عبد الكريم دالي لم ينل حقه و نسعى لإبراز - كنوزه -
* نحضر لإنجاز فيلم حول مسار و سيرة الشيخ
اعتبرت رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي، السيدة وهيبة دالي، أن  جدها، عميد الموسيقى الأندلسية في الجزائر، الراحل عبد الكريم دالي، لم ينصف و لم يوف حقه، بالنظر لما قدمه إلى الموسيقى الجزائرية، مؤكدة أن مؤسسته الخاصة، ما هي إلا أداة لرد الاعتبار للفنان الذي لا يزال جديده يطرح في الساحة الفنية كل عام، بالرغم من مرور 43 عاما على وفاته، كما كشفت للنصر، في هذا الحوار، الكثير من الحقائق عن شخصية هذه القامة الفنية التي لا تزال توقع حضورها في كل عيد برائعة «مزينو نهار اليوم».
. النصر: عبد الكريم دالي اسم اقترن بأغنية «مزينو نهار اليوم» و بكل عيد يحتفي به الجزائريون، برأيك لماذا حققت هذه الأغنية تحديدا كل هذا النجاح و الاستمرارية رغم مرور كل هذه السنوات؟
ـ حقا هذه الأغنية تشكل رمزا من رموز المجتمع الجزائري التي لا يمكن أن يطالها التغيير، فحضورها في كل عيد ، و سماعها في كل بيت، و حفظها من طرف الكبير و الصغير ، ما هو إلا دليل على نجاحها الذي يعود إلى عمق كلماتها النابعة من قلب فنان يعرف بطيبته و أخلاقه عند الجميع، فقد كتبها و لحنها عن حب، غير أنه هو نفسه لم يكن يتوقع لها هذا النجاح، و أن تظل من الأغاني الخالدة بالنسبة للجزائريين، و لا تزال صامدة بعد موته.
. النصر: بما أنك حفيدة الفنان القدير عبد الكريم دالي، حدثينا قليلا عما لا يعرفه الجزائريون عن الشيخ؟
ـ وهيبة دالي: هو جزائري يحب الموسيقى حتى النخاع، أب لـ3 أبناء، كان يحب فنه كثيرا، إلا أنه عرف بقدرته على الفصل بين حياته الفنية و العملية، كفنان و مدرس للموسيقى، و بين عائلته التي كان يعتبرها شيئا مقدسا، كما عرف بأخلاقه العالية، حبه للعطاء و حنانه الكبير.
رفض توريث فنه لأبنائه
. النصر: بالرغم من أن الفقيد كان و لا يزال من أكبر الفنانين في الجزائر، إلا أنه  لم يورث فنه و لم يسلم المشعل لأبنائه، لضمان استمراريته، لماذا؟
ـ عبد الكريم دالي كان من أشد المعارضين لدخول أبنائه عالم الموسيقى و الفن، و ذلك راجع للصعوبات الكبيرة التي واجهته، و التي كانت تواجه كل فنان في تلك الفترة، لذلك كان يرفض أشد الرفض أن يتخصص أبناؤه في الموسيقى أو يدرسونها، و لم تتح لهم إمكانية التعلم، سوى عن طريق الاستماع فقط، فوالدي حفظ معظم أغاني الشيخ، لأنه كان يرافقه في خرجاته الفنية و حفلاته و الأعراس التي كان يحييها، أما أنا فدرست الموسيقى في سن مبكرة، و تتلمذت على أيدي تلاميذ جدي رحمه الله، كما أنني عضو في جمعية «قرطبة الجزائر»، إلا أنني لم أتخصص فعلا في العمل الفني، بغض النظر عن نشاطي في مؤسسة عبد الكريم دالي، و كل هذا احتراما لرغبة جدي، و سعيا مني لإكمال رسالته، و لو بطريقة أخرى.
. بالحديث عن مؤسسة عبد الكريم دالي، هلا عرفتنا بها أكـثـر؟
ـ مؤسسة عبد الكريم دالي، عبارة عن مؤسسة فنية مقرها بالدويرة بالجزائر العاصمة، أتولى رئاستها و العمل على تسييرها،  و هي مهمة أعتبرها ثقيلة و شاقة، و انخرط في المؤسسة مجموعة من الفنانين و الشيوخ المعروفين في مجال الموسيقى الأندلسية.
الفكرة بدأت عائلية، ثم انضم إلينا شيوخ و تلاميذ جدي عبد الكريم دالي، و طرحوا علينا فكرة إنشاء المؤسسة، فرأت النور فعلا في 20 ماي 2008 ، من أجل رد الاعتبار للشيخ و إحياء أعماله، و تكريم من يستحق ذلك، كما وفقنا في إصدار أول طابع بريدي لفنان جزائري خلال الاحتفال بمئوية ميلاد الشيخ في 2014.
إصدار طابع بريدي في مئوية ميلاده
. حدثينا عن انجازات مؤسسة عبد الكريم دالي منذ تأسيسها..
ـ قمنا بإصدار الكثير من الألبومات الخاصة بالشيخ، و التي سمعها الجمهور لأول مرة، و ذلك من خلال تسجيل الأغاني التي كانت تحتفظ بها العائلة، فضلا عن إصدار كتب، مثل كتاب الشيخ عبد الكريم دالي، و هو مؤلف كتبه بخط يده يضم مقاطع من أغانيه. كما تقوم المؤسسة بإصدار مجلة مرتين في السنة، عنوانها «المقامات الأندلسية»، إضافة إلى جائزة عبد الكريم دالي التي تنظم سنويا، و أعمال أخرى، مثل حفلات التكريم، و في كل ما نقوم به نحاول رد الجميل للشيخ، الذي أفتخر بكوني على رأس مؤسسته و حفيدته، بالرغم من ثقل المسؤولية.
الشيخ سجل  700 ساعة للإذاعة و التليفزيون
. عبد الكريم دالي قدم الكثير من روائع الموسيقى الأندلسية خلال مشواره الفني، هل هناك أعمال أخرى للشيخ لم تر النور بعد؟
ـ برصيد الشيخ 700 ساعة غنائية مسجلة في الإذاعة و التلفزيون، فقد ترك الكثير من الأغاني، و إن لم يكن صداها كصدى «مزينو نهار اليوم»، و الكثير من الشغوفين بموسيقى الشيخ، يجزمون أن صوته و أعماله مميزة و فريدة من نوعها، لأنه أعطى و كرس حياته كلها للفن، كما لا يخفاكم فإن عبد الكريم دالي لديه الكثير من الأعمال التي أعتبرها خفية، لم يسمعها الجمهور الجزائري بعد، و تعمل مؤسسة عبد الكريم دالي على إعادة تسجيلها، و بيعها لعشاق الموسيقى الأندلسية، و خاصة الطابع الذي كان يؤديه الشيخ.
النصر: كيف تجمعون هذه الأعمال؟
ـ لدينا بعض الأغاني المسجلة، و لم تخرج بعد من إطار العائلة، إضافة إلى أعمال أخرى، نسعى بالتنسيق مع مؤسستي الإذاعة و التلفزيون، و كذا المعهد العالي للموسيقى الذي كان يدرس به الشيخ، من أجل توقيع اتفاقية لإخراج أعمال الشيخ تم تسجيلها في المعهد في شكل نوبات أندلسية ، منها الغريب، المصدر، القلاب و غيرها، و كان كلما يقدم نوبة يشرحها بالتفصيل، حسب كل مدرسة أندلسية تنتمي إليها، سواء مدرسة المالوف في الشرق الجزائري،أو مدرسة الغرب الجزائري، أو مدرسة الصنعة بالعاصمة، و هي أعمال لا تزال في الأرشيف، و لم تصدر بعد، و نطمح لترى النور، بالتنسيق مع وزارة الثقافة و الفنون.

. هل وجدتم إقبالا على هذه الأعمال؟
ـ للموسيقى الأندلسية عشاقها، و لموسيقى الشيخ المهتمين بها، و كل هذا يجعل أعماله رائجة بالرغم من وفاته، و أتذكر أننا خلال مشاركتنا في إحدى دورات المعرض الدولي للكتاب، تم بيع عدد كبير من أسطواناته و كان الجمهور يحرص على أن تحتوي على أغنية «مزينو نهار اليوم» الشهيرة.
. هل أنصف الشيخ و نال حقه بالنظر لما قدمه للموسيقى الأندلسية خصيصا؟
ـ للأسف لم ينل حقه، حقوقه مهضومة، و هذا أكبر دافع جعلنا نصر على إنشاء مؤسسة تحمل اسمه، من أجل إنصاف و رد الاعتبار لهذه القامة، علما أن قصر الثقافة لمدينة تلمسان يحمل اسم عبد الكريم دالي، إلا أنه و إلى غاية يومنا هذا لم يأخذ الشيخ حقه، نتمنى أن يحمل العام الجديد معه الجديد و الخير، لإعطاء كل ذي حق حقه، سواء الأموات أو الذين لا يزالوا على قيد الحياة.
. الكثير من الفنانين أعادوا أداء أغنية «مزينو نهار اليوم» و بعض أعمال الشيخ، ما رأيك في ذلك؟
ـ حقا أعاد الكثير من الفنانين الجزائريين مثل نوري كوفي و سمير تومي و غيرهم هذه الأغنية، لكن  و بالرغم من إعطاء الأغنية روحا جديدة و طابعا آخر، إلا أن ذلك لم يمح الأغنية الأصلية للشيخ، التي لا تزال رمز عيد الفطر و عيد الأضحى كل سنة، داخل و خارج البلاد، خاصة بالنسبة للجالية الجزائرية في فرنسا التي تؤكد أنها رمز الحنين إلى الوطن.
. هل هناك نشاطات جديدة للمؤسسة ؟
 ـ قيادة مؤسسة شيخ بقيمة عبد الكريم دالي، يجعل المسؤولية كبيرة جدا، إلا أننا نسعى لتأكيد أن الشيخ لم يمت ما دامت المؤسسة تجسد أعماله، و تحرص على طرح الجديد، ما سيبقيه حيا في قلوب كل الجزائريين، و يضمن الحفاظ و الديمومة لموروثه الثقافي الكبير.
أريد أن أقول أيضا أن وزارة الثقافة قدمت فيلما وثائقيا مدته 52 دقيقة حول حياته و مشواره الفني، و أعتبر ذلك غير كاف، ما جعلنا نسعى لإنجاز فيلم وثائقي حول الشيخ يحكي كل تفاصيل حياته و مشواره الفني، سيكون عملا كبيرا يليق بقيمة الشيخ، فضلا عن مواصلة إصدار أسطوانات تضم الأغاني و المقاطع الموسيقية التي لم يسمعها الجمهور، و سنواصل العمل، في إطار المؤسسة، لتخليد روح الفنان القدير.
إيمان زياري

الرجوع إلى الأعلى