البلاغة العربية من النظم إلى الأسلوبية
كانت قضايا البلاغة العربية وأهم أسئلتها المعرفية و التاريخية و المنهجية موضوع ملتقى علمي أكاديمي وطني ، نظمه قسم اللغة والأدب العربي بكلية الآداب واللغات بجامعة 20أوت 1955-سكيكدة يومي 17 و18 أفريل، وقد افتتحه الدكتور سليم حداد مدير الجامعة.
متابعة:د-وليد بوعديلة
و الملتقى بعنوان» البلاغة العربية من النظم إلى الأسلوبية» ، وفيه تناول الباحثون الكثير من المسائل والقضايا التراثية و الحداثية، و  توقفوا عند جوانب كثيرة عند أعلام النقد العربي والغربي في مجالات اللغة و البلاغة.
1 -البلاغة في الثقافة العربية..
 تناول المحور الأول للملتقى  تطور الدرس البلاغي منذ القرن الخامس الهجري،  تقعيد البلاغة وأسباب قصور الدرس البلاغي ،  مبررات الانفتاح على الأسلوبية وفن القول، أما المحور الثاني فكان حول الانتقال من البلاغة إلى الأسلوبية العرفانية، وفيه تم دراسة علاقة النحو بالبلاغة، النص بين البلاغة و الأسلوبية ،البلاغة الجديدة والأسلوبية العرفانية، البلاغة و النقد النصّاني.
    وقد أسهم في الملتقى كل من المكتبة الرئيسة للمطالعة العمومية نور الدين صحراوي-سكيكدة ومخبر التراث الأدبي الجزائري الر سمي والهامشي بالجامعة ، و سهر على النجاح العلمي و التنظيمي لهذا النشاط كل من الدكاترة المتميزين :عبود حميودة وعبد السلام جغدير وسفيان بوعنينبة ،من خلال كل عمليات التحضير والانجاز والتفاعل مع الباحثين من جامعات كثيرة عبر الوطن مثل :عنابة، الطارف ،برج بوعرريج، غرداتية،قسنطينة، ميلة، بومرداس...مع دعم عميد الكلية الأستاذ الدكتور بوجمعة بوبعيو.
الملتقى استقبل مساهمات علمية لأساتذة معروفين في الدراسات اللغوية والبلاغية مثل: أ-د رابح دوب (جامعة الأمير عبد القادر)،أد- العربي حمادوش(جامعة قسنطينة)،د-حسين تروش(جامعة سطيف)،د-رابح بن خوية( جامعة برج بو عرريج)، د- محمد  الهادي عطوي(جامعة عنابة)،د-محمد مدور(جامعة غرداية)،د-عبد الحميد شكيل (جامعة عنابة)،د- السبتي سلطاني (جامعة الطارف) د-عبد الرحمان زايد قيوش(جامعة عنابة)...
 كما كان لأساتذة جامعة سكيكدة المساهمة الفعالة و في أشغال الملتقى مثل :حسين زويد، آسيا بن عبدي ،سهام رابح، هدى بن عزيزة، سهيلة مفروش، رشيد جقريف،....، وإلى جانبهم مجموعة من طلبة الدكتوراه الذين شاركوا في أشغال الملتقى بمداخلات علمية وبالتعقيب والمناقشة.
2 -من قضايا البحث العلمي البلاغي
سنحاول تقديم بعض العناصر مما استمعنا له من مداخلات في الملتقى،مع الاعتذار المسبق لمن لم نستطع الاستماع   لهم لظروف خاصة، ولم نذكرهم هنا في هذا المقام- المنبر الإعلامي.
 فقد تناول الأستاذ الدكتور رابح دوب موضوع أصالة البلاغة العربية من الخليل بن احمد إلى محمد عبده»، وذكر بأن عملية اختصار تاريخ البلاغة العربية صعبة، وقد تحدث عن الخليل بن احمد الذي اعتبر بان البلاغة هي» إجاعة اللفظ و إشباع المعنى» ، و قدم مواقف الجرجاني و الجاحظ والعسكري  وكذلك  حمادي صمود و صادق الرافعي، كما كشف عن نصيحة أستاذه المصري شوقي ضيف بمدرجات جامعة القاهرة عندما نبهه لأهمية الاطلاع على كتب الجاحظ والمتنبي والاستفادة منها لمعرفة اللغة و البلاغة و الثقافة و الذهنية العربية.
 وجاءت مداخلة الأستاذة كميلة زعيم (جامعة سكيكدة) عن مسألة « التجاور و التشابه، من المبحث البلاغي إلى المبحث العرفاني»، وتناولت النظر التداولي للصور ووظيفتها الحجاجية و الاقناعية في البحث العلمي الغربي، وعلاقة بلاغة الحجاج بالأسلوبية، كما بحث حسين تروش(جامعة سطيف) في  موضوع» الصورة الشعرية بين عبد القاهر وجون كوهن»، وكاشف الكثير من المحطات العلمية ين الجرجاني وكتابيه أسرار البلاغة ودلائل الإعجاز، و الناقد كوهن وكتابيه بينة اللغة الشعرية واللغة العليا،و المصطلحات المتقاربة بين الناقدين العربي والغربي.
