ترجمة الشعر لا تكتمل إلا على يد قارئ جيد له
افتتحت أمس، الشاعرة والكاتبة سميرة نقروش، أولى جلسات المقهى الثقافي ميديا بلوس، بقسنطينة، فسافرت بلغة جميلة باذخة بالحضور اللافت الذي ميز اللقاء، إلى عوالم الشعر الواسعة وغاصت به عميقا في بحر من الأحاسيس والمشاعر، اختلط فيها حب الأرض بذكريات الطفولة و امتزجت فيها مفاهيم التضحية و الوفاء والعشق و الوطن.
اللقاء الذي نظمته مكتبة ميديا بلوس، و احتضنه المقهى الثقافي الفرنسي، عرف نقاشا هاما حول الترجمة الشعرية، التي ترى الكاتبة و الطبيبة سميرة نقروش، بأنها « عملية لا تخلو من الخيانة » ، كما يقول المثل الإيطالي، فالشعر ليس مجرد تركيب لغوي، بل هو قالب واسع ينصهر فيه الأسلوب و الإحساس و التجربة الإنسانية، لذلك يصعب جدا الحديث عن ترجمة كاملة لأي نص شعري، دون القبول أو السماح بضياع بعض التفاصيل الإبداعية، التي قد تسقط بسبب التباعد الكبير بين اللغات، كأن نترجم إلى العربية شعر كاتب إيسلندي مثلا، فالمسافة الفكرية بين اللغتين، قد تستدعي، في بعض الأحيان، الاستعانة بلغة وسيطة، ما يتطلب وقتا و محاولة لفهم حقائق ترتبط بالثقافة المحلية و بالمجتمع و بالمرجعية كذلك، ناهيك عن الإلمام ببعض الخلفيات التاريخية و فهم أبعاد لها علاقة بالمعتقد.
و أضافت الدكتورة نقروش، بأن الترجمة الشعرية لا بد أن تتم على يد قارئ جيد للشعر في الأساس، كما أنها لا بد و أن تتم إلى لغة يكون المترجم متمكنا منها و متحكما فيها بشكل جيد.
ضيفة قسنطينة، قالت بأن ترجمة الشعر رغم صعوبتها، تعد ضرورية للتحرر ثقافيا، و لمخاطبة الآخر و فهمه، مع ذلك فإن الحديث عن عمل صحيح أو كامل، إن صح الوصف، حسبها، يفرض إلزامية إيجاد قالب تقني قريب للأسلوب الأصلي، كي لا تتوه قوارب الكلمات في بحور الشعر المختلفة، فكل شاعر، كما قالت، لديه خصوصية لغوية قد لا ترتبط بالضرورة بالبلاغة اللفظية، بل هي ترجمة لصور حسية و تجارب إنسانية تخص علاقة الكاتب بمحيطه و بالأشياء.
لذلك فإن عملية الترجمة، لا تكون مباشرة في بعض الأحيان، بل تتم عبر مراحل و تمر بمستويات عديدة، و أكدت بأن قضية ترجمة الشعر القديم على سبيل الحصر، تعتبر من المواضيع قيد النقاش في إيطاليا و السؤال الذي يطرحه المعنيون حولها، يخص مدى صحة الاحتفاظ بالقالب الأصلي بكل تعقيداته، أو تبسيطه بشكل يمكن أن يصل بشكل أفضل للقارئ و المستمع، خصوصا وأن الترجمة الحرفية من العربية إلى الإيطالية مثلا، قد تحيد بالنص إلى الركاكة، و قد تشوه المعاني أيضا.
وعليه فإنه من العدل تجاه أي نص، أن نبحث في خلفياته و نفهمه لنوصله كما هو، وإن تطلب ذلك التخلي عن جمالية الصور اللغوية الأصلية، لأن الترجمة ، كما أوضحت، غالبا ما ترتبط بأسئلة رئيسية هي ماذا نترجم؟ و لماذا؟ و لمن؟، و الإجابة عنها تكمن في فهم النص و قيمته.
ذكرت المتحدثة أيضا، تفصيلا وصفته بالمهم، يخص طبيعة الجمهور الذي ننتج من أجله، ففي أمريكا، حسبها، النقد صارم، لذا فإن ترجمة النصوص القديمة أو الشهيرة مثلا، ليس نشاطا بسيطا قد يمر دون تمحيص دقيق و مقالات نقدية و تقييمية لاذعة.
