نجح أستاذ الموسيقى و الموزّع و العازف على آلتي العود و الكمان نجيب سدراتي، في تحقيق تجربة مثيرة بعد  أن وضع «صوته» جانبًا،  واستجاب لنداء الآلات التي ذهبت به أبعد من الصوت، ولم يكتف بالعزف في مختلف التظاهرات بالجزائر وخارجها، بل تمكنّ من دخول حفلات الجزائريين الذين تعودوا على إحياء أفراحهم بالفرق في ثقافة تحتفي بالفرجة ولا تفرّط في «الاحتفال» الذي لا يضمنه عازفٌ منفردٌ لا يُلاعب المتفرجين جماعةً بل يخطب انتباههم فرادى .  

أسماء بوقرن

و كشف الفنان الذي تعاقد مع فنانين كبار في مجال التوزيع، عن جديده المتمثل في توليفة « إلى أمي»، ، وقال للنصر، بأنه كان محبا للموسيقى و للفن القسنطيني منذ الصغر، حيث كان دائم التردد على الزوايا وهو ابن العشر سنوات، حينها اكتشف سحر الموسيقى و وجد في أجواء الزوايا ما يلبي رغبته الفنية، فغذى موهبته الفنية و نمى طموحه بالالتحاق بالجمعيات الفنية الموسيقية التي كانت تنشط بقوة آنداك و يشرف عليها شيوخ الفن القسنطيني، وهو ما ساعده على صقل موهبته.
اختار نجيب، تعلم العزف على آلة العود العربي القسنطيني و عمره لا يتجاوز 14 سنة، وقال، إن مداعبة أنامله لأوتار العود جعلت حبه للموسيقى يكبر و طموحه بتحسين مستواه يزيد، فقرر توسيع معارفه الموسيقية بتعلم قواعد العزف على العود الشرقي، و تنقل لأجل ذلك إلى ولاية مجاورة للتسجيل في المعهد الجهوي للتكوين الموسيقي، أين تلقى تكوينا مدته أربع سنوات، تحصل في نهايته على شهادة ليسانس في الدراسات الموسيقية اختصاص عود شرقي، و هذا سنة 2013.  
محدثنا، أوضح بأنه استفاد من تكوين أكاديمي جيد جعله يتقن العزف على آلة العود، ما أهله للنجاح في أول مسابقة يجتازها، و هي مسابقة خاصة بتوظيف أساتذة الموسيقى، حيث درّس بولاية جيجل في الملحقة التابعة للمعهد الجهوي للتكوين الموسيقي لولاية البويرة، ثم انتقل في السنتين الأخيرتين للتدريس بالمعهد الجهوي للتكوين الموسيقي بولاية قسنطينة، مشيرا إلى أن خبرته في مجال تعليم الموسيقى تناهز العشر سنوات.
فضل العزف على غناء المالوف
وأضاف الفنان، بأنه كان في البداية مولعا بغناء المالوف، حيث انخرط في جمعيات موسيقية وشق طريقه نحو الغناء، غير أنه وجد بأن الغناء لم يقدمه بشكل مناسب للجمهور، فغير وجهته نحو الموسيقى، و خطّط لترك بصمته في هذا الميدان لذلك اختار العزف المنفرد ليتميز، وقد كانت تجربة رائدة ظهرت خلال تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية سنة 2015، التي وقعت انطلاقته الحقيقية حيث كان حاضرا، كما أضاف،  طوال فعاليات التظاهرة ليطرب الحضور و الضيوف بمقطوعات موسيقية على أنغام آلة العود الشرقي، ما حقق له الشهرة، إذ ثم تلقى بعدها دعوات من خارج الوطن و عزف في فندق كبير بدبي، وهي  تجربة فريدة من نوعها مكنته كما أوضح، من الاحتكاك بعازفين أجانب و اكتساب معارف موسيقية أكثر.
