زمن الغربان»، لجيلالي خلاص. «النوافذ المشرعة»، لنجاة مزهود. “الرجل الّذي لا يملك تحريكه”، لجلول رحيل. «بيدوفيليا»، لعبد الرزاق طواهرية.
للتذكير حكيمة جمانة جريبيع، أديبة جزائرية من مواليد مدينة عين مليلة، متحصلة على شهادة ليسانس في اللّغة العربية و آدابها من جامعة قسنطينة، وتُحـضِر لدراسات عُليا، تشغـل مـنـصب أستاذة أدب عـربي بالتعليم الثانوي، نشرت أعمالها وهي تلميذة بالثانوية في جريدة النصر، ثمّ تابعت النشر وهي في الجامعة فـنشرت قـصصها في عِدة جـرائد جـزائرية بـعـد ذلك نـشـرت في بعض الصُحـف العربية، منها الـفنـيـق والأسبـوع الأدبي السورية.
نالت عِدة جوائز في القصة القصيرة منها: الجائزة الأولى في مسابقة البحر الأبيض المتوسط الكُبرى بمرسيليا التي نــظمها منتدى نساء الـبحـر الأبيض المتوسط بفرنسا سنة 2000 عن قصتها «بقايا امرأة» التي تُرجمت إلى الفرنسية.
و»جائزة مجلة مصر الأدبية» برعاية جماعة التكية في القصة القصيرة جداً المعنونة بــ»سور الجمر». والجائزة الثانية في القصة القصيرة التي نظمتها وزارة المجاهدين سنة 2012. الجائزة الأولى في مسابقة أدب الطفل بأم البواقي، سنة2007.
و كذا جائزة القصة القصيرة في مسابقة صلاح هلال الدولية بمصر لسنة2014. و الجائزة الثانية في مسابقة القصيدة واللون بولاية سكيكدة سنة2015. و الجائزة الأولى في فن الخاطرة في مسابقة همسة الدولية بمصر، و كذلك الثالثة في الرواية سنة2017.
و الجائزة الثانية في السيناريو القصير بمجلة همسة الدولية بمصر 2018. الجائزة الثالثة في مسابقة اتحاد الأدباء الدولي بأمريكا في جنس القصة القصيرة سنة2020. وجوائز أخرى في جنس القصة القصيرة جداً.
الكاتبة أشرفت على قسم القصة بالموقع الاِلكتروني «قناديل الفكر والأدب»، ولها إصدارات في القصة القصيرة من بينها «جزر الرّوح»، «مصادرة الوتر»، «أنثى الجمر». وفي الرواية: «في ضيافة زروبا». كما لها مجموعة أعمال مخطوطة في القصة والرواية وقصص الأطفال.
نوّارة/ ل
«في ضيافة زوربا» للكاتبة حكيمة جمانة جريبيع
- التفاصيل
-
أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا
ناقش أمس، دكاترة وباحثون قضية الخطاب التعليمي عند جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ضوء اللسانيات المعاصرة، وذلك خلال ملتقى...
المخــرج محمد فوزي ديلمي للنصر: «كن أنت» أول كوميديا موسيقية جزائرية تعرض على تطبيق إلكتروني
كشف المخرج محمد فوزي ديلمي، عن مشروع فني جديد سيجمع وجوها من قسنطينة، ويتعلق الأمر بكوميديا موسيقية من أربعة مواسم بعنوان « كن...
عودة إلى رؤية العلامة للقضية الفلسطينية: 22 دار نشر وطنية في صالون بن باديس للكتاب بقسنطينة
انطلقت أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الأولى من صالون الكتاب الوطني العلامة عبد الحميد بن باديس تحت شعار «إننا للعلا إننا...
مجموعة من 1400 كتاب: جامعة ميلة تستلم المكتبة الشخصية للبروفيسور «مرمول محمد الصالح»
تسلّمت يوم أمس، المكتبة المركزية للمركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف بميلة، ما مجموعه 1400 كتاب من المكتبة الشخصية للبروفيسور...
الممثل والحكواتي والمسرحي فؤاد لبوخ للنصر: الحكاية أفضل طريقة تربوية للطفل دون تلقين مباشر
يحرص الحكواتي ومخرج مسرحيات الأطفال على ركح باتنة الجهوي فؤاد لبوخ، على انتقاء النصوص التربوية التعليمية للأطفال، ويستلهم أعماله من قصص...
عرض الفيلم وسط حضور كبير في ذكرى استشهاد البطل
- العربي بن مهيدي -.. قصة مناضل قهر فرنسا بابتسامةاحتضنت دار الأوبرا «بوعلام بسايح» بالجزائر العاصمة، سهرة أول أمس الاثنين العرض الشرفي للفيلم الروائي الطويل «العربي بن مهيدي» للمخرج بشير درايس، والذي...
الطبعة 13 للمهرجان الثقافي للشعر النسوي بقسنطينة: بحـــور للعــــزة و قــــواف لفلسطيـن الصامـــدة
انطلقت مساء أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الثالثة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي، تحت شعار «...
ختام أيام برج بوعريريج المسرحية
- سيفار - رسالة الشعوب المستضعفة للتحرر من القيود اختتمت ليلة أمس الأول، فعاليات التظاهرة الثقافية أيام برج بوعريريج للعروض المسرحية المتوجة، بدار الثقافة محمد بوضياف بتقديم عرض «سيفار»، وتكريم عائلة فقيد...
مقهى ثقافي جديد يصنع الحدث بعنابة
- الجبـل السحري - خلـوة ثقافية بأعالـي سيرايـدي افتتحت مؤخرا، سيدة من عنابة مشروعا ثقافيا بنكهة سياحية بمنطقة سيرايدي، وهو عبارة عن مقهى ثقافي أسمته السيدة كريمة شيبان «لامونتان ماجيك» أو الجبل السحري، مستوحية...
فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية بميلة: «ثلاثة أيام في غزة» يتوّج بجائزة أفلام الموبايل
اختتمت يوم أمس، فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية لأفلام الموبايل، بدار الثقافة مبارك الميلي بميلة، بتتويج فيلم «ثلاثة أيام في...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)