قسنطينة تستذكر إبداعات الأديبة الراحلة نجية عبير
احتضنت أمس دار الثقافة مالك حداد، بقسنطينة،  فعاليات الملتقى الأدبي الأول نجية عبير، وذلك تزامنا مع الاحتفال  باليوم العالمي  للمرأة الموافق للثامن مارس من كل سنة، حيث أعادت الفعالية إحياء ذكرى الأديبة القسنطينية، التي رحلت باكرا، تاركة أثر سيدة أحبت مدينتها فكتبت عنها و لها، و بحثت في موروثها وحلمت أن تقدم لها الكثير لولا أن الموت كان سباقا لإنهاء مسيرتها.
 الملتقى الذي تختتم فعالياته مساء اليوم،  عرف برمجة جملة من النشاطات، استهلت بعرض شريط وثائقي قصير أعده شقيق الراحلة توفيق بن زقوطة، و استجوب من خلاله ذاكرة  بعض أصدقاء الكاتبة و معارفها و ضمنه شهادات حية لأفراد من عائلتها بمن فيهم ابنها البكر،  حيث كان الحديث متنوعا و شمل مراحل طفولتها وشبابها ، كما تطرق خلاله المتدخلون، إلى علاقة الأديبة بمدينة قسنطينة، و إلى تجربتها في مجال التعليم، ومن ثم انتقالها إلى العاصمة، و قبل ذلك استذكر شقيقها رحلة كفاحها رفقة زوجها الخبير في الاقتصاد عمار بوحوش، الذي وقفت إلى جانبه  وضحت من أجله بالكثير منذ ارتباطها به وهي في سنة  22، كما جاء في الوثائقي، و ذكر بالرحلة التي قامت بها الأديبة إلى اليمن، في إطار بحثها حول تاريخ الملاية القسنطينة وأصلها و  تقصيها لقصتها.  من جانبها قدمت الباحثة في التاريخ فاطمة الزهراء قشي قراءة في كتاب « باب القنطرة» لمؤلفته نجية عبير، أو نجية بن زقوطة، مشيرة إلى أن هذا الإصدار يعتبر بمثابة كراسة دونت فيها الأديبة، جانبا من يومياتها و قدمت فيها معالم المدينة و استحضرت روحها عن طريق لغة وصف جميلة و مبسطة.
كما قالت الباحثة، بأن في الكتاب الذي يروي تفاصيل التجربة الطلابية لنجية عبير بمدرسة تكوين المعلمات، لمحة عن الحياة الاجتماعية في قسنطينة، إبان الاستقلال، و يمنحنا وصفا دقيقا لواقع المرأة آنذاك، من خلال قصة الكاتبة التي اختارت التعبير و الكتابة للتحرر من العزلة الاجتماعية المفروضة على طالبات النظام الداخلي في المؤسسة التعليمية سالفة الذكر.
 و ترى قشي، بأن قيمة الكتاب لا تكمن فقط في أنه رحلة عبر الزمن إلى سنوات بداية انعتاق المرأة، بل تشمل أيضا جمالية السرد الروائي  وسلاسة التعبير، مؤكدة  بأن نصوص هذا العمل يمكن أن تستغل في المناهج التعليمية، لأن فكرة الكتاب في حد ذاته، تشجع الطلبة على خوض تجربة الكتابة  و الإبداع، وهي نفس الفكرة التي أعاد طرحها كريم الشيخ،  صاحب دار النشر  «أبيك» بالعاصمة، الجهة التي أصدرت سنة 2005 كتاب «باب القنطرة»، و أشرفت على ترجمته وإعادة نشره سنة 2015 بمعية الناشرة والمترجمة مريم علي موسى، في إطار فعاليات تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية.
قدم الناشر لمحة عن شخصية الأديبة الراحلة و روى محطات جمعته بها في السنوات الأخيرة من حياتها، مؤكدا بأنها حاولت أن تقدم لمدينتها الكثير و سعت من أجل تكريس مبدأ لا مركزية الثقافة، مضيفا بأنه طالما اعتبرها فنانة متكاملة، خصوصا وأنها أحبت الريشة إلى جانب القلم، بدليل أن صورة غلاف كتابها هي واحدة من لوحاتها الخاصة. برنامج الملتقى تضمن كذلك تنظيم فعاليات إضافية،  على غرار  معرض للإصدارات النسوية الجديدة، لثلة من الأديبات، إلى  جانب جلسات بيع بالإهداء لعدد من الشاعرات و الكاتبات اللائي  نشطن خلال الفترة المسائية من اليوم الأول، جلسة شعرية تراقصت فيها كلمات كل من المبدعات ريم بوصبع و آمال قنادز و ليندا قيدوم و  رقية لعوير و عائشة جلاب من سيدي بلعباس، و سيعرف برنامج اليوم الثاني من الحدث،  تقديم مداخلة للدكتور عبد السلام يخلف بعنوان» نجية عبير قسنطينة بحبر الألم والحنين»، ومن ثم تنظيم قراءات شعرية للشاعرات «  كريمة مختاري من  أم البواقي، الوزانة بخوش من خنشلة و مسعودة مصباح من قسنطينة، ليختتم اللقاء بخرجة نحو الموقع الأثري تيديس و وصلات موسيقية للمجموعة الصوتية لدار الثقافة مالك حداد، بالإضافة إلى تكريم عائلة الفقيدة نجية عبير و أسماء أخرى.
هدى /ط

الرجوع إلى الأعلى