باحثون يستذكرون نضال زيغود يوسف و يبرزون محطات كفاحه

نشط أول أمس مختصون في التاريخ، بمناسبة الذكرى 65، لاستشهاد مهندس هجومات الشمال القسنطيني، زيغود يوسف، ندوة تاريخية موسومة «جوانب من النشاط النضالي و الثوري للشهيد زيغود يوسف»، بدار الثقافة مالك حداد بقسنطينة،  قدموا خلالها محطات في حياته و كفاحه لتحرير البلاد من المستعمر الغاشم.  

تطرق أستاذ التاريخ محي الدين خياط في مداخلته، لأبرز مراحل حياة الشهيد البطل، قائلا بأنه لم يعمر طويلا، فقد استشهد في زهرة العمر، و ولد و تربى يتيما و عاش محروما من أبسط شروط الحياة، و مارس  مهنا شاقة و هو فتى يافعا و حرم من الدراسة في سن مبكرة، حيث اشتغل في النجارة و الحدادة و الفلاحة، و كان خماسا صغيرا، مضيفا بأن للبطل زيغود يوسف فضلا لا يقدر بثمن على الثورة، فبالرغم من صغر سنه و قصر فترة نضاله، إلا أنه قدم الكثير للثورة الجزائرية، حيث يعد أول من كسر قاعدة أن ما يجري في الجزائر شأن داخلي فرنسي، لينقل القضية الجزائرية، لأول مرة، إلى الدورة العاشرة في الجمعية العامة للأمم المتحدة.

أما على الصعيد الداخلي، كما أضاف المتحدث، فقد كان النواة الأولى للمنظمة السرية الخاصة  المعروفة «أوس»، التي كانت بدورها  النواة الأولى لجيش و جبهة التحرير الوطني، مرجعا الفضل الأكبر في وضع اللبنات الأولى للثورة التحريرية سنة 1947 للشهيد زيغود يوسف.
 و أبرز الأستاذ المحاضر خصال مهندس هجومات الشمال القسنطيني، من خلال التعرض لمجموعة من الشهادات لرجال رافقوا الشهيد، و عايشوا معه ويلات السياسة الاستعمارية قبل الثورة و أثناءها، و التي تختصر شخصية الرجل.
و ذكر المتحدث أن عمار بن عودة رحمه الله ، أكد بأن زيغود يوسف كان نزيها، و ذكيا، و موهوبا، و صادقا، و مؤمنا، و اعتبره محمد الطيب العلوي منقذ الثورة من الضياع و مغير مجرى التاريخ.
و ذكر خياط عبارات كان يرددها دائما زيغود في جلساته، و التي كشف عنها إبراهيم سلطان شيبوط رحمه الله، منها رغبته في الاستشهاد في ميدان الشرف قبل نيل الاستقلال، و كذا أمنيته بأن تتحقق العدالة الاجتماعية و يعيش الجزائريون في ظل الكرامة و العدالة، و يأخذ شبابها بأسباب العزة و القوة و هي العلم و المعرفة.
الأستاذ المحاضر استدل بشهادات شخصيات أخرى عاشت المرحلة و كانت مقربة إليه ، مثل شهادة سعد دحلب، الذي قال بأن زيغود كان آخر من ينام و أول من يستيقظ، و لم يكن متسرعا في اتخاذ القرارات، كما نقل الأستاذ خياط  شهادة الطاهر زبيري الذي قضى نحبه بعد فترة وجيزة من استشهاد زيغود يوسف، بعد فراره من سجن الكدية و استقراره بالشمال القسنطيني، حيث قال زبيري بأنه كان حريصا على أداء الشعائر الدينية في وقتها، فيما كان يتولي بنفسه تدريب الجنود، و ظل، حسب المتدخل، الشهيد يحذر من الفتنة و يردد أن «الفتنة أشد من القتل.
محطات في نضال زيغود
قدم ممثل الأسرة الثورية جمال بوطبة، خلال الاحتفالية، محطات توثق لنضالات الشهيد، قائلا بأن أحداث 8 ماي 1945 زادت من وعيه الثوري، فانضم إلى صفوف حزب الشعب الجزائري، ثم ناضل في صفوف حركة الحريات الديمقراطية و أصبح من أبرز قادتها على المستوى الجهوي، ليصبح في 1945 مستشارا مساعدا لرئيس البلدية، و بعد 5 سنوات أصبح عضوا في المنظمة السرية، و في نفس السنة و نظرا لنشاطه المتزايد ألقي عليه القبض من طرف القوات الاستدمارية، حيث حكم عليه بـ 20 سنة سجنا، لكنه تمكن من الفرار في 21 أوت  1951، لينخرط في العمل السري.
كما شارك في تأسيس اللجنة الثورية للوحدة و العمل و التحضير لثورة نوفمبر المجيدة، و خلف ديدوش مراد، على رأس الولاية الثانية بعد استشهاده، و برهن على حنكته و درايته بالعمل الثوري، ليشرف على التنظيم و الإعداد لهجمات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 و يعتبر مهندسها الأول.
كما شارك في مؤتمر الصومام الذي ضم قادة الثورة في 20 أوت 1956 ، و ترقى بعدها الشهيد، إلى رتبة عقيد  و أصبح مسؤولا عسكريا و سياسيا على الولاية التاريخية الثانية، كما أصبح عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ليسقط في ميدان الشرف في 23 سبتمبر 1956، بينما كان يتفقد بعض الأجهزة الأمنية في المنطقة الغربية لمنطقة سيدي مزغيش بسكيكدة،  في معركة غير متكافئة مع جيش الاستعمار.

