* خيرة بلقصير
1)
حزينةٌ بما يكفي كنسر عجوز
ينتف ريشَه في الأعالي..
حزينةٌ حزنا فاحشا وشريرا كفزاعة الطيور في حقل مضجر بالخوف..
وحدي أقبض على زرّ الرّيح، و أعلقني على مشجب الموت مَنابِت الزَّنبق
حزينةٌ كالتّعب المنقوع في شراب الاِرتطام
والسّماط..
يا غواية الدّمع
لا رغبةَ في التَّلاشي والاِنقشاع كغيمة تُنفِق تأجُّجي في البلوغ ورباط الخَيل
حزينةٌ كالأزل يطحنُه الأزل..
ويطفحُ نَحيبي أحابيل ناضجة في الرِّقاب..
حزينة كنقوش في باب الأبد.
أدخله لِماما وقنوت الدِّهان في الوردة الواشية
حزينةٌ كالمَنْفى أصطفقُ في الغُيوب والغُبار وجبة الوحدة.
2)
علبة صفيح في العتمة
تُدحرجها الرّيح
لها صوت يُشبه نداء الاستغاثة من بارجة تعصف بها الحروب
علبة صفيح ممسُوسة..
تحذر العبث..
وتشعلُ زرا أحمرَ في العقل
أشياء كثيرة تتلَوى في الخارج.. أكياس تتشدق بأسلاك الكهرباء
لوحة الدعاية الانتخابية
أشباح تتجادل في الصور
أنوار عمومية تشّع بالوهن
مركبات جاثمة بجهاز إنذار تتحرش به قطط يمخرها الجوع
علبة صفيح مثل اِنكسار قلب في الجسد..
تحدث عويلاً من حديد..
كأنّه رجع القهقهة..
3)

لا شيء يبقيني على قيد الوَرق
حية أرزق عنان الهَلاك
لا شيء أصعب من تمرير الكلام
من ثُقب في الجحيم..
إنّ النَّفس لأمَارة بسُوء دَمِث
يلتصقٌ بأقدارِ البَريق..
عليّ أن أبكي ما استطعت..
وأطعم رؤيتَك حدقي الزَّاجل..
منذ الأبدية تحمل أخبار المعمورة..
عليّ أن أُصغي لرَجف المسافات..
شيء ما ينقشعُ بُهاق الرُّوح ورنين الدَّم..
أنا نَهمُك.. أيتها المرايا..
تعظ يدَها وتُزاولني شَمسًا أريبة كخائِنة أعيُن..
أنا فِضَّة الماء في حَنجرة العِتاب..
ولي في غِيابك الفَاحِش سَرْوَة وعَنبرا وحَامِضا
بِطعم النَّدم
. أنا وإن بَعُد عَني الرَّمق والومق
مكفولة بيقين الوَردة..
وبالمسمار يعلق يُتمي الهشّ..
لكني لا أحتمل يده الباردة حين يمسح برأسي..
أنت وكافلي والخراب
كهاتين..
أصابع مقطوعة..
4)
وحدي، أغالبُ وحش النّوم
كثور مأخوذ بسواده الأرعن..
غير أنّ السّهام في ظهره كسرت رغبتي في المقاومة
أذقني طعنة أخرى أيها الماتادُور
طعنة تلو طعنة.
على الموت أن يكون شهما مثل حاسّة العشق التي في عينيك
وأنت تذرفُني كالخسارة المرّة..
والنّدم..
5)
أتناسل خيطا..
ما سقط مني سنونوة مارقة..
ومسامير الضَّجر الأنيق..
أتفاءل خلسة..
وأنا في السقوط الوشيك..
يستغرق كتفي في حاجته القصوى إلى من يربته..
ليخفف عنه مؤامرة يحيكها الأحبة..
ليخون الملح نفسه
على مهل.. جدا تتفسخ اللّغة..
والجلد والكتاب..
ورائحة الوحدة والخمول..
كلّ هذا وأنا لا أرتطم..
عصارة وغضاريف الوقت..
ألم المفاصل المزمن في احتمال النَّزف..
كلّ هذا الهامش المنحوت صمتا وكينونة
وأنا أضيء الجهات بسقوطي دُرَّاقا حامضا.. وتحطما
على مهل جدا..
أكتب تاريخ.. الغبار
والخطأ وأنا أسقط
أسقط في رمق...

الرجوع إلى الأعلى