إنشاء مدن سينمائية سيحيي مهن الفن السابع
قال الفنان و المختص في مجال التجميل السينمائي و المؤثرات الخاصة، حسين جعفري في حوار مع النصر بأن مشروع إنشاء مدينة سينمائية في الجنوب الجزائري سيفتح باب الفرص أمام ممتهني الأنشطة ذات العلاقة بالإنتاج الفني على غرار المكياج السينمائي و المؤثرات الديكور و السينوغرافيا و غير ذلك، وهو ما من شأنه إعطاء دفع أكبر للعملية الإنتاجية ككل و تحسين مستوى الأعمال، كما تحدث الفنان، عن مشاركته في مشاريع عربية و أجنبية هامة.   

حاورته / أسماء بوقرن  

  موهبتي برزت و أنا ابن 13
تطرق حسين جعفري، إلى بداياته في ميدان التجميل السينمائي و المؤثرات الخاصة، قائلا، بأنه مجال يقتصر على أصحاب المواهب، لما يتطلبه من لمسة فنية جمالية تعد شرطا مهما للتميز، مشيرا إلى أنه يتمتع بموهبة في فن الرسم الذي مارسه منذ الطفولة، وأنه تدرج في التعلم خلال سنوات دراسته الأولى، أين اكتشفت موهبته و هو في سن 13، بفضل ما كان ينجزه من بورتريهات تقارب الحقيقة.


 وقال، إنه كان يهوى رسم الوجوه، سواء تعلق الأمر  بشخصيات خيالية مخيفة، أو شخصيات تاريخية معروفة، غير أن الورقة كانت فضاء ضيقا لم يتسع لترجمة أفكاره و موهبته،  لذلك انتقل للرسم على وجوه أفراده أسرته باستعمال أدوات تجميل بسيطة فحرص على تنمية موهبته و صقلها.
 التحق بعدها بجامعة سطيف و درس الإعلام و الاتصال، ثم قانون أعمال لكن حبه للفن لم يخبو أبدا.
هذه الجائزة فتحت لي الأبواب
قال محدثنا، إن أول فرصة أتيحت أمامه لإظهار موهبته، كانت خلال مشاركته في مسابقة نظمها التلفزيون الجزائري بين سنتي 2009 و 2011، بالموازاة مع عرض للأزياء، حيث فاز حينها بجائزة أحسن تجميل لعارضات الأزياء، و ذلك خلال طبعتين متتاليتين. مشيرا إلى أن فوزه بالجائزتين، سمح له بخوض أول تجربة في السينما في فيلم «نسيبي»، الذي عرض خلال المهرجان الدولي للفيلم العربي بوهران، و من ثم في مهرجان «كان» الدولي سنة 2013، وهو عمل جمعه بالمخرج حسان بلعيد و فريقه التقني الأجنبي، وكان بمثابة بداية مشجعة له و فرصة للاحتكاك بمختصين في الميدان، ساهموا في صقل موهبته أكثر و تعلمه لتقنيات حديثة تتماشى مع  تطورات التجميل الفني السينمائي في العالم. كما اكتسب محدثنا، قواعد نظرية و تطبيقية للتفريق بين المكياج التلفزيوني و السينمائي و غير ذلك، و تعلم كيفية التعامل مع تقني الإضاءة و التصوير لمراعاة هذين العنصرين خلال تطبيق المكياج.      
الموهبة وحدها لا تكفي
وأضاف الفنان، بأن الموهبة و التجربة  لا تكفيان وحدهما لتعلم أبجديات التخصص، ولذلك وجب الاعتماد أيضا على التكوين الأكاديمي و هو ما دفعه للالتحاق بمعهد في ولاية مستغانم مع بداية مشواره،  أين تحصل على شهادة أهلته لخوض تجارب سنيمائية و تلفزيونية كثيرة، كون الشهادة ضرورية للعمل مع شركات الإنتاج كما أوضح، مضيفا، أنه شارك سنة 2014 في مسلسل   « كسكس بلادي» كمساعد تجميل، و كان له شرف العمل مع المرحومة فتيحة بربار و سيدة المسرح صونيا و الفنان أحمد أقومي و مصطفى عياد و تينهان و ليندة سلام، و نخبة من الفنانين الكبار.
انضم أيضا، إلى فريق فيلم «الكلمة الأخيرة» الذي نال جوائز وطنية و دولية، و عمل مع طاقم فيلم «الحلم الجميل» و فيلم «لحبال»، و هو عمل ثوري سلط الضوء على واقع التمريض و التعليم إبان الاستعمار الفرنسي، و كانت له فرصة العمل مع فنانين معروفين من أمثال فاطمة حليلو و فريدة كريم المعروفة بخالتي بوعلام و حمزة فيغولي المشهور باسم ما مسعودة، كما شارك في أفلام أجنبية   و ثائقية للمخرجة مريم حميدات.
طورت مهاراتي بالدراسة

