استنطاق المسكوت عنه
مزواد نسيبه
إعادة طرح السؤال بعيدا عن المطالبة هو ما يحتاجه الخطاب النسوي العربي الراهن ليتموقع بين باقي الخطابات، إعادة طرح السؤال وما يترتب عليه من هدم ممنهج لكل المنظومات التعالقية التي صنعت المرأة بهذا الشكل، إنه اجتراح للأسئله الحقيقية المسكوت عنها وإعادة تحيينها
على سرير الزعيم هو محاوله جادة لإيصال صوت المرأة المخنوق على سريرها ومع زوج لا تحبه، زوج ترى فيه ملامح حبيبها كلما اقترب منها ، هل يمكن أن ننكر موضوعا مستشريا في واقعنا إلى هذا الحد؟
 إذن إليك التالي: الزوجه لم تكتف بتخيل ملامحه بل تزوره من حين لآخر ؟ إنها امرأة مفتته بين قلب اختار حبيبا وأسرة اختارت زوجا؟ إلقاء الضوء على موضوع مستتر كهذا لا يعني افساد المجتمع بقدر ما هو علاج له، هل الزوجة العاشقة مجرمه؟ هل تستحق رجم الاسرة والمجتمع والجميع بعد أن اعتدنا على خيانة الزوج المشرعنة والمبررة من طرف الجميع ؟ هذا ما أجابت عنه القاصه في نصها بكل جرأة وشفافية في «أسماء». وشهرزاد التي تحكي كل ليلة عن فتيات حالمات حصرن كل إمكاناتهن المتاحة في فارس أحلام، يتحطمن وتتحطم معهن مشاريعهن بغيابه، حتى أنها تتوقف بحضوره فيأخذ هو المركزية وتكتفي هي بالتبعية، والأمر ليس معاصرا بل حتى في عصر الوحشية وإلى غاية المرحلة الدنيا والوسطى وبداية المرحلة العليا من المرحلة البربرية، كان للمرأة سلطة عزل الزعيم إلا أنها لم  تكن ولا مرة  هي الزعيم. لماذا حدث تقسيم الادوار بهذا الشكل ومتى؟
الحقيقة أن صاحبه المجموعة القصصية لم تكن أحاديه الطرح بل كان للرجال المقهورين نصيب من سردها، ومن هو الرجل الأكثر قهرا من ذاك الذي أكره على ترك حريته من أجل دنانير لا تسد أبسط أحلامه، ذاك الذي لا يستطيع أن يرى حبيبته إلا اياما معدودات ثم يعود لسجنه، سجن، جدران السجن العقابي أرحم منه، إنه سجن «القاريطا» التي تكون المناوبة الواحدة فيها بألف كابوس من الخوف والرعب، كل خطوة تخطى خارجا هي سكرة من سكرات موت تسعيني يتجرعها في الليلة ألف مرة، فيها من ألم الفقد ما يجعله شيئا متجردا من أي شعور وإن كان خوفا فكيف بالحب، ليتضح أخيرا أنها خطوات كلب شارد، أي إنسان بائس هو ...، هل يوجد من هو أقهر منه ؟ بلى؛ في مجتمعنا يوجد نماذج تعيش حياة بائسه في صمت، لا ذنب لها سوى أن اختيارها لا يتقبله مجتمع كل فرد فيه نصب نفسه المتكلم الرسمي باسم الرب، حارسا لمعبد لا يعرف حتى طريقه فتح بابه، حامي الفضيلة، فرد بلا خطيئة ...، يعيش مع هؤلاء الفرد( ذكر –أنثى) المثلي ، ذلك الانسان الخائف الذي لا ملجأ له ولا منجي، الذي لا يستطيع أن يختار ما يريد، وإن اختار كسره تيار المجتمع حتى أقرب الناس إليه، الذي لا يستطيع حتى أن ينفس عن قهره بالكلام، الذي لا يستطيع أن يرتدي ما يشاء، أو يتكلم بالطريقة التي يشاء ، أي مجتمع بشع هذا الذي حرم إنسانا من دفء الحياة التي يحلم بها وأجبره على حياة باردة ، أبرد من ثلج الالزاس.
أما قصتها عن بنت المهبولة فهي الأعمق على الإطلاق ، قصة تتضمن ثلاث مشكلات جوهريه وخطيرة نعيشها ليومنا هذا، وكم نحن بحاجه لإعادة تسليط ضوء مكثف عليها: أبناء الطلاق ووضعهن خاصة إن كانت الامهات لا دراسة لهن ولا عمل ، زواج القاصرات من اولئك الذين عوضوا خيبتهم الجنسيه بشوارب عملاقه كرمزيه على فحولتهم الغابرة، خذلتهم أجسادهم فاستعانوا بكل ما هو صلب حاد يعيشون على وقعه نوستالوجيا دافئة، يبتاعون بعدها كل دواء ازرق لعل وجوههم تحمر، ليغتصب به براءة صغيرات ينمن محتضنات دماءهن.. لتظهر المشكله الثالثة وهي الاغتصاب الزوجي، يحوي الكتاب على العديد من القصص حوالي اثنان وعشرون قصة والتي لا تتسع المساحة لذكر جميعها، لأنها ليست مجرد حكايات نستأنس بها بل قضايا  معقدة مسكوت عنها، كل قضية منها تطالبنا بفتح ورشات وملتقيات لدراستها.

الرجوع إلى الأعلى