شعر/ عبد القادر رابحي
- 1 -
ليس لديّ ما أعطيه..
و لا أملك مفاتيح المسرّات
أهبُها للمحتاجين..
أنا الشّاعرُ الفقير
كلُّ ما تبقّى لي
عشرونَ مجازا فقط
أدسّها في وبَر الفراشات
هي تجارتي القادمة
و حُلمي التائه في الأصقاع
و عصايَ التي بها أطير..
- 2 -
كيف لي أن أقرضك مجازا
أو حتّى ربعَ مجاز..
و أنا بأشدّ الحاجة إليه
في هذا الوقت الضيّق..
ربّما أكثر منك..
لم يبق لي غيرُ هذا الخيط
يستدرجُ الحروفَ الهاربة من سقْط البلاغات..
علّها تفي بوعدها القديم
علّها تدفعني نحو هاوية القصيدة
و أنا في مُقتبل الحروف..
- 3 -
كلُّ شيء باردٌ
في هذا المساء الرّخو..
ريحٌ تأتي من البحر،
و سربٌ منجذبٌ إلى ضوءٍ خافت
معقودٍ بعُلبةِ سينما..
الشعراءُ
ممثّلون كذلك..
- 4 -
عشرون مجازا فقط
أربحُ بها نفسي
وأخسر كلّ شيء:
الأصدقاءَ الواقفين عند باب الذاكرة
و مزهريات الطّين الأولى
و الرياح التي تهبُّ من جهة البحر
كأنها الحشرجاتُ الأخيرة
تردّدُ نشيد العواء
في صدرِ اللّغة المسلول..
- 5 -
خسرتُ نفسي كثيرا
و أنا أصبُّ شهْدَ المجازات
طيلةَ عمرٍ كامل
في بيوت الشمع الشّاغرة..
- 6 -
المجازُ شيءٌ حميم
هاربٌ من خدر الوشايات..
كأن تستيقظ في جوف الليل
و تمسك فراشة..
كأن لا تعرف من تحبّ
و أنت تحبّ..
كأن تقول للأرض سأعودُ غدًا
ثمّ لا تعود..
كأن تمضغَ قلبَ الطينة النيئ
نكايةً في الإخوة الأعداء..
كأن تفقأ صِهريجَ الشّمس المُقيّحة بعيّن من تكرَه..
كأن تشرب عصير النبع الجّاف ممزوجاً بعَلَقِ الضغينة..
- 7 -
المجازات لا تُعطى
المجازات لا تُباع..
و لا تورّث كذلك..
المجازاتُ حضورُ الغائبين
في لحظة المسرّة..
غيابُ الحاضرين في لحظة المضرّة..
المجازاتُ جراحٌ متّقدة،
جيوشٌ منضبطةٌ تحت إمرةِ الشعراء..
صنّاراتُ رتقٍ الأصابع المفترقة،
دنانيرُ خبزٍ يابسٍ
ينتظر المتسوّل الضّرير
في حقولِ الوقت الجرداء..
علاماتُ تيهٍ
وسطَ المنازل المصبوغة بالوجد..
أغطيةٌ رقميّةٌ محروسةٌ بلباقة
في صحراءِ الافتراض..
- 8 -
و أنا ماذا سأربح !!
لو أنّني سايرتُ غوايتي
و أعطيتك مجازاً..
أو وهبته لكِ
أو أقرضتكِ إيّاه
في لحظةِ ضعفٍ حزينة
كالتي أصيرُ عليها حينما ألقاك؟
ثمّ ماذا ستصنعين به؟
فستانَ عرس غائب !
تنُّورةَ اشتهاءٍ ورديةً !
سيارةَ حُلم أبرص تسافرُ بجناحين منتوفَيّن
إلى مرافئ الكتابة !
- 9 -
المجازُ
وَحْمُ الطّفل المنذور
لاشتهاءِ الحامل..
- 10 -
لا أعرفُ من أين جاءتك
هذه الرغبةُ الجامحة
في قضمِ مجازٍ حارّ
كالذي يخرج من رئتيّ الذّابلتين
ألرغبةٍ مكتومةٍ في صِباك
تقفُ على رأس لسانك
و لا تريدُ الخروج ؟
قد لا تصنعين بهِ شيئا
و أخسر مجازا واحدا
من مجازاتي العشرين..
- 11 -
أنتِ لا تعرفين المجازات جيدا،
ربّما تجهلين ضفائرها المعقودة في سبائب الرّيح،
ربّما تفقدين أقفالها المدفونة في مقابر النسيان..
