عبد الحميد شكيل

أَفُكُّ المرايَا من طَلاسِمِهَا ..
أَسعَى إليهَا في غيْرِ مُخْتَلِفِ ..
بينَ يديْهَا .. أفرُشُ السَّماءَ ، والأَرضَ ..
وما تفرَّقَ فِي أُفُقِ الهَوَاءِ ..
أنَا ، لا أرى سِوَى إلَيْهَا ..
وهْيَ تَلُمُّ شَعِيرَ الرِّيحِ ، الـ تَفرَّقَ فِي عِطْرِ الجِهَاتْ ..!
لكنَّنِي – وافرْحَتَاهُ – قد لا ترانِي ،
وأنَا ، أرتَدي قَشيبَ الحُبِّ ..
أطِلُّ عَلى أرْضٍ .. كنْتُ حَارِثَهَا ، وَزارِعَهَا ،
ومن يَرُشُّ مَاءَ الحَيَاةِ ، عَلى يَابِسِهَا القَتَادْ..!!
كيفَ – أيَّتها النَّافِرةُ – تَطِيرِينَ إلى شَجَرٍ قَانِطٍ ..
تَتْركِينَ تَمَرًا يَضِجُّ بالحَلَاوَةِ ، والنَّعِيمْ ..؟
بالأَمْسِ .. كنتِ تَقُولِينَ : أنتَ النَّهْرُ ، والبَحْر،
مَا حَوَتْهُ السَّفِينَةُ ، وَالْقَرِينُ..!!
لَكَمْ حَسَوْتُ رِيقَ شَفَتَيْكِ ، النجيبَتَيْنِ، في أَوْجِ الحَرِيقْ!
عَصَرْتُهُ .. وشَرِبْتُهُ عَسلًا مُصَفى،
فِي أقْداحِ المَلَاحَةِ، والْحَنِينْ..!!
صَرَخْتُ .. دونَ أن تَرَانِي : المَرَابِعُ ، والمَواقِعُ،
والسّمَاءُ اَلْـ في نَجْمِ الشّهِيقْ..!!
الرّيحُ الضَّغِينَةُ قَدْ تَرَانِي ..
أتسَلَّلُ إلى نَثْر الحديقَةِ ..
أُقلِّبُ تُرْبَتَهَا الجَدِيبَةَ ..
أَجْمَعُ مَا تَسَاقَطَ مِن وَرَقِ النِّطَافْ..!!
كُنتُ .. أبْذُرُ فِي أرْضِكِ العَطْشَى ..
مَائِي .. وَزَهْرَ نَارِي ..
وفَوَانِيسَ الضَّحِكِ الْأَثِيرْ..!!
كُنتِ .. تَصْرُخِينَ في مُتَّسَعِ المَكَانْ ..
تَقُولِينَ : أنتَ ما كنْتُ أراهُ في أحْلامِ الطُّفُولَةِ .. واليَفَاعْ..!
اَلـ في تَشَابُكِ المَرَاحِلِ ، والطُّلُولْ ..
واحَسْرَتَاهْ..!!
تَاهتْ مراكِبُ الأمسِ الغضيضْ ..
في نَسَقِ الكلامِ ، الـ جَرَّكِ إلى أرضٍ متاه..!!
لا تَقولِي : لُغةُ الشَّوْقِ شَطَّتْ .
أفْضَتْ بِنَا إلى أرضٍ خَوَاءْ ..
سقَطَ الهواءُ ، على الهواءِ ..
افْتَضَحَ الضَّحِكُ الهُزالْ ..
أنتِ : الخيَانَةُ ، والنَّذَالَةُ ، والغَدْرُ السَّوَاءْ ..
أَسَفِي على دَرْبِ الوَفَاء..!!
أُعلِّقُ القَصَائدَ من قُرطِهَا ..
أَسيرُ إلى جُزُرِ الشّرْقِ القَدِيمْ ..
ثَمَّةَ أوْطَانٌ مُكَدَّسةٌ على جُرُفٍ عَدِيمْ ..
كَأجْسَادِ الْإِمَاءِ في كِتَابِ « ألفِ ليلةٍ وليلة»
إنَّهَا هُنَا اااالِكَ ..
تُشْرِقُ فِي حكمةِ « المعرّي » وفِي طِبِّ « ابن سينا»
تَرَى إلى عدميةِ « ابن الرُّومي »
وهْوَ يَشُدُّ أَصَابِعَهُ إلى مَتْنِ الظَّنُونْ..!!
عنْدَمَا يَكْفَهِرُّ شَبَحُ الكِتَابةِ ..
اَلـْ تَنْثُرُ أَضَابِرَهَا على جَبَلِ النَّائِمِينَ ..
تحْتَ رُكَامِ الحَقِيقَةِ،
اَلـْ شَوَّهَ رَوْنَقَهَا كَتَبَةُ القُبْحِ، والبَشَاعَةِ ، والسُّقُوطْ ..
اَلـْ تَهْبِطُ في « ساحة الشّهَدَاءِ » اَلـْ لَمْ يَعُودُوا شُهَدَاءَ ..