ولا يحصر الفنان تجربته في محاورة العود و العزف المناسباتي في  التظاهرات الثقافية فقط ، لأن هدفه الرئيسي هو دخول بيوت العائلات الجزائرية و مشاركتها أفراحها كما قال، ولذلك فقد اجتهد في عمله من أجله تحقيق مبتغاه، فقرر أن يتعلم العزف على آلة الكمان أيضا، وذلك عن طريق الاستماع إلى عزف الفنان التركي مراد سكريالي، و اتباع خطواته و المزاوجة بين أوتار الكمان و موسيقى المالوف التي يسعى إلى التعريف بها خارج الوطن.
و بخصوص حضوره في المناسبات العائلية و مشاركته في إحياء الأفراح قال بأنه نجح بفضل العزف المنفرد على هذه الآلة، حيث روج للفكرة عبر صفحته على فيسبوك، أين كان ينشر مقاطع فيديو تبين عزفه، ولمس لمس تجاوبا و تفاعلا كبيرين، و وصله أو عرض لإحياء حفل عائلي سنة 2018، من عائلة من ولاية أم البواقي، وكانت تلك هي انطلاقته الأولى في هذا المجال، إذ يتلقى اليوم، طلبات كثيرة للمشاركة في إحياء الأفراح، و أصبح حاضرا بقوة  في أعراس القسنطينيين و حفلات عائلات من عنابة و العاصمة و وهران و أم البواقي و قالمة و سوق أهراس، أين يشرف على تقديم وصلات موسيقية خلال فترتي العشاء و القهوة، كما يرافق تصديرة العروس بمقاطع تتماشى مع طبيعة الزي التقليدي الذي ترتديه الشابة، و يضفي جوا خاصا وراقيا على المناسبة.  ولع الأستاذ نجيب بالموسيقى جعله يبدع في توزيع العديد من الأغاني ويحظى باهتمام الفنانين، حيث قام مؤخرا بإعادة توزيع أغنية «راح الغالي راح»، بمناسبة يوم الفنان، كما اشتغل كثيرا مع شيخ العيساوة زين الدين بن عبد الله، و أصدر أول كليب موسيقى خاص به لأغنية الشاب حسني «طال غيابك يا غزالي» سنة 2019، حيث فضل أن يدخل صوت الفنان على العمل لاستقطاب الجمهور       و شاركه في ذلك خريج ألحان و شباب شوقي عقاب، و قد انتشر الكليب على مختلف المنصات الموسيقي و المواقع الافتراضية، و تفاجأ بحجم التفاعل معه و التعليقات الإيجابية حوله، لذلك يعد أنجح إصداراته، و قد فتح له باب التعاقد مع شركة  إنتاج فني و سينمائي، تبنت مختلف أعماله الموسيقية و تشرف على تسيير حساباته على المنصات الالكترونية و تنظيم جدول أعماله.  ويحصي الفنان أكثر من 11 إصدارا فنيا، بين كليبات و تسجيلات صوتية، على غرار كليب «موطني» الذي قدمه رفقة خريجة ألحان و شباب لسنة 2016 الفنانة إيناس محاية، فضلا عن أغنية  جمعته بالفنان آكلي يحياتن ووسعت قاعدته الجماهيرية في منطقة القبائل، إلى جانب تسجيلات متنوعة أبرزها توليفة موسيقية بعنوان «إلى أمي» أعدها رفقة جوقه الموسيقي و نشرها مؤخرا عبر منصات موسيقية.
المُوسيقيون مهمشون
و عبر أستاذ الموسيقى في ختام حديثه،  عن أسفه من تهميش الموسيقيين و جعلهم آخر حلقة في سلسلة الإنتاج الفني، مشيرا إلى أن هذا الوضع ورغم صعوبته إلا أنه لم يثبط عزيمته  ولم يمنعه من السعي لإبراز مكانة الموسيقيين المهمة، مردفا بأنه أسس منذ مدة طويلة لجوق موسيقي و شارك رفقته في مشروع مع الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة، حيث قدموا موسيقى جزائرية محضة، جزء كبير منها مالوف وذلك بهدف التعريف به.

الرجوع إلى الأعلى