المجازاتُ عدوى أصحابها،
نسغٌ يشي بعروقه،
عقاربُ وقتٍ لادغةٌ..
كتبٌ منثورةٌ في كفّ الخيال..
نُسَخٌ طِبْقَ الجرح
و أسئلةٌ رهن الاعتقال..
-12-
المجازاتُ أحجارٌ كريمة
مرميّةٌ في سهو البلاغات
تعلّمني أنا الشّاعر الفقير
أنْ أعصر الحُلم الكاذب في وادي المعرّات
حتى يظهر على حقيقته..
أن أدبغ الخيالات بظهر اللّغةِ الأحرش
حتى يصيرَ ملساء..
أن أدفعَ طاووسَ البهاء نحو الشّجرة العارية
حتى تكسوه السّماء بظلّ الارتكاس..
-13-
المجازُ لا ينفعُ وحدَه
لا بدَّ من رأسٍ مريضةٍ
مليئةٍ بالوساوس،
مكتنزة بالمُسبقات،
مفعمة بالنوايا السيئة،
كي يصير المجاز داءً
لدواء الفراغ القاتل
الذي ينخر رأس الشاعر الفقير..
-14-
أنا الشّاعرُ الفقيرُ
لن أربح شيئاً تماما
لو أنّني أقرضتك مزاجا
من مجازاتي العشرين..
سأضيّع عالما كاملا
و سيبقى لي تسعة عشر مجازا فقط..
-15-
ربّما سيكونُ أروعَها
ذلكَ الذي وهبتُه لك
أو أقْرضتُك إياه
في لحظةِ ضَعفٍ حزينة
كالتي تُصيب الشعراء
و هم يقايضون الرحيق بالوردة،
و الزقزقة بالعصفور،
و الشعلة بالنّار،
و الموجة بالريح،
و الفارق بالمسافة،
و البوصلة بالاتجاه..
هو نفسه المجاز الذي أبحث عنه
منذ أن نبتتْ الرّيح
في أحذية الشعراء..
-16-
كلّ شيء قابلٌ للتعديل
حتى الجِينات المختبئة في محّ البويضة
حتى السحنة المنذورة للتراب
حتى الحدقة البُنيّة التي تصير زرقاء..
حتى الشَّعر الأجعد الذي يصير حريريا
لمدّة عام كامل..
أتعرفين ما المجاز؟
-17-
المجازُ
نطفةُ ماء حائرة
تتسلّق زجاج السيّارة
في يومٍ ماطر..
-18-
ورقةُ يناصيب..
طرْدٌ ملغّمٌ بسذاجة الشعراء..
رقمٌ عشوائيٌّ يفتحُ بابَ المتاه للأطفال المنذورين للحروب..
و أنتِ؟
ماذا ستفعلين بالمجاز؟
ستَحُكّين فقط
و تُتوّجين بتوق اليرقات
و هي تحلم بانعتاق اللّغة
من بين أنياب النبتة المفترسة..
أما أنا..
فسأخسر كلّ شيء
لو أنّني أخطأت
و أقرضتكِ مجازا واحدا
من مجازاتي العشرين..
-19-
المجازُ
أن تنزع ما تحبّ
عمّن تحبّ
كما تنزعُ الرّيحُ الأقنعةَ عن وجوهِ الشّعراء..
المجازُ
ثمرةُ برتقالٍ مرٍّ..
انجلاءُ غيمةِ الواقفين على أصفاد الحقيقة..
ثبوتُ القمر الزجّال في ليلِ شتاءٍ غائم..
-20-
أترين ماذا سأخسر؟
كلّ شيء تقريباً
لأجلِ رغبةٍ فيك..
قد أكون بخيلا
لكنني لم أتهيّأ للعطاء
و أنا أغرزُ خنجر العمر
في ضلع القواميس الموصدة
و أهيئ له اللغةَ الرّائبة
و اللّحظةَ المشتهاة
و الحُقولَ المزروعة بالأطفال ..
-21-
ماذا ستفعلين بالمجاز
و أنتِ بصحّةٍ جيدةٍ؟
-22-
المجازُ فيروسٌ جائعٌ
يبحث عن سُكر الجسد المنهوك..
داءُ اللّغة الضّامر في دواء المريض..
خيطُ الفجيعةِ المزروع في أنياب الحوت الأزرق..
نبضُ الحياة المنسيّ في رغبة الشيخ الطاعن في المجاز..
-23-
المجازُ
تخفيفُ الألمِ عن الألم،
رفعُ اللّبْس عن اللّبْس..
إضافةُ الغموض إلى الغموض..
حَجْبُ النّظر عن النّظر..