يَا زمَنًا بَالَ على ذُبَالتِهِ حُثَالَةُ مَن مَرُّوا على،
حروفِ الشَّمِّ ، والغَمِّ ، والهَضْمِ، والاسْتِثْنَاءِ،
الذي صَارَ الحقيقَةَ ، والبَدِيلْ..!!
تَدَابَرَ دَمُ الشُّهَدَاءِ .. إِنَّهُمْ يخرجُونَ منْ أَطْلَسِ التَّارِيخِ ،
مُدثَّرِينَ بِدَمِ مَنْ فَرُّوا إلى جِهَاتِ الشَّتَاتِ المُسْتَطِيرْ..!!
السَّوَادُ – قَدْ – يَغَارُ مِنَ البَيَاضِ ،
المُتَهَتِّكِ فَوقَ أخْيِلَةِ المَزَاجْ..!!
السَّوَادُ ، عندمَا يُطِلُّ من عُيُونِ الجَميِلَاتِ ..
تَرَاهُ يجلسُ القُرْفَصَاءَ عِنْدَ مُفْتَرَقِ الدَّلَالْ ..
قَصْدَ الْوُلُوجِ إلىَ بَذَخِ بَسَاتِينِهِنَّ ..
دونَ إِذْنٍ من حَارسِ النّوايا،
في مُدَوَّنَاتِ الفِقْهِ الجَدِيدْ..!
الأَعْمَى .. يُوَزِّعُ وَصَايَاهُ على مُحَدِّدَاتِ البَلَاغةِ..
يَقُول : أيّها الخَارِجُونَ من زَبَدِ الكِلَابْ ..
لا ترفَعُوا أَصوَاتَكُمْ كيمَا لا يَشِيخ النُّبَاحُ،
في صُعُودِهِ المُتَغَضِّنِ،
إلى مَمَالِكِ الصَّدَى المَرْصُودَةِ بِالهُزَالْ..
إنَّها ترى إلى أسْوَاقِ النَّخَاسَةِ، اَلْـ تَلْعَبُ النَّرْدَ ،
وارْتِخَاءَ الأَصَابِعِ على زِنَادِ المُتْرفِينَ ..
يَقُولُونَ : إنّ البِلَادَ مُسْتَهْدَفَةٌ مِنْ خَارج النَّصِّ ، لِصَالحِ «القَصِّ» الجَدِيدْ ..
لَطْخَةُ الّلونِ .. تزحَفُ إلى رسُومَاتِ «الواسِطي» الذي في وَسَطٍ ،
لَا وسطَ لَهُ سِوَى فِي دَمِ « الشّعَرَاءِ»
وهم يَكْتُبُونَ قَصَائِدَ ، تَفِيضُ بالكَآبَةِ ، والحَمَاقَةِ ، والوَعِيدْ ..
نُحِرَ الوَلَدُ الضَّدِيدْ..!!
نَسَوا، شَرفَ الحُرُوفِ ، التيِ فِي طَبْعِهَا ..
أحَابِيلُ من قَوْلٍ نَاشِزٍ ،
خَرَقَ العَادَةَ ، والسَّادةَ ..
استَوى عَلى أَقَالِيمِ الّلغةِ ، وهْيَ تَحْزِمُ قَبَائِلهَا ،
وحَقَائِبَهَا، وهُتَافَاتِهَا ..
آنَ تَرَحُّلِهَا إلى طَوَائفِ الشَّرْقِ الهَضِيمْ..!!
تَائِهٌ في سَمَاءِ يَدَيْهَا..
« أبُو مَعْشَرٍ الفَلَكيِّ » لا يَرَى فِي أُفْقِ السَّمَاءِ سِوَى صَورَتِهَا،
عَلَى أطْرَافِ مَرْصَدِ « سَمَرْقَنْدَ » الكبِيرْ ..
شَيْخٌ مَهِيبٌ .. يَتَرصَّدُ خَطْوَتَهَا النَّشِيدْ..!
ـ في البِدَايةِ ظَنَّ .. أنَّهَا مِن وجِيهَاتِ الزَّمَانِ..
ـ فَجْأةً ـ سَقَطَتْ عَلى أرضِ السَّقِيفَةِ،
لَمْ يُسْمَعْ لَهَا ارْتِطامُ ..
هَبَّ الخدَمُ ، ومَنْ كَانُوا بالمَكَانْ ..
سقَطَ الجَمِيعُ عَلَى التَّبيعِ.. لمْ يبقَ بالمَكَانِ، سِوَى المكَانْ..!!
« أبُو مَعْشَرٍ الفَلَكيِّ» يَزْعُمُ أنَّ السَّمَاءَ ترى إلى مُوَاطِنِيهَا،
وهُم يُهْرَعُونَ إلَى « بيت الشِّعْرِ » لَا إلى أحْزَانِ « الشُّعَراءِ»
وَهُمْ يَسْقُطُونَ فيِ بَلَاطِ مَلِكْ..!
ـ نَجَا مَنْ نَجَا ـ
لكنَّهم فِي أضَابِيرِ أَبي مَعْشَرٍ الفَلَكيِّ،
يَكُونُ الجَمِيعُ هَلَكْ..!
