رواية - سيلفي -.. محاولة لالتقاط صوّر للأرواح
تكتب  بعمق رغم انتمائها لما يسمى جزافا بأدب الشباب، وقد شكلت لها القراءة المتأنية لكبار الأدباء رؤية أخرى مرجعية، وخطا ثالثا بعيدا عن التقليد والذوبان في إبداعات الآخرين، و ساهم الفضاء الأزرق، الذي نشرت على جداره نصوصها المختلفة، في بلورة إبداعها والتفاعل مع المبحرين في هذا المجال، كان شغفها بالحرف محفزا، لكتابة رواية «سيلفي»، وهي المتوّجة بالجائزة الأولى لمسابقة علي معاشي للمبدعين الشباب طبعة 2019.
حاورها: الجموعي ساكر
النصر:ماذا يعني لك الفوز بجائزة على معاشي؟
نسرين بن لكحل: شعور بالفخر والاعتزاز و الفرح وفي الآن ذاته ثقل المسؤولية والإحساس بالواجب نحو ما كتبته و ما سأقدّمه لاحقا ..حيث أن للجائزة أبعاد عديدة تحفيزية أكثر منها ترويجيّة للكاتب، وعمله في وسط ثقافي نشيط يلتفت أكثر إلى الأعمال المتوجة، لم أكن أعلم حين خضت مغامرة كتابة  رواية «سيلفي» أنها ستمنحني هذا الفوز وهذا الاهتمام ..لأني كنت أكتب لأكتب من أجل إيصال رسائل معينة تحاور الذات والمجتمع.
النصر: الكتابة النسوية برزت في تبسة في السنوات الأخيرة وخاصة في مجال الرواية، فبعد فوز الكاتبة ناهد بوخالفة بجائزة آسيا جبار ها أنت تفوزين بجائزة علي معاشي، فما السرّ
في ذلك، برأيك؟
نسرين بن لكحل:صحيح أن المرأة عادت إلى الظهور بشكل لافت على جميع الأصعدة لاسيما ثقافيا، وهذا ما لاحظناه مؤخرا على مستوى المدينة، أعتقد أن الاهتمام الذي توليه المؤسسات الثقافية للمجال الابداعي ساهم في التعريف بشابات موهوبات ومبدعات ربما لولا هذه النشاطات والأمسيات الأدبية لما لاحظ أحد وجودهنّ، مع أني أعتقد أن وسائط التواصل الاجتماعي قد ساهمت بشكل كبير في خلق جو فعّال من المنافسة الأدبية..المرأة من خلال الكتابة تتجاوز الحدود الضيقة لتقتحم العوالم الشاسعة وتثبت أنها ركيزة هذا المجتمع، لها صوتها الجهور وفكرها الحر ورسائلها التي تشاركها الرجل، إيمانا منها بأنّ هذه التوأمة تصنع أجيالا بنّاءة.
النصر: يعتقد البعض أن الشعر تراجع لصالح النثر؟
نسرين بن لكحل: الإجابة على هذا السؤال تذكرني بما طرح قبلا حين ظهر التلفاز! هل هذا يؤثر على مقروئية الجرائد؟ الإجابة نسبية لكن يبقى لكل صنف جمهوره وأصحابه و روّاده، الشعر لم يتراجع بل استجاب لتطورات العصر الحداثية وأخذ أنماطا عديدة كشعر التفعيلة و قصيدة النثر .. قصيدة النثر التي فرضت نفسها كصنف مزدوج يحمل صيغة السرد و روح الشعر، فالقول بتراجع الشعر أو الرواية ليس منصفا رغم وجود شعراء توجهوا إلى كتابة الرواية باعتبارها تعطي مساحات أكبر للبوح، وتسمح بطرح قضايا مجتمعية ..لكلّ حرف روحه و سحره و يبقى في حسن البيان فسحة للروح تبتغى وحكمة للعقل ترتجى.
النصر :هل كنت تتوقعين الفوز برواية سيلفي بعد كتابك الأول ؟
نسرين بن لكحل:حين قدّمت عملي سيلفي لم أكن أفكر كثيرا في النتيجة، لأني توقعت منافسة شديدة باعتبار المسابقة وطنية، لكن كنت واثقة من العمل الذي قدمته، ومن الطريقة التي كتبتُ بها، حيث طرحت مواضيع مستهلكة ربما كالحرقة مع معاناة مرضى للصرع و الانفصام لدى بعض الفئات وفقا لفكرة حداثية ..كانت مغامرة جريئة توجت بالنجاح وبحصد المركز الأول من بين 67 مشاركا من 16 ولاية.