تقشيرُ الأرض الجرداء
من قصائدِها المسطّحة..
حصادُ القلوبِ البور
في شتاءِ العمر الجافّ..
-24-
عشرون مجازا فقط
هي كلّ ما أملك
لا أريد أن أخبر بها أحدا
خاصةً الشعراء..
الغاوون
أكثرُ صدقا من الشعراء..
الشعراءُ ..
سارقو مجازاتٍ
من حوانيت الأرض الممتلئة بالقصائد..
الشعراء كذّابون..
الجزائر العاصمة/ سعيدة 21-22/03/2018
عشرون مجازا فقط .. هي كلّ ما أملك !!
- التفاصيل
-
أي دور للجامعة في الفضاء الاجتماعي؟
ما مدى اِرتباط الجامعة بالفضاء الاِجتماعي وبالواقع الفعلي للمواطن الجزائري، وما مدى أهمية وضرورة إدراك الجميع بمدى أهمية هذا الشريك الحيوي والجوهري «الجامعة»...
رؤية حداثية أساسها التنوير: الوجــه الآخــر لنضـال بن باديــس
إيناس كبير خص العلامة عبد الحميد بن باديس النشء باهتمام بالغ، فقد اقترب من مشاغل الجيل الجديد وأصغى لاهتماماته، حيث كان يرى فيه البذرة التي يجب أن تُروى على...
قراءة في رواية « باب القنطرة» للكاتبة نجية عبير: «السّيّــدات» .. انظر ما يوافق تربة قلبك وانثره فيها
إلهام بورابة معابر مفاتيح: الترجمة خلق جديد/ حزن الكاتب وحزن المترجم متشابهان ، لكن الفرح يكسبه القارئ./الرواية انتهت لكن الإطناب في إعادة التدوين لوضع كل شيء...
"نوافـــذ علـى الآخــر" كتابٌ جديـد للدكتور أزراج عمـــر
صدر منذ أيّام، عن دار «اسكرايب» في مصر، كتاب جديد للشاعر والمترجم والأكاديمي الدكتور أزراج عمر، وحمل عنوان «نوافذ على الآخر»، وهو عبارة عن مجموعة...
هــل يمكــن للمثقـــف أن يكــــون صانــــع محتـــــوى؟
هل بإمكان المُثقف أن يكون من صُنّاع المحتوى المؤثرين؟ وهل يمكن أن يكون مُبدعاً لمحتوىً مُؤثر هادف ومسؤول، خاصةً وأنّه من الضروري أن يحدث هذا في زمن...
الكاتب والإعلامي الدكتور محمّد بغداد للنصر
ما تمّ اِنجازه في مشهد الإعلام الثقافي مشاريع أفراديعتقد الكاتب والإعلامي محمّد بغداد، أنّ الإعلام الثقافي يتجاوز المستوى الأدبي، ليشمل كلّ معاني ونشاطات الإنسان في الحياة، بدايةً من الأسماء التي نطلقها على أبنائنا، مروراً...
قصائد لعبد الحميد شكيل
#عبور.. سأعبر الغابة..دون أن تراني الأشجار..سأعبر النهر..دون أن تعاندني طيور الماء..سأعبر البحر..دون أن يراني القراصنة،وهم يغتصبون نساء الزبد..سأعبر الوقت..ممهورا بنمش...
#نايات غيم..!!
الوقت..وهو يتسرب بين أصابعنا؛ يشعرنا بذلك الزخم الكثيف من العفوية ، والتمحل اللذيذ، في سريانه السريع صوب فجوات مفتوحة على كشف الوردة ، وهتف الأغاني...
أمام تطبيقات الترجمة و منتجات التكنولوجيا
أي جدوى للمعاجــم في زمــن الخوارزميـــــات؟ تأتي المعاجم غنية بمفردات اللغة، حيث تحمل بين دفتيها الكلمات ومعانيها، كما تحيل إلى الحقل الدلالي للمفردة فيكون المؤلف والباحث قادِرَيْن على إنتاج أخرى في مختلف المجالات، عدا عن توظيفها في سياقها المناسب داخل...
الشَاعر والناقد الدكتور عبد القادر رابحي للنصر
التحوّلات التي تمرّ بها الجزائر المُعاصرة تقترح عوالم شِعرية رهيبةيعتقد الشاعر والناقد الدكتور عبد القادر رابحي، أنّ المدونة الشِّعريّة الجزائرية المُعاصرة بالنظر إلى ما تُعايشه من تحوّلات بنيوية، شهدت إضافات جديدة، لا على مستوى التفكير...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)