أبَا مَعْشَرٍ .. كيفَ حَالُ البِلادِ التِي تَرَاهَا في شُعَاعِ المَرَاصِدِ..؟
يُقَالُ ـ والعُهْدةُ على رُوَاةِ الخَبَرِ ـ أنَّ أَبَا مَعْشَرٍ ..
رَأي على تُخُومِ البِلَادِ البَعِيدَةِ..
أُمَمًا تَنُطُّ ، كما تَنُطُّ الأرَانِبُ،
وقْتَ السِّفَاحِ الرَّشَدْ ..
وأنَّ العُرَاةَ، الحُفَاةَ ، القُسَاةَ ..
هُمُ الْأكْثَرِيَّةُ في .. العَدِّ ، والشَّدِّ،
وفِي فَسَادِ البَلَدْ..!!
وَحَسْبَ مَا وَرَدَ فِي سَنَدِ رُوَاةٍ مُحَايِدِين..
أنَّ أبَا مَعْشَرٍ لَمْ يَقُلِ الحَقِيقَةَ كَامِلَةً،
لِأنَّهُ ـ على حَدِّ زَعْمِهِمُ ـ لَوْ يَقُولُ الحقيقَةَ ـ كَمَا يَرَاهَا فِي المَرَاصِدِ
ـ لانْهَارَتْ مَمَالِكُ ، وسَادَت مَهَالِكُ..
وقَامَتْ مَقَابِرُ مَا لَهَا مِنْ عَدَدْ..!!
أبَا مَعْشَرٍ .. حَرِيٌّ بِكَ أنْ لا تَقُولَ ، القَوْلَ الأَكِيدَ..
اَلـ ـ حَقًّاـ قَدْ يجعلُكَ فِي عِدَادِ العَدَدْ..!!
وَصِيَّةُ الأعْمى الأخيرةُ ..
يا اااا أيُّهَا الشُّهَدَاءُ الأُبَاة ..
خُذُوا حِذْرَكُمْ..
ثُمَّ خُذُوا حِذْرَكُمْ..
وخُذُوا حِذْرَكُمْ..
وثِقُوا: أنَّ الرَّصَاصَ الرَّخِيصَ..
والخِيَانَاتِ الشَّبيهَاتِ ..
يُطِلَّانِ عَلَى جميعِ الجهاتْ..
فَخُذُوا حِذْرَكُمْ..
وَخُذُوا حِذْرَكُمْ..
واكْتِمُوا سِرَّكُمْ ..
وَتَحَسَّسُوا الأرْض..
قَبْلَ مَدِّ الخُطُوَاتْ..
العَدَوُّ القدِيمُ ، الجَدِيدُ ..
يَتَرَبَّصُ بالأرضِ الحَبِيبَةِ..
اَلْـ صَلَّيْتُمْ فَوْقَ تُرْبَتِهَا جميلَ الصَّلَاة..
خُذُوا حِذْرَكُمْ..
هَيِّئُوا الأضْرِحَةْ .. واشْهِرُوا الأسْلِحَةْ..
قَبْلَ فَواتِ الفَوَاتْ..
فَخُذُوا حِذْرَكُمْ..
شَدِّدُوا حِرصَكمْ ..
أَيُّهَا الشُّهَدَاءُ الحُمَاةْ..!!


1 امرأة من عاطفة
لا مدينة تتّسع لقلبها؛
 تلك التي يسري في دمها جمر الحياة الصّاخبة،
تلك التي تعطّر الوقتَ بالنّعناع البرّي،
تحتسي جرحها، شهدا بلا سّكر
تلك التي تجمع خساراتها قطع نرد،
تربتُ على كتفها، ثم ترميها على ركح الهاوية
 لتضجر ..
لا مدينة روّضت، حنين تلك المرأة التي يسري في دمها
صهيل فرس هائم، منذ البدء،
 وفي البدء، يقول سيلين، كانت العاطفة،
 وكنتُ..
 امرأة من عاطفة، تحيكُ من بياض الثلج،
يبتسم للرّاحلين،
 ويمضي، بلا ذاكرة.


2/ أمنية
كان يمكن لهذا الطريق أن يكون أقصر
 كان يمكن لهدأة قلبي أن تكون
حديقتك الخلفية، أن نوزّع الزّهور، بدل
الآلام .. أن نرقص، رقصة زوربا على شاطئ واسع
كالأحلام ..
أن نفشي أسرار الليل، لأسراب الفتنة السّاكنة
 كوة الكلام، الهارب من شفاه عاشقة
 ضامئة لوهج الضّوءِ، الطّالع من نتوء الجسد
الضّامر، كأحجية منسيّة
في ذاكرة شيخ طاعنٍ في الخوف
 أعدَّ لي الطريقَ الذي سيحمل خُطاي
 أَوْدِعني وصاياكَ الأخيرة،
 وبعض ما أسرّه الماء للنّرجس
 أَوْدِعني اسمكَ، وكلّكَ الذي سيكملُ
 تفاصيلَ الكلام.
فريدة إبراهيم

الرجوع إلى الأعلى