رواية الخذلان ومشاريع الفرح الفرديّ المُجهضة
صدرت مؤخرا عن منشورات الاِختلاف بالجزائر وضفاف بلبنان، رواية جديدة للكاتب أحمد طيباوي، بعنوان «اِختفاء السيد لا أحد»، وتتمحور حول الخذلان، ومشاريع الفرح الفرديّ المُجهضة، إذ كلّ فرد من أبطالها فاقدٌ لأيّ وجهة ترضيه ومنذورٌ لفشلٍ يبدو مثل حتميّة لا فرار منها. كما تحكي عن بشر متفردين، سلبيين ومُنقادين، واِنتهازيين بلا ضمير، وفاضلات وساقطات، وهامشيين، منسيين ومسحوقين. تمر عليهم الحياة كأنّهم ليسوا شيئًا يذكر.. هي شخصياتٌ مأزومة بضميرها الحي أكثر مِمَّا يتطلبه واقعها، أو بضميرها الميت جراء قسوة ذلك الواقع، فهي ونتيجة لذلك تُعاني حالة فصام، اِزدواجية، تحلل، أو عزلة.. بعض ذلك أو كله.
وقد اِجتهد الكاتب في اِلتقاط ما سقط من تفاصيل ويوميات بعض من أولئك الذين يعيشون مختفين، طوعًا أو قسرا، دون أن يأبه إليهم أحد، ثمّ يموتون دون أن يكون لهم قبر حتى في ذاكرتنا الجماعية. إنّه نصٌ بلون حداد غير مُعلن، وخِطاب تأبين لإنسانية الإنسان.. يقول فيه طيباوي بأنّ الحياة لا تحتفظ أبدا ببراءة البدايات. إذ تُخرج الأزمات أسوأ ما في البشر ضدّ بعضهم البعض ولو كانوا ذوي قربى، وأنّ الظروف تعيد تشكيل الإنسان في صورة لم يتوقعها هو أو غيره.
في الجزء الأوّل من الرواية يسرد السيد لا أحد يوميات يُعايشها مع شيخ هجره اِبنه وكان عليه هو أن يرعاه، ويستعيد فصولا من حياته قبل أن يجد نفسه حارسًا لرجلٍ مُسن يتمنى له الموت حينًا ويُشفق عليه حينًا آخر، وهو الّذي ساقته إلى تلك الشقة أقدار محضة. يرحل الشيخ، والد صديقه، أو يُقتل. في الجزء الثاني، يجد الضابط الّذي يتولى التحقيق في شبهة القتل، نفسه أمام حالة إنسانية لم يعرفها من قبل.. رجل لا يمكن الاِستدلال عليه بشيء، لا مرئي، هارب، شفاف.. يتولى الضابط، رفيق، البحث عنه، وعن أثره في حياة من يُحتمل أنّهم عرفوه وتعاملوا معه. لينتهي في الأخير إلى ما لا يُصدق، برغم أنّهم يرونه كلّ يوم وكلّ ساعة.. يذكر أنّه قد صدر للكاتب والروائي أحمد طيباوي، و-هو أستاذ لإدارة الأعمال بجامعة سطيف- رواية أولى بعنوان «موتٌ ناعم» العام 2014، ورواية ثانية بعنوان «مذكرات من وطن آخر» العام 2015 عن منشورات الاِختلاف بالجزائر وضفاف بلبنان. ورواية ثالثة بعنوان «المقام العالي»، صدرت عن المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية بالجزائر العام 2016. الكاتب حائز على بعض الجوائز الأدبية، منها جائزة علي معاشي للمبدعين الشباب لعام 2011. وجائزة الطيب صالح العالمية للإبداع الكتابي عام 2014.                   نـــوّارة/ل

الرجوع إلى الأعلى