في هذا الحوار، يتحدث الكاتب والروائي المصري المعروف، عزت القمحاوي، عن روايته الجديدة «ما رآه سامي يعقوب» الصادرة مؤخرا عن الدار المصرية اللبنانية، وعن الشخصية المحورية «سامي» وعن معاناته وإرباكاته وحياته التي تجسدت على أرض الرواية وتشابكت مع الواقع والمتخيل. كما يتحدث عن المصدر الأساسي والأهم للروايات بشكل عام، أهو الواقع أم المُتخيل؟ وعن الواقعي، الغرائبي. وخاصة عن الأسطورة التي يرى أنّها كانت مقترحه في أكثر من عمل. لكنّه من جهة يؤكد أنّه في كلّ الأحوال يجب أن تكون لغة الرواية من لحم ودم حتى عندما نستلهم الأسطورة. القمحاوي الّذي يقول أنّه يجب أن نكتب بلغة يستطيع القارئ أن يحسها. يضيف في ذات السياق أنّه يرى مستقبل السرد العربيّ في استلهام الأسطورة، لأنّ الواقع –حسب قوله- ثقيل، والأسطورة تمنحه الخفة التي هي من قيم الأدب الجيّد. وقد أصبحت الأسطورة خيارًا منقذًا للكتابة، لأنّ الواقع أصبح غير معقول. ولا يستطيع خيال النص أن يكون وراء خيالية الواقع. صاحب «مدينة اللذة»، يتحدث أيضا عن سياقات وشؤون أخرى ذات صلة بالأدب والكتابة.

 

حاورته: نوارة لحرش

 

روايتك الجديدة الصادرة منذ أيّام «ما رآه سامي يعقوب». من هو سامي يعقوب وماذا رأى؟

عزت القمحاوي: سامي يعقوب شاب أحببته كأبنائي. كتبتُ الرواية في فترة قصيرة جدًا، لكنّني ظللت أراجع فيها طويلاً جدًا. أكتبُ بهذه الطريقة غالبًا، لكنّني اكتشفت أنّ ما يجعلني أتباطأ في الدفع بالرواية إلى النشر ليس خوفي المُعتاد، بل الخوف من فُراق الشخصية التي صرتُ أعتقد أنّها موجودة بالفعل وأخشى وحشة الابتعاد عنها. هو إنسان خاص، مثلما لكلّ إنسان خصوصيته. يرى الأحداث قبل أن تقع، لذلك يعيش الحياة بتسامح من يشاهد عرضًا فنيًا سيتكرر. يقع سامي في غرام أرملة في مثل سنه، أم لطفلتين، يتفقان على أن يحتفل بعيد ميلاده عندها، ويستيقظ مفعمًا بالبهجة لأنّه سيعيش عيد الميلاد الأسعد في حياته، لكنّه لن يصل بسبب ما رآه في نصف ساعة هي زمن الرواية، وزمن الرحلة بين شقته وشقتها.
هذا الحب لسامي يعقوب، بطل وشخصية روايتك الرئيسي، والّذي أحببته كأبنائك. كيف تفسر علاقة الكاتب بشخصيات هو يخلقها على أرض الرواية؟
عزت القمحاوي:يحاول الكاتب أن يكتب الشخصية كما تصورها، لكن أثناء الاندفاع في الكتابة تحصل الشخصية على بعض استقلالها، وفي النهاية ينظر الكاتب إليها كما ينظر إلى ولده الّذي كبر وأصبح مستقلاً عنه. وتبدأ المسافة في التباعد بين الكاتب والشخصية الروائية في التزايد عندما تجد هذه الشخصية صدى لدى القراء، وتصبح لها حياتها الخاصة. وقتها أراقبها بإعجاب أحيانًا، بندم أحيانًا على أوجه ضعف رآها البعض، تمامًا مثلما أنظر إلى أبنائي بعد أن كبروا وبدأوا يتعاملون مع الحياة بشخصياتهم المستقلة. ودائما هناك سؤال عن المسافة التي صارت: أهذا ابني؟
لم يمض على صدور «ما رآه سامي يعقوب» الكثير لأرى كيف يستقبلها النقد، لكن التعليقات الفورية بعد القراءة من أصدقاء أعتز بهم تجعلني مطمئنًا. كتبتْ لي صديقة إنّها  طوال القراءة كانت تشعر أنّها هي سامي يعقوب، وأحيانًا تشعر أنّها فريدة حبيبته، وأنّ بعض حوارات الرواية جرت لها في حياتها الخاصة، لدرجة أنّها أحست لوهلة بأنّها تحت المراقبة. وهذا التعبير أسعدني جدًا، وأظن أنّه أمر مُبهج لأي كاتب عندما يجد شخصيته وقد اشتبكت مع الواقع، أو خرجت من الرواية لتصبح نموذجًا واقعيًا.
