* حمدي بناني كان تلميذ والدي و صديق العائلة
أعرب المطرب سليم الفرقاني في اتصال هاتفي بالنصر، عن أسفه و حزنه الشديد، لأن أكبر شيوخ المالوف رحلوا تباعا، هذا العام، و آخرهم «الملاك الأبيض» حمدي بناني الذي خطفته يد المنية منذ أسبوع بمستشفى ابن سينا بعنابة، ليتواصل حداد الساحة الفنية و وجع فراق عمالقة لا يمكن أن يعوضهم أحد، مشيرا إلى أن الفقيد كان تلميذ والده، عميد المالوف الحاج محمد الطاهر الفرقاني، و صديق مقرب لعائلته منذ سنة 1958.
الشيخ سليم استرجع في حديثه مع النصر، ذكريات كثيرة بين أيقونتي المالوف الحاج محمد الطاهر و الملاك الأبيض من جهة، و بينه و بين هذا الأخير من جهة أخرى، طيلة 62 عاما، من العلاقات الفنية و العائلية و الأخوية،  كما وصفها.  
و أضاف « كان الراحل يزورنا في بيتنا بقسنطينة و هو في بداياته الفنية، و كان جد متأثرا بطريقة أداء والدي رحمه الله للمالوف. و كان هذا الأخير يحبه و يشجعه و يساعده فنيا و موسيقيا، و يعتبره تلميذه و لا يبخل عليه بأسرار هذا الفن الأندلسي العريق. و توطدت علاقتهما لسنوات طويلة، و كنا أنا و إخوتي نعتبر بناني من أفراد العائلة، و كنا نتبادل الزيارات.
أتذكر أن الحاج وافق في1971 على أن يسجل الراحل أسطوانة ببيتنا، تحت إشرافه و توجيهه، و في 1973  دعانا حمدي أنا و كل أفراد عائلتي إلى حفل زفافه بعنابة، و قمنا أنا و والدي و مجموعة من فناني قسنطينة بإحياء الحفل الذي أردناه كبيرا و بهيجا، يليق بمقامه و بمحبتنا له.
كما قمنا لاحقا بإحياء حفل كبير آخر بعنابة، بمناسبة ميلاد ابن حمدي، كمال، و بقينا على اتصال دائم في المناسبات و الحفلات و الملتقيات طيلة  السنوات الفارطة، حتى أنني كنت أقضي أحيانا أياما من عطلتي الصيفية ببيته و ألقى كل الترحيب و المودة، و أصبح بمرور الأيام شقيقه الأصغر علي، الذي يقارب سنه سني، صديقي المقرب،و استمرت علاقتنا الودية، حتى بعد وفاة والدي رحمه الله.
أتذكر أنه في السبعينات، كان يدعوني إلى عنابة لمرافقته و هو يغني، بالعزف على العود في الحفلات و الأعراس، ثم قمنا لاحقا بإحياء حفلات كثيرة و «قعدات» طربية في العاصمة و قسنطينة و عنابة، و أدينا بعض الأغاني المالوفية معا».
و أردف" شيخ المالوف"كان حضوره قويا على الخشبة، و يتفاعل معه الجمهور كثيرا، بعد أن أنشأ تدريجيا طابعا فنيا خاصا به، صنع تميزه، لكن النجاح و الشهرة ، لم يغيرا شخصية حمدي بناني، فقد ظل كما عهدناه متخلقا و متواضعا و وفيا لأصدقائه و أحبائه، و ظلت علاقتنا قوية، حتى بعد رحيل والدي.  
في شهر جوان الفارط، زرت الفقيد في الأستوديو، حيث كان يضفي اللمسات الأخيرة على أغانيه الجديدة، و رحب بي كثيرا كالعادة ، و كان هذا آخر لقاء بيننا،  أعتبر رحيله خسارة كبيرة للفن الجزائري و للمالوف الذي يفقد رموزه تباعا».
بخصوص مشاريعه الفنية، قال المتحدث بأن جائحة كورونا قلبتها رأسا على عقب، فقد اضطر إلى إلغاء سبع حفلات بفرنسا هذه الصائفة، و عديد الأعراس و الحفلات ببلادنا، في حين شارك خلال فترة الحجر المنزلي في عديد الحصص التليفزيونية و الإذاعية الثقافية و الفنية، و كذا الحصص المخصصة للتوعية و التحسيس بمخاطر كوفيد 19 و طرق الوقاية منه.
انضمامي إلى بيت المالوف رمزي
و أعرب من جهة أخرى عن أسفه لأنه اضطر للابتعاد عن جمهوره الذي تعود على لقائه في الحفلات المباشرة و الاحتكاك به و التفاعل معه، للمكوث في البيت طيلة شهور متواصلة، مشيرا إلى أنه لا يميل إلى استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لبث أغانيه أو فيديوهات تفاعلية، كما اعتبر انضمامه إلى بيت المالوف، الذي يشرف عليه الفنان العربي غزالي، رمزيا.
و تابع المتحدث بأنه فضل استثمار فترة الحجر المنزلي في الراحة و الاسترخاء و تقييم أعماله و مساره، و رسم انطلاقة فنية جديدة و قوية، بمجرد إعطاء الضوء الأخضر لتنظيم النشاطات و الحفلات الفنية.
إلهام طالب

الرجوع إلى الأعلى