وبحث الدكتور مقران فصيح (جامعة عنابة) في بلاغة الخطاب السياسي من اللفظية الإنشائية إلى المصطلحية التقررية-مقاربة لسانية نصانية حرة في كتابات الكسي دو طوكفيل عن الجزائر(1837-1847) حيث حلل الأبعد البلاغية واللغوية وما تحيل عليه من قيم أنتروبولوجية في كتاب عن دراسة المجتمعات المستعمرة(بفتح الميم الثانية)...
3 -البلاغة والعقل العربي
وقد قرأ الكثير من الأساتذة الباحثين الحضور العقلي والرؤية التجديدية في الدرس البلاغي العربي و الغربي، فدرس أحمد كامش(جامعة الأمير عبد القادر) تجديد الدرس البلاغي عند علماء المغرب الإسلامي، وحرص على دعوة الطلبة للانتباه لكثير من علماء المغرب الإسلامي في كل مجالات المعرفة و ضرورة كشف مواقفهم وآرائهم ودراستها، وتناول محمد الهادي عطوي(جامعة عنابة) الفكر البلاغي بين التطور اللغوي والرهانات المعرفية الجديدة، وقرأت سهام رابح(جامعة سكيكدة) الاستعارة و الاستعارة العرفانية والعلاقة بينهما ،و تطرق محمد رضا بركاني (الطارف) المتلقي وأثره في التشكيل الأسلوبي.
أما الأستاذ  عبد الحميد شكيل (جامعة عنابة) فقد كانت  مساهمته حول « نظرية النظم عند الجرجاني وتقاطعاتها مع الدراسات الحديثة...» وتحدث عن النزعات العقلية و البيانية في البحث البلاغي،إشكاليات المصطلحات البلاغية (مثل البيان المعاني، البديع)،تذوق النصوص و عدم التفكير باللغة العربية الفصحى...وحاول الأستاذ حسين زويد في مداخلته» البلاغة العربية بين فنية القول وموضوعية العلم» دراسة المشروع العلمي لآمين الخولي من خلال كتابيه فن القول ومناهج التجديد، فتطرق للتجديد الأدبي البلاغي ،تجديد البلاغة في ضوء علم الأسلوب، البحث اللغوي و البلاغي عند الخولي،البلاغة بين صرامة العلم وحرية الفن...
كما درس الدكتور عبد السلام شقروش(جامعة عنابة) مسألة» العرفانية و البناء الجمالي للنص الأدبي» وفي ورقته العلمية تحدث عن كيفية رصد البعد الجمالي في النصوص، سر إبداعية الإبداع، التفكير اللغوي والأسلوبي عن العرب والغرب، البلاغة الأمريكية...علما أن كتابات ومقالات  الأستاذ شقروش المختص في اللسانيات تدرّس في الجامعات الأمريكية، لأن مجال اهتمامه هو الدراسات اللسانية عند تشومسكي.
    كما تطرقت بعض المداخلات لبلاغة السرد، مثل مداخلات الدكتور نبيل بوالسليو(سكيكدة) حول مكونات بلاغة النص السردي  ، الأستاذة آسيا بن عبدي(سكيدة) حول بلاغة الإقناع في خطاب الهوامش في رواية واسيني الاعرج جملكية آرابيا ، سماح طاجين (سكيكدة)حول بلاغة السرد في رواية سادة المصير لسفيان زدادقة....
في الختام
لقد كان الملتقى ناجحا في أبعاده التنظيمية و العلمية داخل الجلسات و الورشات، بفضل التزام الأساتذة و الطلبة ،و الانضباط في تسيير الجلسات ، وقد خرج الباحثون بتوصيات هامة، مثل تخصيص النسخة القادمة لموضوع البلاغة و التداولية، وتجديد منح الفرص لطلبة الدكتوراه للإسهام العلمي و المشاركة،...
وكان الختام  بعد يومين من المحاضرات و النقاش و فتح الكثير من الأسئلة حول موضوعات تهم الدراسات العربية المعاصرة، وتخص تدريس اللغة العربية وبلاغتها في البرامج التعليمة في التعليم الجزائري،تحليل بلاغة النصوص السردية،التكامل بين النحو و البلاغة، التجديد البلاغي ،الشعر العربي والأبعاد البلاغية...
   وقد شكر الحاضرون اللجنة التنظيمية والعلمية على المجهودات المبذولة، وتحديدا من طرف ثلاثي الدكاترة النشيط: عبود حميودة وعبد السلام جغدير وسفيان بوعنينبة، فقد بذلوا الجهد الكبير  وأبانوا عن أخلاق علمية كبيرة في البذل والعطاء و التضحية لأجل المؤسسة الأكاديمية التي ينتمون لها(جامعة 20أوت 1955-سكيكدة) ،ولأجل التأسيس لتقاليد البحث العلمي.
عرض د-وليد بوعديلة

الرجوع إلى الأعلى