يقول الكاتب الإيطالي أنطونيو تابوكي: «شخصياتنا تحاسبنا. كيف لا ونحن نشعر في مرحلة ما بالمسؤولية إزاءها أو بشعور قوي بالذنب». فهل يمكن القول أنّ شخصياتك تحاسبك أيضا. حدثنا عن هذه النقطة بالذات، خاصة مع شخصية سامي يعقوب التي استحوذت على مساحة كبيرة من محبتك وعاطفتك؟
عزت القمحاوي: نعم، كثيرًا ما أشعر بالذنب، أشعر بالتقصير في منح الشخصية عمقًا فكرتُ فيه. ثمّ تغاضيت أو سهوت عنه. لم أزل متوترًا بشأن سامي يعقوب، وكيف سيراه الناس. أردتُ له أن يكون ضربًا من قديس وأبله وذكي، هل تمكنت من صنع هذا؟ وهل هذا الشخص يستحق الحزن والخوف اللذين واجهته بهما الحياة؟ رغم محبتي لم أتمكن من منحه حياة سعيدة. بالطبع لا يمكن أن نكتب رواية معتمة من أولها إلى آخرها، فهذا يناقض شروط الفن، رغم أنّه لا يناقض ما يجري في الحياة. بعض الناس تتكالب عليهم المصائب إلى حد ثقيل لا يمكن نقله إلى الفن. ولابدّ أنّ القارئ سيجد لحظات فرح ولحظات حب في حياة سامي يعقوب الّذي حكمت عليه بالوحدة وبتهديد حبه تحت قسوة الخوف.
برأيك أيّهما المصدر الأساسي والأهم للرواية. الواقع أم المُتخيل؟
عزت القمحاوي: الواقع هو المُنطلق دائمًا، سواء في الكتابة أو الأحلام، نحن أبناء واقعنا. الإنسان بنى تصوراته عن الكون والإله انطلاقًا من المحسوس ومن خلال المحسوس. لكن إعادة بناء هذا الواقع في الرواية هو الّذي يصنع الفرق بين كاتب وكاتب وأسلوب وأسلوب. لكن حتى العجائبي ليس معلقًا في الهواء، والأسطورة ليست سوى الواقع محلومًا به أي متحررًا من محدوديته.
الصورة غواية الشِّعر. فما غواية الرواية. هل الفكرة، الأحداث، الحدوثة، الأسطوري، الواقعي، الغرائبي؟
عزت القمحاوي: في رأيي الصورة ضرورية لكل تجسيد جمالي. وإلى جوار الصورة فإنّ لكلّ روائي غوايته، وهذا قد يكون نقطة قوة الرواية التي لم تصل بها إلى طريق مسدود كما وصل الشِّعر للأسف، فهناك روائي غوايته السخرية وروائي غوايته الأسطورة، روائي غوايته الفكرة، ولكل روائي ألمه كذلك. روائي ألمه سؤال الموت أو الشيخوخة، روائي ألمه سؤال الكرامة أو محدودية القدرة الإنسانية، روائي  يؤلمه قوة الشر وتفوقه. غوايات ومشاغل الرواية مُتعدّدة ولذلك تتشعب طُرقها ويتجدّد شبابها باستمرار.
