اقتراح استغلال تحاليل الحمض النووي لاستقراء تاريخ سكان الصحراء
اقترح باحثون جزائريون وأجانب ضرورة اللجوء لاستغلال تحاليل الحمض النووي "أدييان" لتسهيل دراسة تاريخ سكان الصحراء الجزائرية خاصة وشمال إفريقيا عامة قبل التاريخ، حيث اعتبر الباحثون أن هذه التحاليل هي الوسيلة الوحيدة لدراسة الإنسان ما قبل التاريخ في مناطق صحراء شمال إفريقيا.

ساندت الباحثة الأمريكية "إليزابيت فانتراس" أول أمس مقترح باحثين جزائريين حول ضرورة اللجوء لإستغلال تقنية تحليل الحمض النووي للتعرف على تاريخ والنمط المعيشي والحياتي لسكان الصحراء في شمال إفريقيا في الحقب الغابرة عبر العصور القديمة، وجاء هذا  خلال نقاش أعقب محاضرة للباحثة حول "الشتات الصحراوي في نهاية العصور القديمة" وهذا بمقر مركز البحث في الانثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية بوهران، حيث طرح باحثون مختصون في البيولوجيا مسألة إستغلال تقنية تحاليل الحمض النووي التي يمكن إنجازها على الهياكل العظمية للإنسان الصحراوي في العصور القديمة وهي الهياكل المحفوظة في متاحف منها متحف الباردو بالجزائر ومتحف "اللوفر" بفرنسا، وهنا أكدت الباحثة الأمريكية أن الأمر ممكن ونتائجه تكون مضمونة إلى حد كبير بإستغلال عظام الأذن أحسن من الأسنان، مبرزة في الوقت نفسه أن المشكل الوحيد الذي يحد من هذا الإنجاز هو توفير الأغلفة المالية لأن العملية تحتاج لأموال كافية للخروج بنتائج تسمح للباحثين من تحديد عدة عناصر حول الحياة اليومية والظروف المعيشية لسكان الصحراء في العصور القديمة وبناء على النتائج يمكن دراسة وكشف حقائق التواجد الروماني في الأرض النوميدية، ومقاومة الإنسان الصحراوي له، وكذا مدى التقدم الحضاري الذي كان يعرفه سكان الصحراء البربر والمتجسد في إنجاز العديد من الآثار الرومانية التي لازالت أطلالها شاهدة لغاية اليوم عبر عدة مدن جزائرية منها لجدار بتيارت وبتيبازة وقرب تيمقاد ومنطقة قرقور بسطيف وغيرها، كما أن الرجل الصحراوي تفوق على الحضارة التي كانت آنذاك في إبتكاره وإعتماده على نظام الفقارات في تقسيم المياه وحسن إستغلالها، وأوضحت المتحدثة أنه مثلا قبر الملكة "تينهينان" في منطقة "أباليسة" في الهقار يوجد بها عدة أمور يمكن دراستها والتعرف عليها لو يتم إخضاع الهيكل العظمي الموجود بالمتحف في العاصمة لتحليل حمضه النووي، كما طرح الباحث صادق بن قادة لرورة جمع ودراسة النصوص الأكاديمية التي أنجزها باحثون جزائريون ومغاربة وأجانب عن الصحراء الجزائرية والشمال الإفريقي للخروج بحوصلة أكاديمية تفسر النمط المعيشي لسكان المنطقة عبر العصور، فيما ارتأت الباحثة الأمريكية أن يضاف لتلك الوثائق العمل الميداني لتلك المواقع الأثرية ذات القيمة التاريخية.
وأضافت الباحثة "إليزابيت فنتراس" في ردها على سؤال النصر، أن الآثار الرومانية في الجزائر ليست بالكثيرة مقارنة مع ما يوجد في دول أخرى، ولكن ما يوجد في الجزائر هي آثار ذات قيمة كبيرة من الناحية "الأركيولوجية" مشيرة أنه يوجد حوالي 200 مدينة رومانية في الجزائر لا مثيل لها عبر العالم.  
للتذكير، تعد محاضرة الباحثة "إليزابيت فنتراس" الإفتتاحية للموسم الجديد لمركز البحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية "كراسك" الذي سيبدأ الموسم كذلك بمدير جديد هو الأستاذ الباحث مستاري جيلالي الذي تم تنصيبه مؤخرا، وكانت أيضا محاضرة افتتاحية لمركز البحوث المغاربية في موسمه الجديد.
 «ما يحدث في الساحل اليوم نتيجة لتعاليم العولمة»
وفي شق آخر عن سكان الصحراء الجزائرية اليوم خاصة التوارق وما يجري في منطقة الساحل الإفريقي، اعتبر الأستاذ الباحث ديدا بادي أنه من أسباب الأحداث التي تعرفها منطقة الساحل، هي تأثيرات العولمة على المنطقة التي ظلت لعقود من الزمن محافظة على نمطها الاجتماعي والاقتصادي والديني، مضيفا أن حل الأزمة هناك ليس بيد التوارق وحدهم بل هي قضية دول المنطقة.  حيث قال الأستاذ الباحث ديدا بادي الذي ينحدر من مدينة تمنراست والذي يشغل حاليا منصب باحث في جامعة ألمانية في تصريح للنصر على هامش حضوره للمحاضرة التي ألقتها الباحثة "اليزابيت فنتراس" بمركز كراسك بوهران أول أمس، أن تعاليم العولمة التي يشهدها العالم مست في السنوات الأخيرة منطقة الصحراء الإفريقية في محاولة لإدراجها ضمن التوجهات الجديدة لهذه الاستراتيجيات ودمجها في سياق تحوّلات العولمة التي تمس خاصة تغيير الأنماط الاجتماعية والمعيشية والدينية والعادات والتقاليد، ويعتبر المتحدث أن هذا السبب هو أساس الأحداث التي تشهدها منطقة الساحل، مذكرا في الوقت نفسه أن المنطقة من العصور القديمة وهي تشهد من حين لآخر أحداثا مختلفة ولكن من أجل الدفاع عن كيانها خاصة بالنسبة للتوارق، أو من أجل البحث عن الغذاء والمرعى في أوقات الجفاف أو الفيضانات، ولكن ما يجري منذ سنوات هو شكل مغاير لتلك الأمور فهو محاولة لغزو فكري وديني مثلما يحدث في العديد من مناطق في العالم. وأكد الأستاذ ديدا أن حل الأزمة في الساحل ليس مشكل التوارق أو سكان المنطقة بل هو مشكل كل الدول الإفريقية ومشكل إنساني تعنى به كل دول العالم.  للتذكير، تعد محاضرة الباحثة "إليزابيت فنتراس" الافتتاحية للموسم الجديد لمركز البحث في الأنثروبولوجيا الإجتماعية والثقافية "كراسك" الذي سيبدأ الموسم كذلك بمدير جديد هو الأستاذ الباحث مستاري جيلالي الذي تم تنصيبه مؤخرا، وكانت أيضا محاضرة افتتاحية لمركز البحوث المغاربية في موسمه الجديد.                                             
هوارية ب

الرجوع إلى الأعلى