- المغفلون - لأحمد بن زليخة..  قراءة أدبية لواقع القرن 21
  وقع أمس الكاتب  أحمد بن زليخة، روايته الجديدة « المغفلون» بمكتبة ميديا بلوس بقسنطينة، أين اقترح على القراء عملا مختلفا جمع فيه كما كبيرا من المفاهيم الإنسانية، و قدمها ضمن رؤية حديثة، تتماشى مع معطيات واقع باتت تحكمه توجهات ضيقة أفرزتها سطوة العولمة بمختلف أوجهها.
تنصهر في الرواية مواضيع جديدة قال الكاتب، بأنها لم تطرح من قبل في الأدب الجزائري، على غرار  الحديث عن سطوة تكنولوجيات الإعلام والاتصال، وكيف  سطحت الوعي و كرست المادية على حساب القيم، فالكتاب، حسبه،  قراءة في واقع الألفية بكل تناقضاته، و طرح عميق لمختلف التحديات التي تواجهها الإنسانية.
 قصة العمل الصادر عن منشورات القصبة، تجمع في طياتها عددا من التجارب الذاتية التي تربطها الحبكة، كل تجربة هي محاولة لاكتشاف الذات و مصارحة مع النفس يعيشها أبطال العمل على اختلاف أدوارهم، فاختفاء لوحة شهيرة  و ثمينة لـ«غوغان » ، ليس سوى نافذة تتحرر عبرها مشاعر وأحاسيس متضاربة و تنصهر ضمن قالب واحد، ففي الرواية تولد علاقة حب بين رجل وامرأة و يتصارع الخير والشر، في نفس  تاجر لوحات و مرتزقة سابق اسمه« غوستاف». كما يخوض  «إرني»، مفتش الشرطة، رحلة البحث عن الحقيقة و اكتشاف الذات و بين كل قصة و قصة، يمكن للقارئ أن يجمع أجزاء الأحجية، ليخلص إلى صورة واضحة، هي انعكاس لما نحن عليه اليوم، كبشر نعيش في عالم مستهلك للأفكار الجاهزة و المفاهيم المعلبة، عالم تسيطر عليه لوبيات ضيقة  و قوى سياسية فاعلة، سعت و لا تزال تسعى، إلى فرض نموذج عالمي موحد للإنسان وفق ما يخدم مصالحها، وذلك من خلال إعادة تعريف العلاقات الإنسانية و تقليص دور العقل و تقزيم أهمية العاطفة  و القضاء على البعد الجمالي للأشياء من أجل فرض بعد مادي استهلاكي.
 بن زليخة قال، بأن ما نعيشه من إفلاس فكري في زمننا الحاضر، هو نتيجة حتمية لانسحاب الفلاسفة الحقيقيين، و شح إنتاجهم الفكري، مقابل طغيان الخطاب المفبرك الموجه ، الذي تقوده أسماء ووجوه يكرسها الإعلام في كل مرة، حيث صنف روايته في خانة الأدب السياسي.
وأوضح بأنه وظف جمالية الأدب و إغراء السرد القصصي، ليمرر أفكار بناءة هدفها إحداث صحوة اجتماعية  في القلب الإنساني الذي فقد، حسبه، الكثير من سماته، لأنه تخلى عن قيمة العاطفة أو على الأقل أصبح غير قادر على إدراك أهميتها و الهدف منها، لذلك فإن  بعث الوعي و التحرر من قيود المادية الاستهلاكية، لن يتأتى إلا من خلال معركة فكر شرسة، ستكون الرواية و الأدب عموما سلاحا فعالا فيها ، لأنها تخاطب القلب و العقل على حد سواء، مطالبا القارئ بالاجتهاد أكثر لالتقاط  المفاتيح  الرئيسية للعمل وفهم مغزاه.
صاحب « إلياس»، تحدث خلال اللقاء، عن دور  الأدب في خدمة القضايا الإنسانية ، لأنه جزء من الواقع،  بل هو ترجمة لمعطياته، لذلك فإن مجالات توظيفه واسعة، تشمل الرقمنة و التراث و السياسة، بشكل يتجاوز  النظرة الضيقة، كمجال يرى البعض، بأنه لا يمكن أن يتعدى جمالية اللغة، وعليه فإن الكاتب لا يستبعد إمكانية خوض تجربة أدبية مستقبلية، قد يمنح فيها أهمية للتراث القصصي والملحمي الجزائري، بما يساعد على بعثه و تثمينه.
 هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى