متحف سيرتا .. مرآة الحضارة الإنسانية

يعتبر المتحف العمومي الوطني سيرتا، من أهم المؤسسات المتحفية على مستوى الوطن، بوصفه شاهدا حقيقيا على الحضارات التي تعاقبت على المنطقة، و كحصن منيع يحمي المتحف بين أروقته الموروث المادي للمدينة المعلقة ويوثق لذاكرتها الثرية، فكل قطعة فيه تروي جوانب من الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعقائدية لمن مروا يوما على هذه الأرض.

سفر عبر الزمن
في حي « الكدية « بوسط مدينة قسنطينة، باب تسافر من خلاله عبر الزمن، هو باب متحف سيرتا واحد من بين أكبر المتاحف في القارة السمراء، بمساحة 2100 متر مربع، تشكل الحديقة الأثرية مساحة 900 متر مربع منها، و تحتوي على عدد مهم من القطع الأثرية التي يعود بعضها للفترة الرومانية فيما تؤرخ أخرى للحقبة الاستعمارية.المبنى الذي تم تدشينه سنة 1931، مستودع للتاريخ يحفظ بداخله ذاكرة تتوارثها الأجيال، كما يؤرخ لوقائع تاريخية من خلال ما يحتويه من أصناف وأشكال مختلفة من اللقى الأثرية التي عُثر على بعضها أثناء عمليات التنقيب بعاصمة الشرق الجزائري وضواحيها، ويتوفر أيضا على أثريات وصلت إليه كهدايا أو كمحجوزات جمركية، تعرض كلها وفق ترتيب « كرونولوجي» بدءا بفترة ما  قبل التاريخ والفترة النوميدوبونية ثم الرومانية فالفترة الإسلامية، فيما يحتفظ بقطع عديدة أخرى في المخزن.
تاريخ يمتد لأزيد من مليوني سنة قبل الميلاد
وحتى لا يحتار زائر المتحف في أمر القطع الأثرية المعروضة، فقد جمعت كل اللقى التي تؤرخ لفترة زمنية معينة في مكان واحد مرفقة  بقصاصات توضيحية دونت عيها معلومة عن كل قطعة بدءا باسمها ثم استعمالاتها والمكان الذي عثر عليها فيها وكذا الحقبة التي تعود إليها والمادة المصنوعة منها مع ترجمة لبعض الكتابات المنقوشة على الحجارة.بدأت رحلة استكشافنا لكنوز المتحف الشبيهة بمغارة علي بابا، من قاعة ما قبل التاريخ التي تخضع لترميمات حاليا، رافقنا خلال جولتنا محافظ التراث الثقافي بالمتحف خاليد بوجعطاط ( الذي عيّن بعد هذا الروبورتاج مديرا للمتحف)، الذي قدم لنا شروحات حول محتويات الغرفة على غرار عينات عن أقدم الأدوات الحجرية «الكروية» التي عرفتها الإنسانية والمكتشفة في  موقع «عين لحنش» بالعلمة أقدم موقع أثري بالجزائر، إلى جانب لقى عثر عليها في كهفي « الدببة» و« أروينا» بقسنطينة، وهي أثريات تعود للعصر الحجري الأوسط.
توجد في الغرفة كذلك عظام متحجرة لحيوانات منقرضة كانت تعيش بقسنطينة في فترة ما قبل التاريخ، وقد اكتشفت داخل الكهفين أيضا، منها عظام لدب الكهوف وحيوان الأروى والظبي الإفريقي، زيادة على قطع حجرية وعظمية اكتشفت بمواقع أخرى منها «مشتة العربي» بميلة، و« عرق تيهودايم» بالصحراء، وأخرى بمرفأ سفن بجاية وكذا في عين مليلة بأم البواقي.
ويقول مرافقنا، إن هذه القطع الحجرية والعظمية المكتشفة، تظهر وجود تعمير بشري في الجزائر منذ عصور ما قبل التاريخ لنحو 2.4 مليون سنة، مضيفا، أن موقع «المنصورة» يعتبر هو الآخر من أقدم المواقع الأثرية الجزائرية، و هو الثاني بعد عين لحنش، حيث اكتشفت به أدوات حجرية خلال حفريات قام بها باحثون سنة 1956، وهي معروضة اليوم بفرنسا، أما متحف سيرتا فيحتفظ بعظام متحجرة لفرس النهر وهي من أهم القطع التي سيتم عرضها بقاعة ما قبل التاريخ بعد إعادة افتتاحها.
رهبة الأثاث الجنائزي
توجهنا بعدها مباشرة نحو القاعة «النوميدوبونية» والتي تعرض على امتداد مساحتها مستطيلة الشكل قطعا أثرية تعود للحقبة ما بين 2 و4 قرون قبل الميلاد. ومن أهم القطع الأثرية الموجودة في الغرفة  الأثاث الجنائزي، وحسب خاليد بوجعطاط فقد عثر عليه في قبو بأسفل ضريح صومعة الخروب سنة 1915، أين تم تفكيكه وترميم أجزاء منه، قائلا، إن البحوث القديمة ترجعه للملك ماسينيسا، فيما تشير أبحاث إلى أنها تؤرخ لمرحلة لاحقة ترتبط بحكم ابنه مسيبسا، ويرجح أنها تعود لإحدى الشخصيات المرموقة.ويتشكل الأثاث الجنائزي من سيف و صدرية معدنية و مجموعة من الرماح التي صفت بمحاذاة خوذة رأس مدببة اهترأت بشكل كبير ولم يتبق منها سوى أجزاء صغيرة جمعت قطعها بصمغ                 « الريزين»، إلى جانب أوسمة دائرية الشكل قطرها لا يتجاوز 10 سنتيمترات، نقشت على واحد منها صورة الإله الإغريقي « قصيدن»، فيما نقشت على وسام ثان، رسمة لحيوان الأيل، إضافة إلى إناء فضي يحتوي عظاما محروقة تعود لشخصين أحدهما شيخ بعمر 90 و الآخر طفل صغير، كما توجد أيضا مقابض جرار فخارية مكسورة.
وعلمنا من مرافقنا، أنه تم ترميم هذا الأثاث سنة 1979 بألمانيا، بمناسبة إقامة معرض خاص بالحضارة النوميدية، من أجل إعطائها شكلا تقريبيا قائلا، إن الصور القديمة التي التقطت للقطع لا تظهر الشكل الحقيقي للعتاد.
يوجد في القاعة كذلك، نصب إهدائية بعضها مصنوع من الحجارة الترابية وأخرى من الكلس الأزرق، وهي مخصصة للإلهين القرطاجيين المركزيين « بعل حمون» و» تانيت» اللذين عبدا في فترة حكم ماسينيسا، وقد تم اكتشاف النصب في معبد الحفرة في القرن الثاني قبل الميلاد، وتحمل كتابات خطت بأربع لغات هي البونية والبونية الجديدة واللاتينية والإغريقية، كما نقشت عليها رسومات للإله حمون،  في شكل شيخ يقف عند مدخل معبد حاملا في يده اليمنى مشعلا أو صولجانا، فيما رسم الجزء السفلي لـ « تانيت» إلهة الأمومة والخصوبة على شكل مثلث مع رفع يديها نحو السماء، كما تحمل الأنصاب أشكالا وزخارف إضافية في شكل كسور أو سعفة نخيل أو خطوط متموجة يراد بها الأفق وغير ذلك.
تاريخ التجارة
تتوفر الغرفة على خواب كبيرة مدببة في القاع تم تثبيتها على مسند خشبي، كانت تستعمل قديما للمبادلات التجارية البحرية من أجل نقل السوائل كزيت الزيتون و مختلف الصلصات والخمور   وتختلف الجرات المعروضة في الشكل، وقد أوضح مرافقنا أنه اختلاف راجع لتعدد الورشات المصنعة لها حيث أن كل واحدة منها تحمل ختما مميزا. كما تختلف أيضا باختلاف المنطقة، فإحداها تعود لجزيرة رودس، و يمكن تمييز ذلك من مقابضها وكذا فخارها السيجيلي، واكتشفت أخرى في الربطة بجيجل، في القرن الرابع قبل الميلاد، عندما كانت المنطقة مرفأ فينيقيا لتبادل السلع بين السكان المحليين، كما وجدت قطع أخرى داخل ضريح صومعة الخروب.
ويقول المحافظ إن هذه الخوابي تظهر النشاط التجاري الذي كان سائدا في تلك الفترة بين دول البحر الأبيض المتوسط، وبخاصة مملكة نوميديا والعالم الإغريقي بصفة عامة، حيث كانت قسنطينة وضواحيها منتجة ومصدرة للحبوب ومستوردة لبعض السوائل، وأضاف المتحدث أن مثل هذه الجرات تستعمل لمرة واحدة ثم تطحن وتمزج مع عجينة الفخار لتشكيل قنوات نقل مياه صلبة يصعب كسرها ولكون صنعها أيضا لا يتطلب عجينة فخارية صافية.