أين يتجه السرد العربي الآن وإلى أي سقف يمكن أن يصل وهل الرواية الحديثة أو الجديدة تنشغل بالداخل أكثـر والذاتية أم الموضوعاتية؟
عزت القمحاوي: السرد العربيّ في محنة، السرد العربيّ تقع عليه العديد من الإكراهات فهو لم يستفق بعد من إكراهات الدكتاتورية، والدكتاتورية لا تعني فقط السلطة وإنّما تعني دكتاتورية الشارع، تعني دكتاتورية لقمة العيش التي تُزاحم الكاتب على وقته، ولم يخرج من هذه الإكراهات حتى اندمج في الإكراه الأسوأ الجديد وهو إكراه التسويق ورأينا كيف برزت على السطح نماذج من الروايات. وللأسف الشديد لم نزل بعيدين عن ثقافة النقد. لا أعني حركة نقد الأدب، لكن أعني القدرة على التمحيص. هناك نماذج من روائيين في غاية الشهرة يعبرون كلّ نقاط التفتيش دون أن يستوقفهم أحد ليستوثق من أوراقهم.
أمّا إذا ما سألنا عن الفن، عن أي الطُرق أفضل، فأعتقد أنّ هذا سؤالٌ فردي يُجيب عليه كلّ كاتب. بالنسبة لي أرى أنّ الأسطورة هي مقترحي. في أكثر من عمل لا بدّ أن تحضر الأسطورة، «مدينة اللذة» مثلا عمل أسطوري بالكامل لكن تستطيعين أن تـشمي فيه ظلاً للواقع، ولكن هو أسطورة المكان الضاغط لدرجة سحق البشر وعدم وجود شخصيات في المكان، هو الموجود وفيه تماس تقريبا مع تاريخ الحضارات كلّها. في «الحارس» عدتُ تقريبا لنفس المنطقة، أي منطقة منظومة الحراسة وأستطيع أن أدافع عن هذا الخيار. أقول لكِ أنّني أرى مستقبل السرد في استلهام الأسطورة، لأنّ الواقع ثقيل، والأسطورة تمنحه الخفة التي هي من قيم الأدب الجيّد. وقد أصبحت الأسطورة خيارًا منقذًا للكتابة، لأنّ الواقع أصبح غير معقول. ولا يستطيع خيال النص أن يكون وراء خيالية الواقع.
يقول المقالح «لن نذهب إلى الرواية إلاّ من خلال مناخ من الفكر الّذي يتم التعبير عنه بما يشبه الشِّعر». فما رأيك، خاصة وأنّ هناك في الروايات الجديدة موجة شِعرية داخل الرواية؟
عزت القمحاوي: هذا مُقترح من مقترحات لغات الرواية، وأنا أرى أنّ لغة كلّ رواية تنبع من عالمها. بعض العوالم الخيالية تستدعي الاختزال الشّعري. رواية تدور في الريف لابدّ أن يكون إيقاعها موازيًا لدعة هذا العالم وتراخيه، رواية في محيط عسكري لابدّ أن تعكس في لغتها روح الأوامر. في كلّ الأحوال يجب أن تكون لغة الرواية من لحم ودم حتى عندما نستلهم الأسطورة، يجب أن نكتب بلغة يستطيع القارئ أن يحسها. كُتابي المفضلين هم الذين يكتبون بلغة من لحم ودم. الرواية هي الفن الّذي يُعالج المحسوس ولابدّ أن يحترم الصور.
ما هي وظيفة الرواية، وما هي وظيفة الروائي، وهل هناك وظيفة للرواية والروائي؟
عزت القمحاوي:أنا أعتقد أنّ وظيفة الرواية هي الإمتاع، ووظيفة الروائي هو أن يُمتع نفسه.
