نظم مساء أمس الأول بيت الكلمة للمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور  بقسنطينة، ندوة ثقافية تحت شعار « في الإصغاء لشاهد القرن» إحياء لذكرى رحيل المفكر مالك بن نبي.
الندوة نشطتها ثلاث طالبات قدمن على مدار ساعة و نصف مداخلات استحضرن  فيها مسار مفكر الحضارة و مؤلفاته التي تركها لشباب اليوم و تدور في مجملها حول صناعة الحضارة و الارتقاء بفكر الإنسان.
المداخلة الأولى عنوانها «مالك بن نبي سيرة و مسيرة» من تقديم الطالبة مريم بوحفرة التي تحدثت بإسهاب عن حياة المفكر في الجزائر و تنقلاته إلى الخارج،  و تجربته الحياتية التي لم تخل من الصعاب و التضييق على فكره التنويري ،  لكنه رغم ذلك بقي متمسكا بأفكاره النيرة و البناءة ، فحمل حب الجزائر في قلبه و بين ثنايا روحه، أينما ذهب و ارتحل ، و صب كل اهتمامه في  البحث عن أساس بناء حضارة راقية، ترتكز على ثلاثية الأرض و الزمن و الإنسان، فكانت عصارة تجربته الحياتية مجموعة من المؤلفات لا تزال مصدر إلهام للكثير من دول الغرب و آسيا إلى يومنا هذا، و من بين الدول الآسيوية التي جعلتها أساس نهضتها الحضارية أندونيسيا و ماليزيا فبلغتا مرحلة معتبرة من التقدم الحضاري و الفكري، يعود الفضل في جزء كبير منها، للمفكر الجزائري مالك بن نبي الذي بلور فكره و فلسفته بثبات مواقفه، فرغم ما عاشه من مشاكل لم يفقد يوما إنسانيته إلى أن وافته المنية سنة 1973 ،  فلم يترك وراءه ثروة و أملاكا و حتى منحة تقاعد ، لكنه ترك إرثا فكريا من المجلدات و المؤلفات التي لا تزال حية خالدة بيننا إلى غاية اليوم.
كما قدمت التلميذتان دعاء عيشاوي و رانية كغوش مداخلتين بعنوان « إكسير الحضارة» و «غير فكرك تبني حضارة «، و تطرقتا إلى أساسيات فكر مالك بن نبي في بناء حضارة ، بالاعتماد على إسقاطات ما نعيشه اليوم  من تقهقر مرده التخلي عن الأسس التي دعا إليها المفكر قبل عقود من الزمن.
  و على الرغم من توفر شروط التطور و الارتقاء بالشعوب، خاصة العربية منها ، على غرار الجزائر، إلا أن معظمها تعيش حالة من التخلف و تغرق في الأزمات، بعد أن أهملت عامل الفرد الذي عليه تبنى الحضارات و ثقافات الشعوب، بفضل تنشئته تنشئة صحيحة ترتكز على أساس الدين و حب الوطن، مهما كانت ظروفه، لترسيخ مبدأ التضحية من أجل رقي الوطن.
كما تطرقت المتدخلتان إلى أشهر مآثر و مقولات المفكر مالك بن نبي الذي قال و هو في سكرات الموت لزوجته «سأموت اليوم لكنني سأعود بعد ثلاثين سنة «، مشيرا في ذلك إلى أفكاره التي تركها  وراءه، فكانت  خلاصة تجارب حياتية و أفكار لن تموت بموت صاحبها ، بل أن العودة إليها و النهل منها جعلت من بعض الدول  اليوم منارة للعلم و الفكر و الحضارة.
و على هامش هذه الندوة الفكرية ، تم  تكريم الفائزين في مسابقة أحسن نص مسرحي  التي أطلقتها قبل أسابيع المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية مصطفى نطور.
هيبة عزيون

الرجوع إلى الأعلى