إلى حسين زبرطعي

سيف الملوك سكتة
لا ودَاع
عدْ إلى الأرضِ
إنَّ الترابَ أحنُّ عليكَ من الناسِ
لا شيءَ
لا شيءَ يَصطادُه الغَامضُونَ على
حَافَة البَحرِ
إلاّ الغموضَ الشّهي..
وموجُ المصابيحِ يصفعُ حبًا
ويرمي إلى عاليَ الغامضاتِ
الهشاشةَ...
والحبُ يُشعلُ شمعًا ويطفئ دمعًا
هنا فِي شِتاءِ المَقاهي نَحكُّ الكلامَ
بِبعْضِه كيما يُضيء
ونكتشف النارَ ثانية
تَقولُ:
شناشيلُ أجملُ وهي تُطِلُّ علَى
الموتِ من شُرفةٍ للسياب
وأنا أتَسلّى بتأويلِ رؤيا الفراشَةِ
كنتَ تهيّءُ طقسَ القصيدةِ حيْنَ رأيْنا
الكلامَ تعرّى
فقلتَ: ستعْمى المرَايا
فوقَ عشبِ الطفولةِ نجلسُ..
نَتلطخُ بالشّعرِ والشّاي
نقرأُ أحْوالَ مَنْ رحَلوا فِي الكلَام
في بَقايا السّجائرِ أوْ في بَقايا
 الجَزائرِ
يا كأسُك القَلقية تَملؤُها بالرّمَاد
ومِنْ (وَرقِ الله والمَلكات)
تقولُ: الغموضُ هو الأخْصَبُ
وأقولُ: الوضوح ُهُو الأصْعبُ
لا وَداع..
صَارَ للحبِ طعمَ الخريفِ
ورائحةَ المسْتشْفياتِ
وما لا يُشتتنا في الثَّواني يُحرّرنا
من فتاتِ المعاني
وبين الدلالاتِ أشْباحُنا تَتهامسُ
يااااالكَ حَدسٌ لا يخيبُ
وبابُ الغريبِ
ونحنُ المسافةُ بين المتاه
وبين الشفاه
نذكرُ السِرّ في أُذنِ اللاّمكان
ونرْعَى القصائدَ
فوقَ صخورِ الشّواطِئِ
والليلُ يذهبُ
فوقَ الأناملِ
يكثرُ في ليْلنا الذاهبونَ
إلى حُلمهمْ كالمساء
لا وداعَ
عدْ إلى الأرْضِ
إنّ الترابَ أحنُّ عليكَ مِنَ النّاسِ
عُدْ حيثُ لا شيءَ يؤلمُ قلبَ الهشَاشةِ
حيتُ السلامَة  منْ كلِّ شيءٍ
من التّسْمياتِ
ومِنْ ذكرياتٍ تُطلُّ على هوةِ القلْبِ
تَسْقط ُمِلءَ السؤالِ
وقدْ جفَّ دمعُك قبلَ البكاء ِ
حَملتَ الحياةَ تحمّلْتها
وتغمّدكَ الحزنُ حتّى تغمّدتَهُ
وترجلّتَ عنْ صَهوةِ الألَم المُرِّ حُرّا من القلقِ المستبدِّ
برُوحٍ على رِسْلها صُلبتْ
عُدْ إلى حيثُ لا أحدَ يخدشُ الحبَّ
مُذ خانَك جسدٌ كُنتَ
أَطعْمتهُ بيديْك
لم يعدْ للخياناتِ معْنى
ولا أثرٌ قاتلٌ
كُنتَ تعْلمُ أنَّ هناكَ إلهٌ يُحبّك أكثرَ منّا
وتُدركُ أنّ اِبتلاءاتِه يا صَديقيْ هَداياه
عُد شَاهِراً جَسداً
ليكنْ يوم مَوتِك أسْعدَ يومٍ لديْك
ليكنْ قلبُك القبرُ
تَرتاحُ فيه من (النّاسياتِ)
كفْكفِ النبضَ
وادعُوا لنَا باللّقاء على سُررٍ للمسرةِ
لا ألمَ.. لا مخاوفَ
أيّوبُ آبَ إلى صَبرِكَ
ولدى الله ما لمْ تَجدْه هنا
لا سُؤالَ يحيركَ الآنَ..
كلُّ الإجاباتِ مرصوفةٌ خلْفَ بابِ الغياب
ولن (تَتضَايقَ مِنْ ضِيقِ مَا يقْتضيْه القَضاءُ)
لا وَداع
سَلامٌ على رُوحك في السّلام
لا وداع
فنَحنُ على مَوْعدٍ بَعْدَ هَذا الجَسدْ

الرجوع إلى الأعلى