الكتاب الجزائري الغائب الأكبر في معرض الكتاب الوطني بقسنطينة

عزف كثير من الزوار على ارتياد المعرض الوطني الثاني للكتاب الذي نظتمه دائرة الكتاب لمحافظة تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، بساحة أحمد باي بوسط مدينة قسنطينة وتستغرق فعالياته  ثلاثة أيام ، زارت  النصر المعرض في أوقات مختلفة من النهار قبيل إغلاق الخيام التي تحتضنه ، و تحدثت إلى العارضين الذين  أكدوا غياب عملية البيع والشراء، و النقص الكبير في التفاعل مع الزوار، مما شكل رتابة كبيرة تكاد تكون العنوان الأكبر للمعرض الوطني للكتاب في طبعته الحالية،في حين تساءل بعض المواطنين الذين دفعهم الفضول إلى زيارة المكان، إذا كان الأمر يتعلق بمعرض وطني أم مجرد مكتبة عادية فتحت بوسط المدينة.
عناوين مكررة ولا جديد تحت الشمس
طغت الكتب شبه المدرسية  والكتب الدينية و إصدارات التنمية البشرية المستوردة، على هذا المعرض الوطني وغابت عنه الكتب الفكرية والأدبية  وحتى العلمية التي  ألفها جزائريون، حيث  وصل الأمر لحد تساؤل بعض الزوار إن كان هذا معرضا وطنيا ،أم مكتبة في وسط مدينة قسنطينة.
و الملاحظ أن نفس العناوين مكررة من خيمة لأخرى، وهو ما جعل وجه المعرض باهتا وشاحبا لغياب المادة الحيوية عنه ، حيث غاب عنه المهتمون بالأدب والفكر ما جعله خاويا رغم أنه في قلب مدينة قسنطينة ويعرف المكان حركة مرور كبيرة بمحاذاته.
المعرض الوطني غابت عنه دور النشر الجزائرية المهمة ،وتعرف الزوار على  دور نشر قد توصف بالوهمية ، لأنها لا تملك كتبا منشورة لها ولا تروج لكتاب جزائريين وهو ما جعلها تعمل على عرض الكلاسيكيات الأدبية، ونفس الكتب التجارية المتواجدة في مكتبات قسنطينة في عملية رسكلة للكتب التي لم يتم بيعها من قبل، أو مل القراء من تواجدها في المكتبات.
أما في ما يتعلق بالكتب التي طبعت ضمن تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية ، فهي كتب للعرض ولا يمكن للزوار اقتناءها أو التعرف عليها، وهو ما استغرب له  المهتمون ببعض العناوين التي طبعت في التظاهرة .
و الملاحظ أن بعض دور النشر، قدمت محاولات لتنشيط المعرض عبر تنظيم جلسات البيع بالتوقيع، لكن المحاولة لم تكن ناجحة، لأن الكاتب بقي أمام كتبه بلا جمهور يعرفه، وذلك راجع لنقص الإعلام بفعاليات ونشاطات المعرض
ورفض بعض الزوار الحديث عن أسعار الكتب، حيث قال عبد المالك بأن الأسعار تناقش حين تكون هناك كتبا معروضة ، في حين اعتبر مرافقه بأنه لم يسأل الباعة عن السعر من الأصل، لعدم وجود كتب تستهويه. وعلى العموم فإن الأسعار مقبولة، لكن الباعة يشتكون من انعدام المشترين، لذلك فهي يمكن أن تنزل أكثر في الأيام القادمة ،حسبهم.
أثناء زيارتنا للمعرض  أول أمس على الساعة الرابعة زوالا ، بعد زيارات عديدة سابقة، تفاجأنا بإغلاق بعض الخيام التي خصصت لبعض دور النشر من أجل بيع مطبوعاتها للزوار ، وهو ما يفتح تساؤلات كثيرة حول جدية المعرض ومدى إيمان دور النشر بالتعريف بمنشوراتها وبيعها للمهتمين بها .وبعد أن استفسرنا عن سبب غلق بعض الخيام، أجابنا عارضون بأن الملل الكبير وانعدام البيع جعل بعض العارضين يشعرون باليأس ، رغم أن المعرض في أيامه الأولى.
أرجع بعض الزوار القلائل الذين وجدناهم بالمعرض سبب فتور العلاقة بين الجمهور ومعرض الكتاب في هذه الطبعة هو غياب دور نشر وطنية معروفة باصداراتها الفكرية والأدبية الجادة والتي تبتعد عن استهلاك الكلاسيكيات ،وتكرر طبع كتب سبق طبعها و إصدارها .
 حسب الشاب أمين، فإنه تجول في المعرض ولم يجد كتب تجذبه و تنال إعجابه، حيث انعدمت الكتب الفلسفية تماما ،الأمر الذي جعله يشعر بالإحباط ، خاصة وأنه مهتم بمتابعة الإصدارات الجديدة في الفلسفة ، خاصة ما يكتبه الجزائريون حول الرؤى  الفلسفية التي تناقش في العالم حاليا.
أما الشابة هدى ،فقد قالت بأنها شغوفة بعالم الرواية، لكنها لم تجد أي عمل روائي جديد بالمعرض ، فمعظم الروايات المتداولة في المعرض هي طبعات قديمة لروائيين جزائريين. أما ما تعلق بالروايات العالمية، فإن نفس الأسماء مكررة وهي موجودة في أسواق الكتب في قسنطينة، حيث قالت أن هذا المعرض لم يحمل أي جديد.