وعلمنا من السيد بوجعطاط، إن هذه القطع وصلت إلى المتحف عن طريق الحفريات التي بدأت في الحقبة الاستعمارية و استمرت بعد الاستقلال في منطقة بني حميدان، أو عن طريق اكتشافات فجائية للسكان عند قيامهم بأشغال بناء، ومنها ما هو هبات، وقليل منها تم اقتناؤه، مضيفا، أن المتحف لا يحتوي فقط على قطع من مدينة قسنطينة، بل يتوفر على أثريات و لقى وجدت بسطيف وميلة وباتنة وسوق أهراس وعين مليلة و بجاية و جيجل و سكيكدة و قالمة.
كما تتزين جدران القاعة بعدد من الخزائن الزجاجية، التي تعرض بين رفوفها، قوارير عطر ومصابيح زيت وأطباق فخار و مدمعيات زجاجية و هليونات و زخارف جبسية، وخريطة توضح الأماكن التي عثر عليها فيها، إلى جانب أثاث جنائزي و تاج عمود مصنوع من رخام « شمتو» يعتقد أنه كان جزءا من قصر أو بناء فخم بقسنطينة.
صورة عن المجتمع والعقيدة
ولجنا بعدها، إلى مجمع الآلهة الرومانية الذي يضم تماثيل كانت تعبد في تلك الفترة، يتوسط القاعة تمثال رخامي أبيض لـ» باخوس» إله الخمر، وهو يحمل في يده اليسرى كأس نبيذ، وقد نحتت إلى جانبه عناقيد من العنب، و إلى جانبه، تمثال         «ساتورن» إله الفلاحة، ومنحوتة لكائن هجين جزء منه لإنسان و جزء لكبش، في إشارة إلى  إله الأضحية، نقشت أسفله عبارة باللاتينية تعرف به و تذكر بالنص الذي يجب سرده عند تقديم القربان.
يوجد كذلك، تمثال للإله ميركوري، عثر عليه بسوق أهراس وهو إله التجارة و الفصاحة عند الرومان وتقول روايات أخرى أنه كان ينقل أرواح المتوفين إلى العالم الآخر، وقد نصب إلى جانب منحوتة الآلهة فورتونة حامية المدينة وهي آلهة الحظ والمصير، فوق رأسها تاج على شكل برج، كما تحتوي الغرفة إلى جانب ذلك على رأس لـ   « هربوقراط» بشعر مموج، و تمثال لامرأة رومانية مصنوع من مادة الرخام يقال أنه للملكة جينون فضلا عن وجود مذبح تم إهداؤه لآلهة رومانية      و نصبت عليه نقوش باللاتينية.
فخاريات تيديس الثمينة
تعكس قاعة خزف تيديس بالمتحف، نشاطا صناعيا آخر برع فيه سكان قسنطينة القدماء، حيث أبدعوا في صناعة أجود القطع الفخارية السيجيلية في العالم وهي فخاريات بلون أحمر، ويوجد منها في القاعة إناء نقش عليه وجه امرأة تم العثور عليه في بئر العاتر بتبسة، وصحون عليها نقوش آدمية وجدت بتيديس، التي كانت موطنا لصناعة الفخار، إضافة إلى مسارج و كسور فخارية غير مكتملة و قطع صنعت من العجين الزجاجي، وكذا حلقات فخارية تستعمل في إدخال الأطباق إلى الفرن.
تعرض في المكان أيضا خواب ضخمة، تعود للفترة الرومانية، كانت تستعمل في حفظ المؤونة و البقوليات والحبوب، كما توجد مجموعة من الرواسب الكلسية التي تم استخراجها من قنوات مياه أسطوانية الشكل، ويتوسط القاعة هيكل لمنبع مائي مصقول وقناتان مائيتان.
 أما بقية الرفوف فتحتوي  على قطع لقوالب تستخدم في تشكيل عجينة الفخار و أختام نقشت عليها أشكال متنوعة، وقوالب أخرى تستعمل في تمليس الطين ومدقات من الصلصال، وأدوات من البرونز والحجارة.
العملات النقدية كنز من نوع آخر
تحتوي قاعة المسكوكات بمتحف سيرتا، على كثير من القطع النقدية التي صنعت من معادن مختلفة منها البرونز والفضة والذهب والنحاس أيضا، وقد صكت عليها رسومات مختلفة لأشخاص أو حيوانات و كتابات بلغات مختلفة، تظهر فترة الحكم التي تعود إليها، فمنها ما يعود للوندال والبيزنطيين و النوميديين و النوميدوبونيين والرومانيين.
ومن بين المعروضات قطعة فريدة توجد فقط في متحف سيرتا تعود للملك ماسينيسا، حيث يظهر في الوجه الأمامي منها نقش لرأسه وفي الجانب الآخر صورة لفيل، لأن ماسينيسا كان الملك الوحيد الذي يخوض حروبه وهو على ظهر الفيلة، كما دونت على أسفل القطعة كتابة باللغة البونية.
كما يعرض إلى جانبها، نقد يعود لفترة الإمبراطور قسطنطين الذي حكم بين 306 و337 ميلادي.
و يوجد في القاعة تمثال الحرية الحقيقي المصنوع من مادة البرونز، و الذي عثر عليه إثر حفريات بالقصبة، وهبه الكولونيل ريبو،  للمتحف سنة1855، ومنه استلهم تمثال المرأة المجنحة الذي وضع في نصب الأموات، إلى جانب مجموعة من اللقى البرونزية والرصاصية منها ما يستعمل في الزينة كالخواتم و المشابك والأساور وتميمة من الرصاص وصليب، وكذا صفيحة من الرصاص عليها كتابة يونانية.
كما تحتوي القاعة على مجموعة من الأختام الجمركية التي عثر عليها بميناء سكيكدة.
لقى تؤرخ لتطور الفكر الإنساني
يقابلك عند مغادرتك لقاعة المسكوكات، تمثال رخامي أبيض في رواق الحياة اليومية لتيديس، عثر عليه بسطيف، و تحديدا بمنطقة جميلة قرب قوس كركلا، و يعود  حسب مرافقنا إلى « فوستين» الزوجة الأولى للإمبراطور الروماني  « أنطونين»  الذي يوجد تمثال لرأسه في ذات الرواق وهي منحوتة وجدت بمدينة تبسة.
 يوجد في الرواق كذلك، نصب و حجارة دونت عليها كتابات لاتينية، و أثاث جنائزي وتمثال صغير لـ « سيفانكس»، وهي منحوتة تشبه  تمثال « أبو الهول»  بالقاهرة.
وتعرض في الرواق خلف واجهة الخزائن الزجاجية الملتصقة بالجدران، مختلف الأدوات واللوازم التي كان يستخدمها الإنسان في تلك الفترة، والتي تعبر عن مظاهر حياته اليومية، منها مجموعة من الخواتم البرونزية، تعود للفترة الرومانية وكذا أحزمة وأقراط وأساور وعقد به 38 لؤلؤة مصنوعة من عجين الزجاج ودبابيس و أبازيم و اكسسوارات أخرى من العظم والعاج، هناك أيضا مجموعة من الدمى صغيرة الحجم وقطع نرد كان يستعملها الأطفال في اللعب، بعضها مصنوع من العاج، إلى جانب إبر تستخدم في الخياطة.

رواق تاريخ المسرجة  
أما الرواق المقابل فيسمى « رواق تاريخ المسرجة»  و يحتوي على قطع صغيرة الحجم تستعمل للإضاءة تعود للفترة البونيقية، نقشت عليها مجموعة من الزخارف، وهي ذات فوهة واحدة أو أكثر، إلى جانب مسارج رومانية تعود إلى القرن الأول الميلادي عليها رسومات مختلفة، أما المسارج الفخارية البسيطة والتي لا تحتوي أية نقوش أو زخارف فترجع للفترة الإسلامية وغير ذلك.
و وضعت في الرواق أيضا، تماثيل رومانية منها ما عثر عليه في شرشال بتيبازة، وكذا تمثال نصفي لامرأة رومانية ومجموعة من القطع الفخارية لمدينة تيديس، مزينة بطلاء أحمر وتعود للقرن العاشر ميلادي، إلى  جانبها تشكيل يشبه قبوا حجريا به نقش كتابي لصانع ذهب اكتشف في قبر بقسنطينة مع وجود أثاث جنائزي.
فسيفساء مبهرة
توجهنا نزولا عائدين إلى الطابق السفلي،  وقد شدنا على امتداد السلالم، عرض قطع جميلة من الحلي كانت موضوعة داخل خزائن زجاجية مدمجة في الجدار، إلى جانبها  قطع أخرى من عجين الزجاج و أوان فخارية وكذا تماثيل و مجوهرات، ونصب وتمثال من البرونز.
وفي الطابق السفلي و في القاعة الرئيسية للعرض تحديدا،  عرضت فسيفساء فنية بأحجام مختلفة، منها فسيفساء الفصول الأربعة، التي تعود للفترة الرومانية و التي اكتشفت في باتنة، و تظهر رجلا يحمل منجلا كدلالة على موسم الحصاد تحيط به أوراق الزيتون بشكل دائري.
تعرض أيضا في القاعة، فسيفساء هندسية ثانية عثر عليها بقسنطينة، هي قيد الترميم حاليا، وهناك فسيفساء لباخوس الطفل، عثر عليها بواد حميميم بقسنطينة، و قطعة ثالثة تروي أسطورة اختطاف هيلاس، من طرف حوريات النهر، بعد عودته من الصيد، و فسيفساء جنائزية مسيحية تعود للقرن الرابع ميلادي بها كتابة لاتينية وأشكال هندسية ونباتية.كما يوجد بالرواق خارج القاعة، مطحنة قديمة تعود للفترة المسيحية عثر عليها بتيديس، ومعصرة للزيتون وهي عبارة عن نموذج أعيد تركيبه وتشكيله من جديد بعد أن عثر عليه في ذات المنطقة.
 توسع  الصخر العتيق
أما قاعة قسنطينة، فتحتوي على مجسمين كبيرين للمدينة في فترتين مختلفتين، الأولى قبل الاستعمار الفرنسي، تظهر فيها قسنطينة، ككتلة واحدة بأسوار فولاذية يصعب اختراقها، خصوصا وأنها فوق صخرة عملاقة يحيط بها وادي الرمال من الأسفل وليس لها مدخل إلا جسر باب القنطرة الذي أعيد إنجازه فيما بعد، كما تظهر من خلال المجسم مآذن المساجد.  أما المجسم الثاني المصنوع من الخشب، فقد أنجز انطلاقا من صورة طوبوغرافية للمدينة التقطت من السماء، وهنا بدأت قسنطينة في التوسع، كما اكتست جدران الغرفة لوحات لفنانين أبدعوا في حفظ تفاصيل المدينة القديمة والحياة اليومية للقسنطينيين.
الأسطرلاب قطعة نادرة
تتوفر  القاعة الإسلامية في المتحف، على قطعة مميزة و فريدة من نوعها وهي آلة « الأسطرلاب» أداة على شكل قرص استعملت قديما لمعرفة الاتجاهات، توجد منها نسختان أصليتان، واحدة وهبها السيد محمود بشتارزي لمتحف سيرتا إلى جانبها مخطوطة عثمانية قديمة، والثانية معروضة بمدينة في دولة أخرى.
كما توجد في القاعة قطع تعود للفترة العثمانية و شواهد قبور من الرخام عثر عليها بقسنطينة، يقابلها أقدم باب خشبي بالمدينة وهو لبيت جلول، وكذا تيجان و عمود من الحجر وكذا شاهد قبر من الرخام لإبراهيم باي، عليه آيات من القران، ومجموعة من المسارج و أوان فخارية و أساور وكسور فخارية تعود للفترة الحمادية وجدت بتيديس، إلى جانب دنانير ذهبية تعود للفترة المرينية و الحفصية ونقود تعود للفترة الموحدية وجدت بقلعة بني حماد، فضلا عن قوالب يطلق عليها الصنوج، مصنوعة من عجين الزجاج تعود للفترة الفاطمية، وتستعمل لفحص النقود. كما توجد بالغرفة 11 قطعة نقدية صكت بالجزائر أثناء الفترة العثمانية، و12  قطعة من الفولاذ تطبع عليها النقود تعود لذات الحقبة.
كنز قلعة بني حماد
يحتوي المتحف كذلك، على جرة  عثر عليها أثناء حفريات أجريت في 20 جوان 1960، وقد وجدت بداخلها 6213 قطعة نقدية من معدني النحاس و البرونز ، زيادة على مجموعة من الحلي الفضية و الذهب.
كما عثر فيها على كسور لصحون فخارية ومصابيح زيتية وتماثيل من الجبس وأدوات برونزية تستخدم في الزخرفة ونماذج للبلاط من الفخار، و توجد شمسية وأجزاء معمارية محلية مصنوعة من الجص كذلك.
رميساء جبيل

الرجوع إلى الأعلى