قصر أحمد باي بقسنطينة يتعزز بقاعة عرض الحلي
كشفت مديرة قصر الحاج أحمد باي للنصر، أن التحضيرات جارية ، لافتتاح قاعة عروض خاصة بالحلي التقليدية، مرفقة ببطاقات تقنية، للتعريف بها و بمختلف الوسائل و التقنيات و أساليب الزخرفة المعتمدة في صناعتها، و من المنتظر أن تفتح أمام الزوار خلال انطلاق الطبعة الرابعة لتظاهرة جسور التواصل لتاريخ الحواضر، و التي ستقام في الفترة الممتدة بين 26 و 28 ديسمبر المقبل، فيما يجري التحضير لفتح قاعات عروض أخرى، خاصة بالزرابي و النحاس و الآلات الموسيقية.  

و كانت النصر سباقة لزيارة قاعة عرض الحلي، لتقف على التحضيرات الجارية عن كثب من قبل مختصين و باحثين، حيث تشرف مديرة القصر مريم قبايلية على فريق إعادة تهيئة القاعة و تنظيفها، قبل أن تباشر عملية تنظيف الحلي المتوفرة بالقصر، و هي عبارة عن قطع متنوعة تبرز الإرث المادي الذي تزخر به بلادنا، من بينها أساور من الفضة مرصعة بالأحجار الكريمة، تعرف بتسمية عليها « الفردة»، إلى جانب الخلخال، المصنوع أيضا من الفضة، و هو مزين بأشكال و زخارف ، و كذلك أقراط فضية ذات حجم كبير تعرف محليا بـ«المشرف».
توجد أيضا حلي ترمز للمعتقدات القديمة، كالحلي الطقسية أو الحرزية التي كانت تضعها المرأة لحماية نفسها من العين، كما كان سائدا، و يعد هذا النوع من الحلي من القطع المتوفرة بالقصر منها التي تلقاها كهبة من قبل دار الثقافة محمد العيد آل الخليفة، و منها ما تم اقتناؤه بعد إخضاعه للمراقبة و التدقيق من قبل لجان مختصة.
بالنسبة لطبيعة الحلي التي يشرف حاليا مختصون على تنظيفها و دراسة رموزها، لعرضها بالخزائن الزجاجية التي تتوسط قاعة العرض، قالت المسؤولة بأن هناك أنواعا عديدة منها التي تمثل منطقة الأوراس، و تتميز  بأشكال هندسية تعبيرية، منها ما تبرز زخرفته شكل مثلث يعبر عن الخصوبة، فيما تعبر الألوان الكثيرة البارزة في الحلي القبائلية عن الازدهار، كما أن للخط المموج رمزية، فقد صمم لطرد الأرواح الشريرة، كما قالت  مسؤولة القصر المختصة في الآثار القديمة، للنصر، إن قطعا من الحلي التعبيرية، تستعمل كوسيلة للتمييز بين المرأة المتزوجة و العزباء في المناسبات و التجمعات العائلية.
و توجد قطع من الحلي كانت تستعمل لأغراض معينة، كـ«خلخال الرنة»، الذي كانت ترتديه المرأة في حياتها اليومية، و هناك من يعتبره كوسيلة للفت الانتباه فيما يعتبر آخرون، كما قالت ذات المسؤولة، تنبيها بقدوم المرأة، لتفسح لها الطريق للعبور، موضحة في ذات السياق بأن المرأة الجزائرية كانت منذ القدم و قبل مجيء العثمانيين، حريصة على أن تتجمل في بيتها، ولا تكتفي بارتداء حليها في المناسبات، بل تعتبرها أساسية في إطلالتها اليومية.    
إطارات متحفية و باحثين لدراسة رمزية الحلي

مسؤولة الصرح، و هي مختصة في الآثار القديمة،   أوضحت بأن القصر كان في السابق، يضم قاعة للحلي تطل على حديقة النخيل، مجاورة لغرفة الحاج أحمد باي، و قد فتحت في عاصمة الثقافة العربية لكن أعيد غلقها لسنوات، و تفتقر لعديد الأشياء،  وتقرر اليوم إعادة بعثها بحلة جديدة، من خلال تخصيص فريق لتنظيفها، مع الحفاظ على ديكورها التقليدي و جدرانها المزينة بالزلايج، و هذا الفريق يضم إطارات من المتحف و جامعيين، لإجراء دراسة معمقة على مختلف الحلي المتوفرة و المصنوعة بمعادن كالبرونز و الفضة و الذهب، و كذا الأحجار الكريمة،  للبحث في دلالات  الرموز و الأشكال لإعداد بطاقات تقنية لكل قطعة، تضم معلومات باللغتين العربية و الإنجليزية حولها.
محدثتنا أوضحت بأنها أصرت على إشراك الجامعيين،  لأن حلي المرأة الجزائرية تخصص قائم بذاته، و يقدم كمقياس في الجامعات، مشيرة إلى أنه يتم الاستناد إلى مراجع علمية حول حلي المرأة الجزائرية في مختلف مناطق الوطن، من أجل وضع بطاقات تعريفية دقيقة، تفاديا للوقوع في أخطاء، مشيرة إلى أن المتحف كان يضم مجموعة من الحلي، منها التي قدمت كهبة من قبل عائلات و جمعيات، و هناك التي اشتريت، بعد إخضاعها للمراقبة من قبل لجان على مستوى المتحف، و كذا لجان وطنية على مستوى الوزارة، كما تم تنظيف الحلي لإعادة البريق لها،  و يتم حاليا وضع بطاقات تقنية، و فور الانتهاء من العملية ستكون جاهزة للعرض على الجمهور.
لافتات للتعريف بطرق صناعة الحلي

 تضم قاعة العرض عدة لافتات، للتعريف بحرفة صناعة الحلي الجزائرية، و هي من أهم الحرف التقليدية، التي تبرز التنوع و الثراء الثقافي لبلادنا، كما تعرف بأدوات الصنع التي كانت تستخدم في القدم، حيث قدمت لنا مسؤولة القصر و كذا المكلفة بالحفظ و الجرد و الترميم  السيدة نور الهدى شرقي، مجموعة من الشروحات حولها، و من بين هذه الأدوات أداة الكير أو المنفاخ و تستخدم لتطويع مادة الذهب و الفضة، فيما  يستخدم القالب المصنوع من النحاس لاستخراج مختلف الأشكال، أما أداة الدقماق ، فهي عبارة عن مطرقة خشبية مصنوعة من خشب الجوز، تستعمل في تقنيتي الصناعة و الزخرفة.
و هناك أداة أخرى تستخدم في هذه الصناعة و هي أداة الأزاميل، و تعد من أبرز الأدوات المستخدمة في عمليات التجميع و التركيب الفنية و الصناعية، و تستعمل للحز و الحفر و في النقش،  فيما يستعمل الحرفي آداة الملقاط لالتقاط المعدن أثناء عمليات الحرق، و يختلف شكل و فك الملقط، حسب شكل و حجم الحلي.و أوضح من جهته، خالد قربوع، الملحق بالحفظ، و أحد المشرفين على القاعة الذي رافقنا خلال زيارتنا لها، أن هناك تقنيات لصناعة الحلي في مقدمتها الصهر و هي تقنية تعتمد على إذابة المعدن من أجل تحويله، و القولبة و هي تقنية ترتكز على إنتاج سلسلة من الحلي عن طريق وضع المعدن المذاب في قوالب مصنوعة يدويا، من قبل الحرفي، كما توجد تقنيات عديدة كتقنية الصب و التي تعتمد على استعمال الشمع المذاب.
و قدم لنا مشرفون على الدراسة، أساليب الزخرفة كطريقة الضغط و الدق، و التي تتم عن طريق تقطيع الصفائح المعدنية، حسب شكل الحلي المراد صنعه، ثم توضع الصفيحة على قالب خشبي حفرت عليه الزخارف، و توجد طريقة الطرق و تعتمد على الطرق الخفيف و تتم بعد رسم الأشكال الزخرفية على القطعة المطلوب زخرفتها، و كذا طريقة الحفر الغائر أو البارز، و التي تستخدم في طريقة الحفر في التحف المراد إبراز الزخارف بها بدرجة أكبر من الضغط.         
فتح قاعة للزرابي و الآلات الموسيقية
كشفت مديرة قصر الباي للنصر، أنها تعتزم فتح قاعات أخرى للترويج للموروث المادي، كصناعة الزرابي  التي تشتهر بها مختلف ولايات الوطن، كزربية غرداية و زربية بابار و زربية النمامشة التي تميز كل منطقة من بلادنا، غير أنها في طريقها للاندثار ، بالإضافة إلى قاعة النحاس، لإبراز هذه الحرفة القديمة جدا.
  و تعتزم المديرة أيضا، فتح قاعة الآلات الموسيقية، لعرض مختلف الآلات التي تستعمل في مختلف الطبوع القسنطينية و الجزائرية عموما،  و تدعو الجمعيات الثقافية و الناشطين في الحقل الثقافي، و كذا العائلات التي لا تزال تحتفظ بهذا الإرث المتنوع، أن تساهم في إبراز التراث الجزائري.
أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى