- كادافر - .. انهيار حلم النجومية خلف قناع قصة حب
قدم مساء أول أمس العرض الشرفي لـ «كادافر» أي جثة ، و هي مسرحية موسيقية شبابية عصرية هادفة، كسرت القوالب المسرحية التقليدية، على ركح المسرح الجهوي محمد الطاهر الفرقاني بقسنطينة، باعتمادها فقط على  لغة الجسد، من إيماءات و حركات و رقصات، إلى  جانب لغة الموسيقى و الإضاءة، لتقديم لوحات فنية تعبيرية متناسقة و تمرير عدة رسائل فنية تحسيسية، و قد كتب نص العمل و صممه و أخرجه الفنان المسرحي و التليفزيوني هادي قيرة، الذي شارك أيضا في أداء أحد الأدوار.
 هادي قيرة، أوضح في اتصال بالنصر، أنه اختار نوع المسرح الموسيقي في عمله الجديد الذي أنتجه مسرح قسنطينة الجهوي، لكي يمرر عدة رسائل للمتفرجين ، طيلة 45  دقيقة، و هي مدة العرض، وسط أجواء من الحركة و الفرجة و الدهشة و البهجة، صنعتها تدفق الأنغام و انسجام الحركات و الرقصات و سحر الإضاءة، مكسرا بذلك القوالب المسرحية الكلاسيكية التي تطغى عليها الحوارات الطويلة، المملة في بعض الأحيان.
و أضاف المتحدث أن «كادافر» تسرد عبر لوحات فنية راقصة، قصة فنان شاب ـ  تقمص الشخصية  الفنان الشاب بلال بوبرد الذي تولى أيضا مهمة إعداد كوريغرافيا العرض ـ  هذا الشاب الموهوب عشق الفن حتى النخاع، و اجتهد و ثابر و أبدع من أجل أن يصنع لنفسه اسما مرموقا في الساحة الفنية و يحظى بالتقدير و العرفان، و كلما نجح تضاعف طموحه، فقرر أن يخطف كل الأضواء من زملائه، و يصبح نجما كبيرا ساطعا، و بعد جد و كد و كفاح تحقق حلمه. و تابع هادي قيرة، بأن هذا الفنان الشاب عندما بلغ قمة النجومية، اقتحمت حياته شابة حسناء ـ  جسدت الدور الفنانة مروة شطيطح ـ  و هي على حد تعبيره، من فئة أشباه الفنانين و الدخلاء عليه، و ما أكثرهم هذا الزمن، فسعت الشابة لاستغلاله، كما فعلت من قبل مع ضحايا آخرين،  بكل الطرق، من أجل تسلق سلم النجاح و الشهرة، فهي تؤمن جدا بأن الغاية تبرر الوسيلة، مهما كانت دنيئة. و تمكنت الحسناء الانتهازية تدريجيا من الفوز باهتمام الفنان الحقيقي الذي أصبح نجما ، ثم وقع في حبها، و لم يعد يبالي بأي شيء ، سوى افتكاك حبها و الاحتفاظ بها إلى جانبه، و كلما ضعف أكثر أمام عواطفه الجياشة، خطفت منه أكثر كل نجاحاته و كل الأضواء التي طالما سلطت عليه، فتحطم حلمه و قلبه على قدميها، و بدل أن ينتفض و يثور على هذا الواقع و يغيره ، و يسترجع شخصيته و نجوميته و مكانته، انطوى على نفسه و بقي مسلوب الإرادة مصلوب الفكر ..ثم انسحب من الساحة الفنية، متأثرا بنكسته و بمجتمع يحرض ـ ضمنيا ـ على السلبية و الإحباط و الانبطاح.
و في قلب النهاية البائسة، اكتشف المتفرجون ما لم يتوقعوه أثناء العرض، فالشاب بلال بوبرد ـ صاحب الدور الرئيسي في العمل ـ  كان في الواقع نائما، و كل ما تابعوه على الركح من مشاهد مؤثرة، جسدت حلما من أحلام أحد المهمشين و البؤساء في هذا العالم، فقد كان يفترش أرضية الشارع، لأنه لا يملك المال و لا المأوى، و لا يعرف طعم الاستقرار و لا بذخ السكينة، فاتخذ من الأحلام مأوى و حضنا و جناحا للتحليق بعيدا. بخصوص الموسيقى التي تعتبر ركيزة العرض الذي اختار له قيرة عنوان «كادافر» أي جثة، ليرمز لموت حلم و قصة حب أصبحت جثة هامدة، قال لنا بأنها للفنان عبد الحميد ليتيم، مشيرا إلى أنه قام بتأليف عدة مقاطع موسيقية للعرض، كما مزج مقاطع مستلهمة من التراث، و أخرى من الموسيقى العصرية و العالمية، لترصع اللوحات الفنية التعبيرية التي تتدفق بشتى الأحاسيس و الأحلام .
و ذكر قيرة أنه شارك في أداء العمل إلى جانب الفنانين الرئيسيين، بلال بوبرد و مروة شطيطح، و كذا الفنان عبد الحميد ليتيم، و الصوت لعمار محسيس، و تصميم الإضاءة لبلال عباد،  و الإضاءة لبكير بوصلصال، و مسؤول الخشبة محمد العايب و تقنيي الخشبة عماد درويش و محمد بلقاسمية، موجها خالص شكره لمدير مسرح قسنطينة و مدير لوندا على الدعم و التشجيع.
إلهام طالب

الرجوع إلى الأعلى