- هذه رؤيتي لإعادة السينما الجزائرية لمجدها العالمي   u بعد 17 سنة من الغياب عدت بـ"وردية"

يكشف المخرج التلفزيوني والسينمائي محمد حويذق عن وقوفه مجددا خلف الكاميرا بعد 17 سنة غياب حيث يضع اللمسات على فيلم «وردية». ويرحب بقرار إنجاز فيلم عن الأمير عبد القادر ويعدّد شروط نجاحه في هذا الحوار الذي خصّ به النصر، وأكد بالمناسبة أن النصر حاورته في بداياته الفنية ، أي منذ أكثر من 40 سنة، لتعود إلى بيته في وهران من أجل إعادته إلى جمهوره.
هل تفضل أن تكون بداية حوارنا عن آخر أعمالك أم نعود إلى الماضي؟
*حويذق: أول أعمالي تحدثت عنها للنصر في السبعينيات وسنعود لها لاحقا، الآن سأكشف لك عن آخر فيلم أنجزته وهو الآن في مرحلة التركيب على أن أنهيه بعد شهر، عنوانه «وردية» هي محور الصراع والعمل  قصة اجتماعية وملحمة ثورية تؤرخ لجوانب مغايرة من الثورة التحريرية، حيث تروي يوميات أسرة في زمن الأربعينيات كان فيها الوالد مناضلا ومجاهدا ومؤمنا بالثورة التحريرية وأوصى أولاده بمواصلة مشواره بعد موته، ولكن الابن الأكبر تحول إلى «قايد» خلال الاستعمار الفرنسي وطغى حتى على أخويه وأبنائهم، ليفقد الجميع ما عدا ابن أخيه الذي حوله إلى مختل عقلي. المهم حاولت ملامسة يوميات الجزائريين وظروف العيش الصعبة وقتها.
وماذا عن السيناريو والممثلين؟
أنا المخرج وكاتب السيناريو الذي هو مستوحى من أحداث واقعية شهدتها إحدى القرى الجزائرية، وأضفيت عليه بصمتي السينمائية، أما التمثيل فأغلب الممثلين شباب لهم مواهب في التمثيل، أما أماكن التصوير فكانت بوهران وبالنسبة لتسويق الفيلم فأنا لا أتعامل إلا مع التلفزيون الجزائري وسأعرضه عليه.
يشتكي سنمائيون من قلة كتاب السيناريو، هل هذا ما دفعك لتكتبه بنفسك؟
كتابة السيناريو لا يجب أن توكل لأي كان، بل يجب أن يتكفل بها مهنيّ مثقف ومُلّم بعدة جوانب، وإذا أردنا أن نعيد للسينما الجزائرية مجدها يمكن الارتكاز على سيناريوهات مقتبسة من مؤلفات الروائيين الجزائريين ونقوم بإنتاج أعمالهم، وهناك الكثيرون منهم بن هدوقة، محمد ذيب، مولود فرعون ومالك حداد وكذا أدباء أعدمتهم فرنسا وتركوا عدة مؤلفات منهم رضا حوحو ورائعته «صاحبة الوحي» و«غادة أم القرى» وغيرها وكذلك أعمال مرزاق بقطاش وعمار بلحسن وحتى واسيني الأعرج.
ولكن بالنسبة للسيناريوهات الخاصة بأفلام ثورة التحرير أو عن الشهداء والمجاهدين، يجب أن يكتبها مثقفون بالاشتراك مع مختصين في التاريخ.
المشاكل تمس أيضا الإنتاج فكيف تجاوزتها؟
تعرضت لعدة مشاكل مع المنتجين الخواص لأن معظمهم ليسوا من أهل المهنة ولا يعتمدون على معايير الإنتاج، ففي الخارج هناك شروط ولا يمنح اعتماد لمؤسسة إنتاج سينمائي إلا بعد أن يدرس صاحبها السينما ويتحصل على شهادة تخرج عليا، ويجب أن يكون معه على الأقل مخرج له اسم في الساحة الفنية ويرافقه فريق كامل من مدير التصوير، مهندس صوت وديكور وغيرها وكلهم يجب أن يكونوا متحصلين على شهادات،  بالإضافة إلى أن يكون معه كُتّاب نصوص متخرجين من كليات الأدب.
وهذا ما يجب أن يتضمنه قانون السمعي البصري لضبط الأمور والحد من المشاكل مع دور الإنتاج التابعة للخواص.
هناك مشروع قانون السمعي البصري وإجراءات كبيرة لتنشيط السينما، فما هي رؤيتك؟
لدي ثقة أن من يشرفون على تحضير قانون السمعي البصري ذوو خبرة ويعرفون دورهم، ويكفي أن أحمد راشدي هو مستشار رئيس الجمهورية وعليم بخبايا السينما الجزائرية من أيام الثورة لغاية اليوم وأكيد أن الجميع سيضيفون الكثير للسينما الجزائرية، وأتمنى أن يتم فتح كل قاعات السينما في الجزائر وأن يعرض الإنتاج الوطني من أفلام وأعمال جيدة أنجزت على مدار عقود وأن يكون دخول القاعات بأسعار رمزية تشجيعا للجمهور، وأقترح أن يتولى المتخرجون من معهد برج الكيفان مسؤولية إدارة هذه القاعات.
في هذه الظروف كيف تتصورون سيناريو فيلم الأمير عبد القادر؟
أولا أثمن قرار رئيس الجمهورية بإعادة بعث مشروع فيلم عن الأمير عبد القادر، هذه بشرى خير وفرصة للسينمائيين الجزائريين الشباب والطاقات الموجودة في بلادنا للعمل، لدي ثقة كبيرة في هؤلاء الذين كونتهم الجامعة الجزائرية في السمعي البصري والسينما والمسرح، وبالنسبة لمشروع الفيلم ليس من السهل أبدا إنجاز هذا العمل، أنا شخصيا بعد تقاعدي كنت متحمسا لإنجاز فيلم عن الأمير، وعندما غصت في البحث عن شخصيته وإنجازاته من خلال دراسات ومراجع، لدي نسخة من كتاب قديم كتبه الأمير عبد القادر بيده وجدته عند بائع بالعاصمة مختص في الكتب القديمة ولكن لم يكن يدري قيمة المؤلف واشتريته وقتها بـ 250 دج، انتابني «الخوف» وأيقنت أن الرجل عظيم ولا أستطيع أن أوفيه حقه.
وعليه يجب أن يتم أخذ الوقت الكافي لإنجاز الفيلم لأن شخصية الأمير عبد القادر ليست عادية، فهو قائد و رجل حرب، رجل دين متصوف، شاعر، سياسي، مؤسس الدولة الجزائرية،الأمير عبد القادر ساعد أمريكا بتزويدها بالقمح عندما مستها أزمة اقتصادية، وكان الأمير يستقبل وفود عدة دول يأتون لأخذ المشورة ، قام بصك النقود وغيرها من المواصفات التي تميز بها وهذا ما يصعب وجود شخصية تستطيع تجسيد هذا الدور في الفيلم، مثلما هو صعب أن نجد مخرجا له رؤية ملمة بشخصية الأمير حتى يقدمها للجمهور في أحسن صورة ويجب أن تكون له ثقافة عربية وبعد نظر سياسي، وأيضا كاتب السيناريو يجب أن يكون ضليعا في هذا المجال وعملاقا في فن كتابة السيناريو ويعتمد على كل المراجع التي كتبت عن الأمير ولعل أبرزها كتاب «شارل هاري تشرشل» عن الأمير وأنا قرأت ترجمة المؤلف للعربية والتي قام بها أبو القاسم سعد الله، وأعتبره «أصدق» مؤلف لأن تشرشل انتقل إلى سوريا وظل على مدار سنة كاملة يجلس يوميا ساعة مع الأمير عبد القادر الذي كان يروي له جوانب من حياته، وقد أنجز عن هذا الكتاب أطروحة دكتوراه في لبنان يمكن الاستنباط منها، وهناك مؤلفات كثيرة في مختلف دول العالم، كما أنه لا يمكن إنجاز فيلم عن الأمير دون التقرب من عائلته وجمعية الأمير عبد القادر وكل المراجع التي تحدثت عن الأمير لدرء أي مغالطات عن الأمير.
لو نعود لبدايتكم مع الإخراج والسينما؟
بداياتي منذ الستينيات حين ذهبت لفرنسا للدراسة على عاتق الدولة الجزائرية، وتكويني الأصلي أدبي وعرفت بكتابة القصة القصيرة ثم الإخراج ومنه السينمائي وعندما عدت لبلادي أصبحت مخرجا بمحطة وهران للتلفزيون أين تمكنت سنة 1970 وكان عمري 20 سنة، من إنجاز عدة أعمال منها فيلم «الإهمال» الذي كان بطله عثمان عريوات وفتيحة بربار، ثم «ملحمة جنون» في التسعينيات التي شاركت بها في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون العربي وتحصلت على الميدالية الفضية وشاركت مرة أخرى في نفس المهرجان بسلسلة «من البطل» من إنتاج محطة وهران للتلفزيون و التي كانت تنشطها سميرة زيتوني وشاركت بها في مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون العربي ونلت الميدالية الذهبية  ونالت سميرة جائزة أحسن منشطة للأطفال وهذا سنة 1998، وعدت للمهرجان سنة 2000 بعمل سيت كوم عنوانه «أبي أريد سيت كوم» وكان منتجه من الخواص وبمشاركة سميرة زيتوني أيضا وتحصلت على جائزة أحسن مخرج عربي للأطفال، وكان إنتاجه عند الخواص، وأتطلع لأن أشارك مرة أخرى في مهرجان القاهرة بعملي الأخير «وردية»، ولدي أعمال أخرى منها  مسلسل «كلثوم» وسلسلة «عايش بالهف».
ولكن غبت عن الساحة لفترة طويلة ما السبب؟
على مدار حوالي 17 سنة لم أقم بتصوير أي عمل منذ حصولي على التقاعد في نهاية التسعينيات، فأنا أسعى دائما لأمتع المشاهد وأقدم العمل الجيد لرفع مستوى الذوق وأقدم خدمة لوطني، وأوصي الشباب لإنجاز أعمال بناءة تزرع حب الوطن في قلوب الشباب، وتحميه من الآفات الاجتماعية والظواهر الجديدة مثل الهجرة غير الشرعية وعلى السينمائيين أن يبرزوا دور المرأة الجزائرية وأن تكون سندا للرجل ويكون سندها مثلما كانت وقت الثورة وتكون أفلام فكاهية أيضا، من جهة أخرى، غبت عن مهرجان وهران للفيلم العربي لأنه تم إقصائي، فطيلة كل طبعاته لم تقدم لي دعوة للحضور.
بدأنا الحديث عن فيلمك الجديد، فهل من مشاريع في الأفق؟
حاليا أعكف على إنهاء فيلم «وردية»، وبالتوازي أحضر لمشروع فيلم عن «تفجير قنبلة الطحطاحة» بوهران وقد كتب السيناريو الأستاذ المختص في التاريخ بلبوري والدكتور أحمد بلغالية وأنا أقوم بالإخراج و أتواصل مع مديرية المجاهدين، الأعمال حول الثورة يجب أن يكتب لها السيناريو خبراء ملمين بكل الأحداث وخبايا المراحل الزمنية والمعارك وغيرها من الأمور حتى لا ننجز فيلما يحمل مغالطات أو أخطاء تاريخية وحتى لا نسقط في فخ الرداءة.
حاورته:بن ودان خيرة

الرجوع إلى الأعلى