نظم صباح أمس السبت المسرح الوطني الجزائري محي الدين بشطارزي بالجزائر العاصمة ندوة فكرية بعنوان « الفنانون الشهداء ـ جدلية الحبر والدم ـ دورة الشهيدين أحمد رضا حوحو، ومحمد بودية، وذلك بمناسبة الاحتفالات المخلدة لليوم الوطني للشهيد المصادف لـ 18 فيفري، وناقش في هذه الندوة الفكرية ثلة من الأساتذة اسهامات رجال الفكر والفن خلال ثورة التحرير الوطني، والضريبة التي دفعها هؤلاء من أجل تحرير الجزائر من الاستعمار، وكذا ضريبة الدم التي دفعها عدد من الفنانين خلال الاستعمار الفرنسي من أجل تحرير الجزائر ومنهم الشهيد مولود فرعون الذي اغتالته أيادي الإجرام الفرنسية بقاعة الأساتذة بينما كان جالسا وأطلقت عليه عدة رصاصات.
وعرج المتدخلون في الندوة على دور الثقافة خلال ثورة التحرير ومرافقتها للحركة الوطنية عن طريق الأحزاب السياسية والمسرح والصحافة، وإفشالها لمخططات المستعمر، وأجمعوا على أن كل هذه الوسائل لعبت دورا في استرجاع الشخصية الوطنية الجزائرية، بعد أن عمل المستعمر منذ البدايات الأولى لاحتلال الجزائر على طمس الهوية الجزائرية ونشر الجهل ومنع التعليم وطبع الكتب، وأكد المتدخلون أن رد فعل المثقفين كان قويا تجاه ما قامت به السلطات الاستعمارية، حيث لعبت الثقافة دورا في توحيد الأمة الجزائرية ونشر الوعي والتثقيف والتربية، كما كان للثقافة دور في التوحيد العقلي والوجداني للأمة ضد الاستعمار الفرنسي، وفي نفس الوقت تحدت المتدخلون في الندوة عن دور النخبة المثقفة في حماية الهوية واسترجاع الوعي قبل اندلاع الثورة التحريرية، وأشاروا إلى أن نجاح ثورة نوفمبر واندلاع شرارتها في كل بقاع الوطن يعود إلى عملية نشر الوعي التي سبقتها وسط الشعب الجزائري، على عكس الثورات المسلحة التي سبقت ثورة التحرير التي لم تسبقها عملية نشر الوعي بنفس المستوى الذي شهدته ثورة نوفمبر 1954.
وتحدث في هذا الإطار الدكتور أحسن ثليلاني عن الإبداع الفني والثورة (مقاربة في إسهامات الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني والثورة الجزائرية) كما تحدث الأستاذ إدريس قرقورة عن مسرح الشهادة في تجربة المسرحي الشهيد أحمد رضا حوحو ، وفي نفس الإطار سلط  الأستاذ عبد الكريم بن عيسى الضوء على  لزومية العهد والأرض من خلال صورة الشهيد في المسرح الجزائري، وفي السياق ذاته تركزت مداخلة الكاتب والإعلامي أحميده العياشي حول أسئلة الهواجس المسرحية للمسرحي الشهيد محمد بودية، وتحدثت الأستاذة جميلة مصطفى الزقاي عن جدلية الحبر والدم في المسرح الجزائري، وعرجت في مداخلتها على معاناة الشعب الجزائري خلال حرب التحرير ودور المسرح خلال الثورة، وأشارت إلى الصمت الرهيب الذي ميز المسرح الجزائري خلال فترة الثمانينيات  والتهميش الذي طاله، وتوقفت عند فترة التسعينيات واغتيال عدد من قامات المسرح الجزائري ومنهم عبد القادر علولة وعزالدين مجوبي، وتطرقت في هذا السياق إلى جرأة عزالدين مجوبي في مواصلة درب التغيير نحو الأحسن، وكيف كان  المسرحي ممثلا ثم انتقل إلى الإخراج، وقالت أن المرحوم مجوبي يعد مدرسة في الأداء وتكوين الشباب في مجال التمثيل، وأكدت أن جدلية الحبر والدم تبقى قائمة ما دام هناك مفكرون يكفرون ويقتلون.
وفي نفس الإطار تطرق الأستاذ محمد ساري إلى الالتزام الوطني في سرديات الأديب الشهيد مولود فرعون، وتحدث عن الطريقة البشعة التي اغتيل بها الشهيد مولود فرعون بينما كان داخل قاعة الأساتذة   جالسا، لا لسبب إلا لأنه كان يهتم بالثورة الجزائرية وتحرير الجزائر من المستعمر، وأكد ساري بأن الظروف التي عاشها المثقفون خلال فترة الاستعمار وحياتهم الشخصية كان لها الأثر البالغ في تشكيل مواقفهم.
وفي نفس السياق ركزت الأستاذة ليلة بن عائشة على النضال الفني وجه الثورة الجزائرية الخفي (قراءة في إيقاع الثورة والتمرد عبر مسار الفنان الشهيد على معاشي).                        نورالدين ع

الرجوع إلى الأعلى