لغة الكتابة ، كانت كذلك، من بين محطات المقهى الأدبي، الذي تخللته قراءات شعرية لبعض قصائد الشاعرة، فقد تحدثت خلال لقائها بالقراء، عن قضية الفرانكوفونية و عن الكتابة و التعبير بلغة موليير، قائلة، بأن الفرنسية ليست لغة غريبة عنا نتشبث بها ليفهمنا الآخر، كما يتصور الكثيرون ممن يملكون صورة غير واضحة عن الأدب الجزائري، فهذه اللغة في الحقيقة هي جزء من حياتنا، و الفرنسية لم تكن يوما لغة البورجوازيين، كما في دول الجوار، بل كانت لغة اختيار و تعليم ، وحتى وإن كانت علاقتنا بها وليدة عملية اغتصاب و صدمات لارتباطها بالاستعمار والحرب، فإنه لا يمكننا أن ننكر وجودها في حياتنا.
هدى طابي
سميرة نقروش ضيفة المقهى الأدبي ميديا بلوس
- التفاصيل
-
أكاديميون وباحثون خلال ملتقى وطني بقسنطينة: الخطاب التعليمي لجمعية العلماء المسلمين كان تجديديا
ناقش أمس، دكاترة وباحثون قضية الخطاب التعليمي عند جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في ضوء اللسانيات المعاصرة، وذلك خلال ملتقى...
المخــرج محمد فوزي ديلمي للنصر: «كن أنت» أول كوميديا موسيقية جزائرية تعرض على تطبيق إلكتروني
كشف المخرج محمد فوزي ديلمي، عن مشروع فني جديد سيجمع وجوها من قسنطينة، ويتعلق الأمر بكوميديا موسيقية من أربعة مواسم بعنوان « كن...
عودة إلى رؤية العلامة للقضية الفلسطينية: 22 دار نشر وطنية في صالون بن باديس للكتاب بقسنطينة
انطلقت أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الأولى من صالون الكتاب الوطني العلامة عبد الحميد بن باديس تحت شعار «إننا للعلا إننا...
مجموعة من 1400 كتاب: جامعة ميلة تستلم المكتبة الشخصية للبروفيسور «مرمول محمد الصالح»
تسلّمت يوم أمس، المكتبة المركزية للمركز الجامعي عبد الحفيظ بوالصوف بميلة، ما مجموعه 1400 كتاب من المكتبة الشخصية للبروفيسور...
الممثل والحكواتي والمسرحي فؤاد لبوخ للنصر: الحكاية أفضل طريقة تربوية للطفل دون تلقين مباشر
يحرص الحكواتي ومخرج مسرحيات الأطفال على ركح باتنة الجهوي فؤاد لبوخ، على انتقاء النصوص التربوية التعليمية للأطفال، ويستلهم أعماله من قصص...
عرض الفيلم وسط حضور كبير في ذكرى استشهاد البطل
- العربي بن مهيدي -.. قصة مناضل قهر فرنسا بابتسامةاحتضنت دار الأوبرا «بوعلام بسايح» بالجزائر العاصمة، سهرة أول أمس الاثنين العرض الشرفي للفيلم الروائي الطويل «العربي بن مهيدي» للمخرج بشير درايس، والذي...
الطبعة 13 للمهرجان الثقافي للشعر النسوي بقسنطينة: بحـــور للعــــزة و قــــواف لفلسطيـن الصامـــدة
انطلقت مساء أمس، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة، فعاليات الطبعة الثالثة عشرة للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي، تحت شعار «...
ختام أيام برج بوعريريج المسرحية
- سيفار - رسالة الشعوب المستضعفة للتحرر من القيود اختتمت ليلة أمس الأول، فعاليات التظاهرة الثقافية أيام برج بوعريريج للعروض المسرحية المتوجة، بدار الثقافة محمد بوضياف بتقديم عرض «سيفار»، وتكريم عائلة فقيد...
مقهى ثقافي جديد يصنع الحدث بعنابة
- الجبـل السحري - خلـوة ثقافية بأعالـي سيرايـدي افتتحت مؤخرا، سيدة من عنابة مشروعا ثقافيا بنكهة سياحية بمنطقة سيرايدي، وهو عبارة عن مقهى ثقافي أسمته السيدة كريمة شيبان «لامونتان ماجيك» أو الجبل السحري، مستوحية...
فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية بميلة: «ثلاثة أيام في غزة» يتوّج بجائزة أفلام الموبايل
اختتمت يوم أمس، فعاليات المسابقة الوطنية الجامعية لأفلام الموبايل، بدار الثقافة مبارك الميلي بميلة، بتتويج فيلم «ثلاثة أيام في...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)