مختصون يثيرون إشكالية الاقتباس في الأعمال المسرحية
و أوضح الكاتب و الصحفي علاوة جروة وهبي في مداخلته أن الكثير من كتاب العروض يستندون إلى كتابات مسرحية معتمدين مصطلح اقتباس، و الذي لا يمكن استعماله، كما قال،  إلا في حالة الاعتماد على الأعمال السردية، كالرواية و القصيدة و القصة و الخرافة و الأسطورة و الحكاية،  و تحويلها إلى أعمال مسرحية.
و شدد الكاتب على ضرورة تحديد مفهوم الاقتباس في العروض المسرحية، لوضع حد للأخطاء التي يقع فيها الكثيرون، ، و تطرق إلى الروايات الجزائرية التي تمت مسرحتها، قائلا بأنها قليلة جدا،  مفيدا بأن على رأس الروائيين الذين نالت أعمالهم أكبر قدر من الاقتباسات، الطاهر وطار ، حيث قدمت خمسة أعمال مسرحية من كتاباته السردية، كما ذكر رشيد بوجدرة و واسيني الأعرج اللذين تم اعتماد روايتين لكل منهما، في تقديم عروض مسرحية.
بخصوص الاقتباس من النصوص الأجنبية و الإشكالات التي تكتنف العملية، قال الأستاذ علاوة جروة وهبي بأنها تبدو جلية على الركح، حيث يغيب عنصر الفرجة عن العرض، في الوقت الذي يطالب كاتب النص بتقديم ما هو أجمل و ما يمكن أن يرضي الجمهور، و للقيام بترجمة فنية متميزة ترقى إلى مستوى النص و تستجيب لتطلعات الجمهور،  يجب، كما أكد،  توفر عدة شروط في القائم بالاقتباس، في مقدمتها الرغبة و حب العمل الذي اختار ترجمته، معتبرا هذا الشرط أساسيا و مهما  في الترجمة الفنية المسرحية، لأنه يبث الروح في العمل، إلى جانب شرط التمتع برؤية ثاقبة، مع تحديد الهدف بدقة، أي ضبط الفكرة التي يسعى القائم بالاقتباس لإيصالها إلى الجمهور، و على القائم بالاقتباس أن يكون قارئا جيدا و يمتلك رصيدا ثقافيا و عارفا بأحوال المجتمع و أوضاعه الاقتصادية و الاجتماعية، مع ضرورة التمتع بالبعد الخيالي لتقديم عرض ممتع و شيق، موضحا بأن الكاتب الذي لا تتوفر فيه هذه الشروط،  لا يمكنه القيام بعملية الاقتباس.
و شدد من جهته الكاتب و السيناريست السعيد بوالمرقة على ضرورة الالتزام بقواعد الترجمة السليمة من النصوص الأجنبية، و التي تستدعي، كما قال، ثروة لغوية و ثقافية و فنية، و كذا الكفاءة و القدرة، و فهم اللغتين، المقتبس منها و إليها، فهما صحيحا، و كذا إعطاء العمل بعدا جزائريا، بوضعه في سياق العادات و التقاليد المحلية ، مشيرا إلى أن ترجمة الفنان المسرحي للنص، تختلف عن ترجمة الكاتب الأدبي التي تخضع لآليات الترجمة الأدبية المحضة، عكس الترجمة الفنية الإخراجية، التي تقوم  على عنصر الفرجة، و الإمتاع .
و دعا بو المرقة في ختام مداخلته كل مهنيي المسرح و كذا الراغبين في اقتحامه إلى أخد عنصر الجمهور بعين الاعتبار عند كتابة نص العرض، بدءا بتوقع كيفية تجاوبه مع العرض و تصور ردود فعله عند كل مشهد، و ذلك بتخيل الكاتب  نفسه جالسا في القاعة يشاهد العرض ، كما شدد على ضرورة توفر عنصر الرغبة في الإبداع و التميز .  للإشارة تتواصل في الأيام القادمة الندوات المبرمجة بمسرح قسنطينة الجهوي، في إطار تظاهرة الربيع المسرحي لمدينة قسنطينة، فيحتضن اليوم على الساعة العاشرة صباحا ندوة بعنوان «النص و التناصي في الإخراج المسرحي» ، ينشطها كل من الفنان محمد الطيب دهيمي و الدكتور حبيب بوخالفة، فيما تقدم غدا ندوة ثالثة بعنوان «مهن المسرح بين التقليد و العصرنة» ينشطها كل من الأستاذ حيدر بن حسين و حميدة آيت الحاج و أيمن فتحي .
أ بوقرن

الرجوع إلى الأعلى