اخترت الكتابة بالفرنسية لأن خزاني اللغوي العربي غير كاف لكتابة كتاب
* يجب التوجه إلى الانجليزية  في مجال التربية والتعليم
يدافع عبد المعز فرحي، أصغر روائي في الجزائر في المعرض الدولي للكتاب للعام الماضي، في هذا الحوار مع النصر، عن حق الشباب في الكتابة، حيث يكشف لنا جوانب من تجربته مع روايته الأولى “عند السابعة مساء، حبي” الصادرة العام الماضي عن منشورات القصبة، كما يحدثنا عن أعماله المقبلة. النصر التقت بالكاتب خلال جلسة بيع بالإهداء لروايته، نظمتها دار “ميديا بلوس” للنشر بقسنطينة، حيث تطرق في حديثه معنا إلى موضوع الكتابة باللغة الفرنسية، التي يفضلها، وضرورة توجه الناشرين إلى ترجمة الأعمال من أجل إيصالها إلى جمهور أكبر، بالإضافة إلى رؤيته حول عبقرية النص الأدبي والتغيرات التي يفرضها العصر عليه.
حاوره: سامي حبّاطي
* النصر: كيف قررت كتابة هذه الرواية ؟
عبد المعز فرحي: كنت أنشر نصوصا على منصتي التواصل “فيسبوك” و”إنستغرام” منذ سنوات، وكان المقربون مني يعبرون عن إعجابهم بكتاباتي واقترحوا علي أن أؤلف كتابا كاملا. خضت التجربة خلال عطلتي وقد نجحت في نهاية الأمر.
* النصر: علام تدور حبكتها ؟
عبد المعز فرحي: “عند السابعة مساء، حبي” صدرت مع نهاية العام الماضي، وتروي حكاية شاب وفتاة أجبرهما أولياؤهما على الانفصال بعد نيل شهادة البكالوريا، وهو ما دفع بهما إلى الفرار من عنّابة إلى تونس ليعيشا مغامرة. نُشر الكتاب عن دار القصبة ولقي أصداء حسنة.
العمر ليس عائقا أمام الكتابة
* النصر: هل كنت تنشر نصوصا أدبية على منصات التواصل الاجتماعي ؟
عبد المعز فرحي: نعم، لقد كانت عبارة عن بعض القصص القصيرة والقصائد.
* النصر: يذهب بعض المتابعين للأدب إلى اعتبار السن عنصرا مهما في الكتابة الأدبية، وأنت كتبت روايتك الأولى في سنتك السابعة عشرة. هل ترى أن الكتابة تتطلب أن يبلغ الكاتب سنا معينا؟
عبد المعز فرحي: بغض النظر عن السن تتطلب الكتابة الأدبية أن يكون الشخص حائزا على مستوى معين ليستطيع التأليف، لكن الكبار غالبا ما لا يضعون ثقتهم في الشباب، إلا أن ناشر روايتي، لحسن حظي، لم يكن من هذا النوع، كما أنني أنصح الجميع بالكتابة، وسيجدون في النهاية من يتبنى أعمالهم، كما أن بعض النصوص العظيمة في الأدب لم تلق الإعجاب من قبل، لذلك لا يجب أن يُثني العمر الشّباب عن الكتابة.
* النصر: هل تكتب للشباب من سنك أم للكبار ؟
عبد المعز فرحي: أكتب للجميع، ربما يجد الشباب تسلية في كتاباتي بينما تثبت للبالغين أن للشباب ما يقولونه أيضا.
روايتي الثانية ستنشر الشهر المقبل
* النصر: كيف اخترت عنوان “عند السابعة مساء، حبي” ؟
عبد المعز فرحي: برز هذا العنوان خلال الكتابة، حيث تقول شخصية آدم في إحدى الجمل لشخصية إيناس “عند السابعة مساء، حبّي”، فتوقفت وطرحت على نفسي السؤال لماذا لا أختار هذه العبارة كعنوان ؟ وكذلك فعلت، فكثيرا ما يحدث أنني خلال الكتابة أجد العديد من العبارات التي تليق كعناوين.
* النصر: من هم الكتاب الذين أثروا فيك ؟
عبد المعز فرحي: أنا قارئ نهمٌ لمارك ليفي، كما أحب كتابات باولو كويليو، في حين أقرأ كثيرا لياسمينة خضرة وكمال داود.
* النصر: ماذا عن كتاب اللغة العربية ؟  
عبد المعز فرحي: قليلا ما أقرأ باللغة العربية، فكما أخبرتك، كثيرا ما أطالع أعمال الكتاب الفرنسيين والجزائريين باللغة الفرنسية.
* النصر: هل تعكف على تأليف كتاب جديد ؟
عبد المعز فرحي: كتابي الثاني سينشر الشهر المقبل، وهو عبارة عن رواية، في حين أعكف على كتابة كتابي الثالث في الوقت الحالي.