النصر: نسرين بن لكحل قلم لا يعرفه الكثيرون فمن أنت باختصار ؟
نسرين بن لكحل: كاتبة من ولاية تبسة من مواليد 1986، متحصلة على شهادة ليسانس في علوم الاعلام والاتصال،،شاركت في عدة ملتقيات و أمسيات أدبية على المستوى الولائي...و نشرت عدة نصوص و مقالات عبر جرائد ومجلات وطنية وعربية،، لدي كتاب يحوي نصوص مفتوحة بعنوان: عروس الملح سنة 2015 و رواية سيلفي سنة 2018.
النصر: لمن تقرأ نسرين؟
نسرين بن لكحل: القراءة مثل أفق شاسع، تحتاج ألف نافذة لتطلّ عليه، كلما قرأت كتابا وجدت نفسك تبحث عن كتاب آخر يشغلك عن متعة ما سبق و عشت أجواءه..فالقراءة مثل تجربة تخوضها ..لا تنتهي بمجرد طي الكتاب بل تستمر معك بما تتركه من انطباع ..فلا تشعر بالاكتفاء أبدا ..أتذكّر عبارة شعرية جميلة لشاعرة تونسية : أقرأ كمن يمارس الحب ! ربما هذا ما يجعل علاقتي مع كل كتاب أقرؤه علاقة قويّة من الصعب أن يعوضه كتاب آخر..قرأت كتبا عديدة لكنها ليست بالكثيرة ..تنوعت بين مختلف الأصناف الأدبية والفكرية ..و الأقلام العربية والعالمية ...سيلفي جعلني أقرأ كثيرا حول علم النفس، وبعض النظريات الفلسفية لأن العمل احتاج إلى ذلك.
النصر: مَن مِن الكتاب والشعراء الأقرب إليك؟
نسرين بن لكحل: أعتبر جبران خليل جبران، نبي الفلسفة الشاعرية عرّابي في بداياتي الأولى..لكن قبل سنوات تعرّفت إلى سيوران الفيلسوف الروماني الأصل، الذي أعطى لكتابتي الأدبية لمسة فكرية فلسفية عميقة ،،فيقول : على الكتاب الحقيقي أن يحرك الجراح بل عليه أن يتسبب فيها، على الكتاب أن يشكّل خطرا،،
النصر : ما هي المواضيع  التي عالجتها رواية «سيلفي»؟
نسرين بن لكحل:بداية لا يمكن حصر عمل روائي في فكرة واحد، طالما أنه عمل سردي طويل يحمل في طياته عدة متغيرات، ومحاور كثيرة، لكن يمكن وضع فكرة عامة ترتبط أساسا بفكرة العنوان! «سيلفي»،، حسنا لماذا لا نحاول أن نلتقط» سيلفي» لأرواحنا مثل السيلفي الذي نلتقطه ونزهو به بالكاميرا ،، في سؤال : من أنا ؟ رواية «سيلفي» اعتمدت على تعدد الأصوات، أو بما يعرف بالرواية البوليفونية، حاولت طرح قضية وجودية بداية من الذي كتب كل هذا؟ لأنهيها بعبارة وجودية : ماذا لو كنت أنا أيضا سطرا من كلام !،، هذا التساؤل الفلسفي لم يمنع العمل من الطرح الواقعي،، من خلال شخصيات شبانية : حسن (مصاب بالصرع)...مروان( حراق بائس) يعقوب ( طالب فلسفة)،، أبطال هذا العمل هم جزء من هذا المجتمع، لكل شخص معاناته و ظروفه الخاصة، و تصوراته التي تختلف عن غيره، لا يوجد رابط بينهم إلا أنهم يجتمعون في مكان مظلم،، ومجهول الزمان و المكان،، كل ما عليهم فعله أن يجدوا طريقة للخروج ! ربما يلتقطون» سيلفي» لأجل ذلك! لأغوص في تفاصيل فلسفية عديدة عن الموت والحياة و البعث،، وكذلك اعتبار الأبطال شخصيات ورقية،، ربما من حقها الاحتجاج والاعتراض وكتابة تصوّر مختلف لحياتها،، من خلال التعمّق في نفسياتها ..والإحاطة بكلّ الظروف التي تصنع للإنسان ماهيّته.                 
ج/س

الرجوع إلى الأعلى