بالدرجة الأولى؟
عزت القمحاوي:نعم، بالدرجة الأولى، الرواية المُمتعة تحمل كلّ الوظائف الأخرى التي يتصورها الناس في الروايات أو في الكُتب، يعني التصوير والتثقيف وكلّ الشعارات الكبيرة التي كبلت الرواية هي موجودة ولكن بشكل غير محسوس وكعرض جانبي إذا توّفر شرط المُتعة، (فهمتِ)، يعني فقط مطلوب من الروائي أن يُوفر شرط المُتعة للقارئ، لأنّ الرواية التي لا تنطوي على سؤال وجودي لن تُحقق المُتعة بشكل كامل، وأنا فعلا مع المقولة العظيمة والبسيطة لماركيز التي مؤداها: «المسؤولية الثورية للكاتب أن يكتب بشكل جيّد». لأنّ الجمال منظومات والقُبح منظومات، وإذا أشعتِ فكرة الجمال من خلال رواية أو من خلال فيلم فأنتِ بالضرورة ضدّ كلّ قُبح، يعني إذا ربيتِ عين مُستهلك الفن وقارئ الرواية على الأشياء الجميلة ستجدينه من تلقاء ذاته يكره الدكتاتور بدون أن تقولي كلمة واحدة عن الدّكتاتورية، فالشرط الأساسي والوحيد هو المتعة في الرواية.
هناك فكرة مفادها «مبدأ الفرد من أجل الجماعة». هل تؤمن بها، وككاتب، الرواية من أجل ماذا؟
عزت القمحاوي: الفرد من أجل الجماعة مقولة خطيرة جدا، فالحياة خُلقت على الأرض من أجل الفرد وكلّ إلغاء لأفضلية الفرد هو نوع من القهر وهو نوع من الدّكتاتورية وليست المجموعة أيضا في خدمة الفرد لأنّ هذا هو الوجه الآخر للمقولة، الناس ولدت بحظوظ مختلفة في الأعمار لكن بحظوظ يُفترض أن تكون مُتساوية في الحق والسعادة والحرية، إذن لا الفرد في خدمة المجموعة ولا المجموعة في خدمة الفرد لأنّنا هنا نتحوّل كلّنا في خدمة الدكتاتور. الرواية أيضا في خدمة الفرد، في خدمة المُتعة الفردية لقارئ يتقاسم هذه المُتعة مع كاتب النص.

على ذكر الخدمة والوظيفة. في روايتك «الحارس» حضرت وظيفة «الحراسة» لكن من زاوية مختلفة. هي حراسة الدكتاتور. إذ ركزت الرواية على تربية حرس الرئيس أو حارس الرئيس وكيف يتشكل نفسيًا ووجدانيًا، وكيف يبقى الولاء لشخص الرئيس ككرسي وليس كانسان وبشر.
عزت القمحاوي: نعم، ثمّ كلّ الأنظمة قائمة على ما يشبه الكهنوت، نظام الحراسة، نظام الدين، إدارة أي شيء تقوم على الكهنوت وتستفيد من تغذية الوهم، حتى  يعيش خادمها راهبًا.
في تلك المنظومات لا يتوقف الإنسان ليسأل: أين روحي من هذا الّذي أفعله كلّ يوم؟ يقوم من نومه يستعد لعمله/مهنته/وظيفته، ينخرط في هذا العمل ويعود للنوم أو لبعض المُتع البسيطة أو مشاهدة التلفزيون أو كذا وكذا، ولكن يظل دائرا في هذا المدار.
جميع المنظومات التي تستلب الرّوح تقوم على دفع الإنسان إلى ميكانيكية الحركة وقتل وقت الفراغ. وقت الفراغ «شيء ضروري» جدا للكائن لكي يتأمّل حياته ويتذوقها، حياتنا قصيرة ولا يمكن أن نتذوقها بدون تأمّل.