ولم يتوقف الفنان كما قال، عند حد العمل والاكتفاء بالميدان، بل طور نفسه أيضا على الصعيد الأكاديمي حيث عمل كأستاذ مؤطر لورشات المكياج السينمائي في عديد المهرجانات الوطنية و المغاربية و نال حظ المشاركة في مهرجانات أخرى آخرها مهرجان عمان الدولي، كما يستعد قريبا للانتقال إلى تونس لأجل ذات الغرض.
وأشار المتحدث، إلى أن هناك تخصصات مهمة، يجب أن يطلع عليها كل محب لعالم التجميل السينمائي، وهي الحلاقة التي تعد ضرورية لإتمام دور المكياج الفني حيث تساعد المختص على تجسيد التصور بكل تفاصيله وبدقة.
ندرة في المادة الأولية
و عن العراقيل التي تحول دون مواكبة ميدان التجميل السينمائي للتطورات الحاصلة في العالم، قال الفنان    بأن هناك العديد منها و في مقدمتها عدم توفر مواد التجميل الحديثة، خاصة المواد الضرورية لإتمام المؤثرات الخاصة كالدم و الكدمات و الإصابات، حيث يلجأ كمختص إلى بعض الحيل لتقديم الشخصية في صورة واقعية نوعا ما بمواد بسيطة.
و أوضح محدثنا، بأنه يلجأ في إطار التكوين، إلى اقتناء مواد التجميل الخاصة من المواقع التجارية الأجنبية المختصة في بيعها، لأنها مواد ضرورية و تساعد كثيرا على نجاح التجميل السينمائي، مضيفا، بأنه يسعى خلال تأطيره للطلبة إلى شرح التقنيات الحديثة، مردفا، بأنه تلقى عروضا كثيرة للتكوين في المجال داخل و خارج الوطن، آخرها من أكاديمية خاصة في تونس.
 واعتبر أن أكبر عاق يواجه الفنان في المجال سواء ميدانيا أو خلال مرحلة التكوين، هو شح هذه المواد، و حتى و إن توفرت فسيكون ذلك بكميات قليلة جدا ، مشيرا إلى أن هناك منتجين يلزمون المختصين في التجميل بتوفير المواد كاملة للمشاركة في العمل، وهو ما يضطر هؤلاء إلى التنقل للعاصمة لأجل اقتنائها.  

و قال من جهة ثانية، أن التجميل السينمائي مهم جدا لإحداث نقلة نوعية في مجال إنتاج الأعمال الفنية، و يعد إضافة مهمة و مكملة للثورة الرقمية في مجال التصوير و التركيب و معالجة الصور في شتى مجالات الفنون سواء المسرح أو التلفزيون أو السينما، مع ذلك فإن الفنانين في هذا المجال يعانون من التهميش و لا يحظون بالاهتمام اللازم، نتيجة للجهل بدور لمستهم في إنجاح أي عمل، خاصة وأن الصورة هي أول ما يصل لعين المشاهد .و بخصوص إعلان وزارة الثقافة عن مشروع مدينة سينمائية في الجنوب، و ما قد يحمله ذلك من إضافات للمجال الفني بمختلف عناصره، قال، بأن هذا المشروع سيكون بمثابة نافذة أمل للكثير من العاملين في المهن الفنية، حيث سيسهم في بروز المختصين في التجميل الفني و نيلهم لفرص العمل و الظهور، كما قال، أن توفر البيئة المناسبة للنشاط، من شأنه أن يشجع الكثير من المواهب التي اختارت الهجرة على العودة إلى أرض الوطن، وهي خطوة مهمة لبعث الصناعة السينمائية الجزائرية و إعطاء دفع  قوي للفن السابع.    
أ ب

الرجوع إلى الأعلى