الجدير بالذكر أن البلاغ الذي تلقت النصر نسخة منه ، جاء فيه بأن 50 دار نشر وطنية ستشارك في المعرض الوطني للكتاب الخاص بتظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، لكن مع احتساب دور النشر العارضة  في عين المكان، فإنها لا تصل ل30 دار نشر ،حيث تحدث بعض الناشرين للنصر، بأن هناك دور للنشر رأت بأن المعرض لم يوفر  لها ظروف العمل الملائمة، فلم تعرض مطبوعاتها، و فضلت الانسحاب على الظهور بوجه باهت أمام الجمهور.
والملاحظ في المعرض، هو وجود خيمتين تابعتين لنفس دار النشر، لكن بأسماء مختلفة ،حيث يخبرك البائع بأن الخيمة الأخرى تابعة لنفس دار النشر التي يديرها، لكنها تحمل اسما آخر وهو ما جعل نفس المؤلفات تعرض في خيمات متعددة . الأمر الذي أعطى انطباعا للزوار بأن دور النشر الجزائرية تفكر بنفس العناوين.السمة الغالبة على دور النشر التي عرضت كتبها في المعرض ،هي أنها دور نشر ناشئة تمتلك عملا واحد أو اثنين مطبوعين أو لم تقم بالنشر من قبل ، أما باقي المعروضات فهي كتب شبه مدرسية أو كتب مستوردة متخصصة في التنمية البشرية ،و ذلك سيجعل  المتجول في أرجاء المعرض والمتفحص لنوعية الكتب المعروضة يستخلص بأنها كتب تجارية بالدرجة الأولى، حيث تطغى عناوين براقة وجاذبة للقراء ،خاصة ما تعلق منها بكتب تطوير الذات و التنمية البشرية .
معرض كتاب بذهنية أسواق أسبوعية...والمطر من أكبر مخاوف العارضين
المنظمون للمعرض خصصوا خياما بيضاء لعرض الكتب، لكن  الصورة التي أعطتها هذه الخيام هي صورة أقرب من الأسواق الأسبوعية إلى معارض الكتاب، حيث أن طريقة وضع الكتب  وعرضها جعلتها تبدو كسلع استهلاكية فكانت تعليقات بعض الزوار متفاوتة فشبهها بعضهم بسوق الرحمة الذي نصب مؤخرا في شهر رمضان ،و الذي استعملت فيه نفس الخيام، وما زاد من تثبيت أوجه الشبه بين هذا المعرض وسوق الخضر والفواكه ، هو انعدام طرق الترويج للكتب وعرضها في المعرض. كما أن جل من يبيعون في الخيام ليس لديهم فكرة عن العناوين التي يبيعونها ،أو عن منشورات الدار التي يعملون معها في المعرض، أين كانت إجابات جلهم  بأنهم ليس لديهم اهتمامات بالكتب، وكل ما في الأمر هو أنهم يعملون من أجل كسب قوت يومهم . وما يثير الدهشة في جل الخيمات التي تبيع الكتب هو غياب أي خدمة للمشترين حيث تنعدم الأكياس الخاصة بدور النشر العارضة، وهناك من المشترين القلائل من أمرهم الباعة بالبحث عن كيس من مكان آخر من أجل حمل الكتب.
ولم يخف الكثير من العارضين توجسهم وتخوفهم الكبير من تكبد خسائر في حال هطول أمطار مفاجئة ،حيث أن حادثة المعرض في طبعته الأولى مازلت ماثلة في أذهانهم ،أين أتلفت المياه كتبهم ولم يتلقوا  تعويضا من منظمي المعرض وهو ما كبدهم خسائر مالية كبيرة. وقد أطلعنا أحد العارضين الفتوحات الموجودة بالخيام الممنوحة لهم ،حيث أوضح بأن الخيمة قدمت مجانا للعارضين، لكنها غير ملائمة للمحافظة على الكتب، خاصة مع وجود فتوحات كبيرة تمكن المطر من التسرب بكميات معتبرة، الأمر الذي يعرض الكتب التي تبقى في المعرض في الليل ويحرسها حارس واحد فقط للتلف و الضياع .


مدير الثقافة ومسؤول دائرة الكتاب في المحافظة : المعرض ناجح
دافع مدير الثقافة لولاية قسنطينة جمال فوغالي عن المعرض، و وصفه بالناجح الذي سر به القسنطينيون ، و أعرب عن سعادته لتنظيمه للمرة الثانية في ظرف عام ،مضيفا  بأن جمع الجماهير ليس من اختصاص معارض الكتاب، لأنها الأمر لا يتعلق بحفلات للشاب خالد وغيره من الفنانين القادرين على جمع و حشد  الجماهير. و أكد المسؤول بأن المعرض ،إضافة حقيقية للمشهد الثقافي القسنطيني، دعيت له دور نشر جزائرية لها إسهاماتها الكثيرة في سوق الكتاب ، و تم الدمج بين دور النشر الناشئة و التي لديها خبرة في المجال ،وهو ما سيكفل نقل التجارب والاستفادة أكثر من خلال هذا اللقاء.       
حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى