عزُّ الدين جوهري
رويَ عنِّي
الغابةُ التي كُنتهَا
الغيمةُ التي أبصَرتنيَ ذاتَ يتمٍ
غَزيرَ الهمِّ
وهَا باليَ طَويلٌ
سُباتٌ يُعلنُ صَحوتهُ
ونَجمتِي لا تُضيءُ
وحيدًا كمَا كنتُ
أشدُّ الأرضَ مِن أطرَافهَا
كيْ أصيرَ هَوايَ
وكيْ أستبدلَ سَفحيَ
بسماواتٍ واسعاتٍ
تراودنيَ عنْ نفسيَ فَلواتٌ بعيدةٌ
وَصبرٌ اِحتملَ فِي الغيابِ خَطاياهُ
وماليَ لا أبصرُ غيرَ دأبيَ في البلادِ
أطوفُ حَيثُ تأخُذنيَ أحلاميَ
وحيثُ تُقيمُ بَشاعتيَ
يومَ تلفِظنيَ الأوقاتُ
ويومَ أصيرُ دَمعًا عصيًّا
وبطاحٌ قَاحلاتٌ
********
وماذَا تراهُ النَّومَ إذ يَستمسكِ بإغماضه العينِ؟!
باسطٌ همَّهُ فِي عرضِ البلادِ
وأنَا مثلَ راعٍ يهشُّ بعَصاهُ
عَلى غنمِ الطَّريق
********
يا بلاديَ البَعيدةُ
خذِي ما تعرشّ من رؤايَ عندَ سفحِ هُموميَ
وكونِي شَاهدة على حطاميَ يومَ تندلعُ في جَيبيَ الحُروبُ
ويومَ تقولُ عنِّيَ التنبُّؤاتُ
أنِّي باسطٌ يدِي كيْ لا تَستريحَ عظاميَ
وكيْ أكونَ ما تشابهَ على قلبيَ من أقمارٍ
سَافرتْ حيثُ يقيمُ هوايَ
والنَّخلُ على الطَّلعِ نَضيدُ
وها
تركتُ ضُلوعيَ عنْدمَا تخبرنيَ الجهاتُ
أنَّ أمواجيَ لم تَعد عاتياتٌ
ولم يعدْ همِّيَ مَتينُ
********
صارتِ الأرضُ من حوليَ لا تدورُ
وصرتُ أنَا لمْ أكنهُ
صرتُ أسايَ عنْدمَا تشتبهُ عليَّ الأوقاتُ
صرتُ هائمًا على وجهيَ
والأرضُ خَرابُ
********
يا أيّها الذاهبون نحوَ حتفكمْ
شدُّوا بخرابيَ الوثاقَ
وكونُوا متراحمينِ بينكمْ حينَ يُباغتكمُ الطُّوفانُ
وحين البأسِ تأخروا بقهقهتكم المَاكرة
عنْدمَا تلتقِي أصَابعنَا بنيرانٍ صديقةٍ
كونُوا فقط خَجولينَ من ليلٍ يسرقُ يدَ النَّهار
كي يرسمَ طفلًا مثقوبًا بالأوهامِ
وأحلامًا تئن
يا شكليَ الّذي سأكونهُ
يا أحلاميَ البَاقِية.

الرجوع إلى الأعلى