عبقرية النص الأدبي لا تكمن في اللغة وعلى دور النشر أن تترجم الأعمال
* النصر: كتابك الثالث رواية على ما أعتقد.
عبد المعز فرحي: نعم. أطمح في الحقيقة إلى تأليف مجموعة قصصية، لكن ذلك ما يزال مشروعا أفكر فيه في الوقت الحالي.
* النصر: ننتمي اليوم إلى جيل مختلف مقارنة بالكتاب الجزائريين الأوائل. هل ترى أن تغير نمط الحياة والتطور التكنولوجي يلقي بظلاله على الكتابة بفرض تصورات جديدة على اللغة والنص في حد ذاته ؟
عبد المعز فرحي: لا يمكن لأحد أن ينكر أن أسلوب الكتابة الجزائري من بين أكثر الأساليب عمقا، فكتابنا يكتبون أفضل من كتاب فرنسيين، ولكن لكل عصر كتابه، ومن الطبيعي أن تختلف سنوات الستينيات مثلا عن الزمن الحالي. يجب أن نتكيف مع عصرنا اليوم ونكتب في الإطار الذي يفرضه، وذلك ليس بغرض البيع فقط، ولكن لتكون الرسالة واضحة أكثر.
* النصر: صحيح مشاربك الأدبية باللغة الفرنسية، لكن لماذا اخترت الكتابة باللغة الفرنسية ؟
عبد المعز فرحي: السبب الوحيد الذي يجعلني أكتب باللغة الفرنسية هو أنها الأسهل بالنسبة إلي، فمنذ طفولتي نشأت في محيط فرانكوفوني، من جانب ما كنت أتابعه على التلفاز أو الموسيقى أو في أحاديثي مع والديّ، فاليوم أجد صعوبة كبيرة في الكتابة باللغة العربية أو بلغة أخرى. أجد نفسي مرتاحا أكثر عندما أكتب باللغة الفرنسية.
أكتب لجميع الفئات العمرية 
* النصر: إذن فهو خيار شخصي.
عبد المعز فرحي: نعم، هو كذلك.  
* النصر: لكن ألا تعتقد أن الكتابة بالفرنسية أصبحت مغامرة بالنظر لتضاؤل حجم المقروئية بهذه اللغة في الجزائر ؟
عبد المعز فرحي: أؤيد في الحقيقة الرأي القائل بضرورة استبدال اللغة الفرنسية، لأننا مطالبون بالتكيف مع العصر، ويجب التوجه إلى اللغة الإنجليزية في مجال التربية والتعليم العالي، كما أن العالم أجمع يستعمل اللغة الإنجليزية، فلماذا لا نستعملها نحن أيضا؟ كنت لأفضل الكتابة باللغة العربية، لو لم يكن خزاني اللغوي بالعربية ضعيفا وغير كاف لتأليف كتاب.
* النصر: في الحقيقة أردت توجيه سؤالي إليك حول اللغة إلى زاوية الجمهور الذي يتوجه إليه الكاتب، فمع تراجع الفرنسية لحساب اللغة العربية، وربما الإنجليزية مستقبلا، ألا ترى أن كتاب اللغة الفرنسية في الجزائر سيجدون أنفسهم مستقبلا مطالبين بتوجيه إنتاجهم الأدبي لقراء من خارج البلاد، مثل الفرنسيين أو الكنديين، أو الفرانكوفونيين الموزعين عبر العالم عموما ؟
عبد المعز فرحي: أعتقد أنه من الأفضل أن يكتب الكاتب بلغته الأم لتبلغ نصوصه أفضل مستوى ممكن، لكن يجب ألا ننسى وجود الترجمة أيضا، التي لولاها ما كنا لنقرأ تولستوي أو ديستويفسكي دون حاجة إلى الإلمام باللغة الروسية. في رأيي، ينبغي على الكاتب أن يكتب باللغة التي يراها الأسهل بالنسبة إليه، وإن كانت لا تصل إلا لنسبة محدودة من الجمهور، فلم لا تتجه دور النشر إلى الترجمة لإيصالها إلى عدد أكبر من القراء.
يجب أن يتكيف أسلوب الكتابة مع العصر الحالي
* النصر: إذن أنت تعتقد أن عبقرية العمل الأدبي لا تقتصر على المسألة اللغوية ؟
عبد المعز فرحي: أرى أن عبقرية النص الأدبي تكمن في الحكاية أكثر من اللغة، لكن تأليف كتاب بجودة عالية يتطلب معرفة واسعة باللغة، ولهذا أعيد التأكيد على أن الأفضل أن يكتب الكاتب باللغة التي يراها الأنسب بالنسبة إليه.
س.ح

الرجوع إلى الأعلى