وقع أمس الدكتور عبد الله حمادي مؤلفه الجديد» ديوان مجلة هنا الجزائر 1952ـ 1960»، على هامش فعاليات معرض الكتاب الخاص بدار بهاء الدين للطباعة و النشر الجارية فعالياته بالمكتبة الرئيسية للمطالعة  مصطفى نطور بقسنطينة، أين التقى الكاتب بعدد من قرائه، و استعرض جانبا من مضمون الإصدار الذي يسلط الضوء على ما نسي و خفي من الذاكرة الشعرية الجزائرية إبان الاستعمار.
 وحسب الكاتب، فإن العمل يعد دراسة  توثيقية لعديد المساهمات الشعرية التي خطتها أقلام جزائريين كان لها حضور بارز على صفحات مجلة «هنا الجزائر» التابعة ل»راديو الجزائر»،  وهي مجلة ثقافية شهرية قارة، بدأت السلطات الاستعمارية في نشرها سنة 1952 إلى غاية 1960، إذ كان من المقرر أن تصدر باللغات الثلاث العربية و الفرنسية و الأمازيغية، إلا أن الأمازيغية أسقطت من الحسابات ،و ظلت المجلة تصدر بلغتين فقط، و انخرطت في إدارة تحريرها العديد من الأسماء الشعرية الجزائرية عن طريق التوظيف في هياكلها الدائمة أو عن طريق التعاون، ما وفر للمجلة مادة أدبية تشمل القصص و الروايات و النصوص الأدبية و الشعرية، وهو تحديدا المحتوى الذي  قال الكاتب، بأنه سعى إلى تجميعه في متن شعري يغطي عقدا من الزمن  و يمثل وجها آخر للشعر الجزائري لا  ذكر فيه للثورة ، لأن فرنسا أرادت من خلال المجلة أن تقدم صورة براقة عنها، و أن توهم العالم بوجود تناغم مجتمعي في الجزائر.
هدف الإدارة الاستعمارية من هذا الإصدار، كان إلغاء صوت الثورة عبر نشر نصوص تغفل تماما كل حديث عن انتفاضة الشعب، بالاعتماد على كتاب جزائريين، وهو ما تحقق لها، لأن المطلع على مضمون المجلة، كما أوضح الدكتور حمادي، لا يجد ما يوحي بغير الانصهار الثقافي، و كأن من يكتبون فيها لا تعنيهم الثورة و لا يكتبون عنها، أو لا يسمح لهم بالتحدث عنها، بل عكس ذلك فقد ساهموا، حسبه، في خدمة الأدب الفرنسي من خلال ترجمته إلى العربية و تقريبه أكثر للقارئ الجزائري.
الكاتب قال، إنه اكتفى من مطالعته لأعداد المجلة، وهي 98 عددا، بالمضمون الشعري، الذي جمعه في ديوان ضخم بعدما درسه بطريقة تكشف صفحة جديدة من الشعر الجزائري المجهول و المنسي من قبل الباحثين الذي لا يتحدث عن الثورة التحريرية،  بل يعكس جزائر مستقرة تحترم فيها الشرائع الدينية، حيث يتحدث الشعراء عن  عودة الحجاج و عن شهر رمضان وعن الأعياد و ما إلى ذلك، وهي نصوص توثق لإسهامات أقلام من أمثال المترجم الطاهر بوشوشي و المفتي الجزائري عبد الرحمان الجيلالي، و الشاعر  محمد الأخضر السائحي الذي اشتغل في المجلة  منذ بدايتها إلى نهايتها، و يبدو أنه كان موظفا فيها ومشرفا  على ما يسمى «نادي القريض»، و قد نشر فيها كل شعره خلال عشر سنوات، ثم  عاد بعد الثورة و نشر ديوانه « همسات وصرخات» و كتب له مقدمة قصيرة جاء  فيها، «أنا شعري قد ضاع أيام الثورة»، وهو حسب عبد الله حمادي، كلام صالح فقط للاستهلاك، لأن السائحي، كان على حد قوله، موظفا في المجلة و نشر فيها العديد من الأشعار التي أضاف إليها و حذف منها و غير تواريخها، وعليه فإن الباحث الجامعي سيجد في رأيه، في هذا الديوان مادة أدبية دسمة و صفحة جديدة كانت منسية، تعكس وجها مغايرا لجزائر ما قبل الاستقلال.
يذكر أن فعاليات معرض كتاب دار بهاء الدين لا يزال متواصلا إلى غاية الخميس القادم، حسبما أكدته المتحدثة باسم الدار، السيدة مريم بحشاشي، حيث يتضمن رواق العرض مجموعة من أحدث الإصدارات على غرار ، كتاب «حراك» لسلامنية بن داود و «نهاية زمن بوتفليقة» لرياض الصيداي و «دوب جيجل و قصص أخرى» لمصطفى بالهول،    و «مرجعيات النظرة الفرنسية للجزائر» لبشير  درايس و «أدمايوراس أو نصوص على وشك القيامة» لجمال بلقاسم، إضافة إلى كتاب «شاهد على ميلاد الحركة الإصلاحية».                               هدى طابي

الرجوع إلى الأعلى