وقد اخترعت الديمقراطية الأمريكية من بداية الثلاثينات ما يُسمى بهندسة الموافقة، وهي أن تقول ما تعتقد أنّك حر فيه، لكنك في الحقيقة تقول ما ألح به التليفزيون عليك. بير برديو يقول إنّ التلفزيون لم يُخلق ليقول الأشياء المُهمة بل ليحجب الأشياء المُهمة، يملأ الوقت بالتفاهات، وهذه التفاهات هي شديدة الأهمية كونها تحجب الأشياء المهمة. الآن جاءت وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من كلّ متصل بشبكة الإنترنت ندًا لغيره ويستطيع أن يبث رسائله بحرية من حيث الظاهر، لكنه في الحقيقة يكرر من يعتبرهم قدوته في هذا الفضاء الجديد وفي الفضاءات القديمة أيضًا. أي تضاعف إنتاج التفاهات.
إذا ما عدنا إلى مجالنا. مجال الأدب، سنجد أنّ الكاتب الذي كان محروسًا بجماعة من أصدقائه النقاد صار محروسًا بكتائب من المعجبين، وبعضهم لديه لجان تتولى الدعاية مقابل أجر. ومع ذلك فالديمقراطية التي حملتها وسائل التواصل كفيلة بتصحيح مسارها.
ما الدافع وراء كتابة «الحارس» تحديدا. وهل تبقى هذه الحراسة دومًا وهمية وحارسة للأوهام؟
عزت القمحاوي: في الرواية نحن أمام ضابط في حراسة رئيس وتحكي بشيء من الواقع والأسطورة عن تصاعد شبق الحراسة داخل الحارس إلى الحد الّذي يجعل الحُراس بعد مدة يتشابهون في الشكل وتسقط عنهم أسماؤهم.
تقريبا الدافع للكتابة كان ينبع من واقعي أو واقع أي شخص آخر، وإذا كانت خرجت في هذا الشكل فهذا مجرّد تمثيل لفكرة حراسة الوهم. الضابط طوال الرواية لا يرى الرئيس لأنّه مأمور بالنظر إلى زاوية معينة، هي زاوية الخطر، أي زاوية الهجوم المُحتمل وليس زاوية المحروس، فهو لا يرى موضوع الحراسة أبدًا ويعيش بفضول أن يراه، لكنّه لا يراه أبدا. هي أمثولة لفكرة حراسة الوهم الّذي قد يكون. وكلّ منا لديه أوهامه وكلّ منا يحرس وهمه مضحيًا بالسعادة الشخصية.
في شأن الكتابة دائما. بأي حدقة ترى الكتابة؟
عزت القمحاوي: أرى أنّ الكتابة هي مهنة في غاية الغرابة، الكتابة والفنون عمومًا يشترك القائمون فيها في كونهم يقدمون خدمة لم تُطلب منهم. أنا لا أحد ينتظرني، لا أحد ينتظر رواياتي القادمة، أنا الّذي أقدمها، وهذه ميزة، أجل في النهاية هي ميزة، طالما أنّ القراء لا يقفون على الباب فيجب أن لا أدفع بكتابٍ إلى النشر حتى يُجيزه عددٌ من أقرب الأصدقاء الصرحاء جدا، وبعد أن أرى أنّني استنفذت قدرتي على الإضافة.
برأيك لماذا لا يقف القارئ العربيّ على الأبواب؟
عزت القمحاوي: لا يوجد قارئ يقف على الأبواب إلاّ لكُتَاب البست سيلر، الأدب ينتشر في اتجاهين أو لنقل الكتابة والفنون تنتشر في اتجاهين، هناك نص يُراهن على الجغرافيا، أي امتداد مساحة القُراء، المساحة العددية الآنية وهذه النوعية من الكُتب التي تجدينها في الغرب مثلا على مقاعد المترو، يعني بعد أن ينتهي منها القارئ ويعرف أنّه لا يستطيع أن يعود إلى هذا الكِتاب مرّة أخرى. هناك كِتابة تُراهن على التاريخ، قراؤها عددهم محدود، ولكن تُخاطب مدة زمنية أطول حتى لا نتبجح ونتحدث عن خلود، هذا النوع من الكتابة لا يقف قراءه على الأبواب وإنّما يقعون عليه صدفة أو هم أيضا نخبة تبحث عن أشباهها في الكتابة.

ن.ل

الرجوع إلى الأعلى