الدكتور علاوة عمارة على هامش الندوة، التي كان من المقرر أن يقدم خلالها مداخلة، غير أنها ألغيت بسبب غياب الحضور، قال للنصر ، بأنه كان سيتحدث في هذه المداخلة، عن مدى تقدم مشروع الكتاب الذي هو بصدد إنجازه برفقة الأستاذ رياض شروانة حول زيغود يوسف، و الذي يتضمن القراءة التاريخية و الوثائقية و ليس الروائية لسيرة و مسار الشهيد، لأن أغلب ما يسند إليه، حسب الدكتور علاوة عمارة، عبارة عن أساطير و ليست حقيقة تاريخية، مؤكدا بأن القراءة التي يضمها المؤلف تستند إلى وثائق من الأرشيف تؤكد أصوله العائلية من برج زمورة إلى بني فرقان في وادي الزهور،  إلى دوار لمجابرية، و تبرز  مساره الدراسي و نشأته العائلية، و عمله كحداد و كذا نضاله السري و ترشحه للانتخابات البلدية، وصولا إلى مرحلة الملاحقة الأمنية بعد فراره من سجن عنابة،  إلى غاية تحضيرات تفجير الثورة ثم استشهاده، و كلها محطات موثقة.
أسماء بوقرن

بلدية زيغود يوسف
دعوة لترميم مركز التعذيب و بعث ملحق متحف المجاهد
ناشد أول أمس، مجاهدون و أعضاء  بالمجلس  الشعبي البلدي  لبلدية  زيغود يوسف، خلال إحياء الذكرى 65 لاستشهاد البطل زيغود يوسف، بولاية قسنطينة، وزارة المجاهدين و السلطات المحلية، لتهيئة مركز التعذيب الذي يعتبر شاهدا على تضحيات رموز الثورة، و يعاني الإهمال، حسبهم، كما احتجوا على تأخر انطلاق أشغال إنجاز ملحق متحف المجاهد بالمنطقة، بعد نحو سنتين من الموافقة على الدراسة و تخصيص ميزانية 3 ملايير سنتيم لتجسيده.
خلال إحياء الذكرى 65 لاستشهاد البطل زيغود يوسف، دعا  نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية زيغود يوسف محمد شرغال، إلى جانب مجاهدين بالمنطقة، و ذلك خلال زيارة المفتش العام لوزارة المجاهدين و ذوي الحقوق، عمر بن سعد الله، و السلطات المحلية لمركز التعذيب بزيغود يوسف، إلى ضرورة تهيئة المركز الذي يعاني الإهمال و ضياع بعض الوسائل التي تعد شاهدا على انتهاكات المستعمر الوحشية لحقوق الجزائريين، و حمايته من التخريب، و تحويله إلى فضاء متحفي مفتوح للزوار و استغلال مساحته الكبيرة لإقامة معارض و إحياء مناسبات تاريخية خالدة، ليخفف بذلك على الجميع عناء التنقل للمؤسسات المتحفية الكائنة بوسط المدينة و تخفيف الضغط عنها، فيما أكد ممثل الجمعية الوطنية جيل نوفمبر، الممولة من قبل وزارة المجاهدين، بأن ملف ترميم المركز موجود على مستوى الوزارة، و ينتظر الضوء الأخضر.        
كما طرح المشاركون انشغالا آخر يتعلق بتأخر انطلاق أشغال مشروع ملحق متحف المجاهد المبرمج إنجازه بمركز الجندرما المحاذي لمركز تعذيب، حيث أوضح نائب رئيس المجلس الشعبي البلدي لبلدية زيغود يوسف محمد شرغال، في حديثه مع المفتش العام لوزارة المجاهدين و ذوي الحقوق، بأنه تمت الموافقة على دراسة المشروع و قدمت للمقاول منذ نحو سنتين، و خصصت له ميزانية تقدر بـ 3 ملايير سنتيم، غير أن الأشغال لم تنطلق بعد.
و أرجع والي الولاية التأخر إلى الأزمة المالية التي تتخبط فيها البلاد، فيما وعد المفتش العام للوزارة بالتكفل بانشغالهم.  
و أكد السيد عمر بن سعد الله ، في الكلمة التي ألقاها ، بدار الثقافة مالك حداد، خلال إشرافه على انطلاق فعاليات ندوة تاريخية بعنوان « جوانب من النشاط النضالي و الثوري للشهيد زيغود يوسف»، بأن هذه المناسبة نحييها لاستذكار قيم و مبادئ ثورة التحرير المجيدة و استحضار مآثر أبطالها، فهذه الثورة تعد القوة التي تحرك القيم و تدفع بها إلى العلا و تنير درب الأجيال، مثمنا تضحيات رجالات الأمس، كالشهيد الرمز زيغود يوسف، الذين ساهموا في استعادة الجزائر حريتها و استقلالها و سيادتها، و مكنوها من استرجاع هويتها و مقومات شخصيتها، و لا تزال الأمة تعتز بأبطالها و تشهد على عظمتهم أعمالهم الجليلة و تضحياتهم الجسام، و علينا، كما أردف المسؤول، أن نحفظ الوديعة و نصون الأمانة و نكسب رهان التقدم و التنمية.  
من جهته قال والي قسنطينة مسعود جاري في كلمته،  بأن إحياء المناسبة التاريخية فرصة للتأكيد على الحرص و العناية اللذين توليها الدولة الجزائرية لصناع الثورة، و حرصها على ضرورة الحفاظ على المكتسبات الوطنية، فهي لم تدخر جهدا في سبيل تحيين المنظومة القانونية لحماية مكتسبات الثورة و ضمان حقوق الأسرة الثورية و ذويهم، منوها بتضحيات القائد التاريخي زيغود يوسف، قائلا بأنه كتب اسمه بحروف من ذهب في سجل الوجود، و نذر حياته للوطن حتى قضى نحبه شامخا، لتلتحق روحه برفقاء السلاح.
و أضاف الوالي بأنه مهما أسهبنا في الحديث عن بطولات الشهيد البطل زيغود يوسف، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن نفيه حقه و نثمن ما قدمه من تضحيات، معتبرا إحياء  ذكرى استشهاده، مناسبة للتأمل و الإقتداء بأبطال الثورة التحريرية الذين يستحقون أن يكونوا وساما على صدر الوطن خالدين في ذاكرته، و فرصة لاستلهام الأجيال الصاعدة للعبر، حتى نغرس في نفوسهم الروح الوطنية.
جدير بالذكر أن المفتش العام لوزارة المجاهدين، و السلطات المحلية،  قاموا بزيارة مقبرة الشهداء ببلدية زيغود يوسف، و قدم ممثل الأسرة الثورية جمال بوطبة، خلالها كلمة استذكر خلالها محطات في مسار و سيرة الشهيد الخالدة، لتتم بعد ذلك زيارة مركز التعذيب المتواجد بذات البلدية، ثم التوجه نحو دار الثقافة مالك حداد،حيث  تم تكريم بالمناسبة ابنة الشهيد السيدة شامة زيغود، التي غيبها المرض، لينوب عنها مسؤول قسمة المجاهدين بقسنطينة، كما تم  تكريم مجاهدين عانوا ويلات التعذيب ببلدية زيغود يوسف، نذكر منهم علي بوزيان و أحمد زعير.
 أسماء بوقرن 

الرجوع إلى الأعلى