ياسين سليماني
يتّجه البحث عالميا نحو إيجاد متاحف لكل شيء، وواقعيا فإنّ أغلب الفنون قد قدمت خدمة عظيمة لمؤرخيها عندما تمّ إفراد مؤسسات وهياكل خاصة باسم المتاحف، كانت في السابق تستحوذ عليها الدولة بينما اتسع في السنوات العشرين الماضية نشاط بعض الأفراد أو العائلات في إقامة متاحف للحفاظ على تركة شديدة الأهمية لهؤلاء المبدعين.
إنّ المتحف كما يحب بعض النقاد أن يعبروا هو إحدى أجمل الطرق للاحتفال بديمومة تلك التركة. علينا أن نفرّق بين «متحف» و»مكتبة للمحفوظات» اللذين يضمن كلاهما الحفاظ على الأغراض، ويجب أن يكون المتحف، إضافة إلى التنوع الذي يضمنه، قابلا للنظر النقدي الثاقب الذي يمكّن من استعمالات متعددة إضافة إلى الدور المعتاد لأي متحف كما ذكرت سابقا: إمكانية استعادة جديدة وسريعة لإخراج جديد للوازم تتشابه مع العروض الماضية أو الصفة التربوية التي تجعل من دروس في السينوغرافيا يتم تدريسها لا افتراضيا ولا تجريديا ولكن بحضور الأدوات السينوغرافية الكاملة لعروض يمثل الكثير منها أهمية خاصة في ذاكرة المسرح.
غير أنّ المسرح لم يكن موضوعا للاهتمام في هذا الشأن. من غير السهل إيجاد متحف يجمع اللوازم المسرحية والنصوص وكراسات الإخراج وتصاميم السينوغرافيا أو الماكيتات والملابس ومختلف الإكسسوارات والإعلانات وحتى متابعات الصحف والمجلات والصور وبعض الأفلام المصوّرة للعروض أو التسجيلات السمعية، لا يوجد في العالم حسب دراسات إحصائية إلاّ عددا قليلا من هذه الهياكل، مركز غروتوفسكي مثلا في بولونيا واحد من أهم هذه المتاحف يجمع آثار عرّاب المسرح الفقير، في بعض الدول الأوروبية يتم تكريس متاحف لمؤلف أو لمخرج على الأخص، عدد منها كان أساسا منزلا لهذا الفنان، مثل فنان مسرح الأفينيون «جان فيلار»، أو متحف جيزي باجور. وقد نبهت لهذا دراسة هامة لفينشتاين بعنوان: «مكتبات ومتاحف فنون العرض في العالم» Bibliothèques et musées des arts du spectacle dans le monde لم ينتبه العرب إلى ترجمته إلى لغتهم. وفيه يشير الرجل إلى أهمية مثل هذه المؤسسات التي يمكنها أن تفسح المجال بسهولة لإقامة معارض ومؤتمرات وندوات.
عربيا حال المتاحف المفترضة من حال المسرح نفسه فيها. المجتمع العربي الذي لا يزال ينظر إلى الفن، والمسرح بالأخص بوصفه ممارسة لا تتطلّع خارج المستوى الترفيهي، من الصعب أن ينتبه إلى أهمية تكريس ثقافة حفظ تاريخ المسرح من خلال هذه الطريقة. الأكثر من هذا فإنّ بعضا من المسارح التي أعرفها عن قرب في الجزائر تضيع منها العديد من التسجيلات المرئية الخاصة بالعروض التي أنتجتها، وخلال السنوات الماضية عندما طلبت بعض التسجيلات لمدارستها سواء لي أو لبعض الأصدقاء من الباحثين يتم الرد بغياب هذه الأرشفة، وقد دخلت بنفسي لواحد من المسارح وبحثت مع مديرها عن فيديو لمسرحية فوجدنا علبة أرشيف فيها بعض الصور المتوفرة أصلا على النت دون أن نجد الفيديو. وإذا كان هذا هو الحال في بعض مسارحنا من الإهمال فليس سهلا على هؤلاء أن يفكروا في إنشاء متحف !!
تضع المسارح الجزائرية في مخزن مخصص لهذا الغرض لوازم المسرحيات التي انتهت دورة العروض الممضاة عقودها من قبل أصحابها. لا تتوفر في هذه المخازن عموما أية خصوصية، يتم تجميع المقتنيات في كراتين تنام عليها الأتربة، واحد من المسارح بسبب ضيق مساحته اكترى مديره «قاراج» في طرف المدينة ليكون مخزنا، وتتسرب أخبار من هنا وهناك بأنّ بعض أزياء العروض عندما تكون «عصرية» متماشية مع الموضة يقوم أصحاب الأدوار فيها بالاستيلاء عليها !!
صحيح أنّ عقلية غير واعية مثل هذه من المستبعد أن تتطور من اختلاس ملابس عروض إلى إنشاء متاحف كما في العالم المتحضر الذي تحول المسرح عنده إلى حاجة أساسية لكن مع ذلك دعونا نحلم، أليس أول الإبداع حلم؟ !
متاحف المسرح
- التفاصيل
-
طقس موغل في الثقافة الأمازيغية: الوشم ..احتفالية الخصوبة ولغة التمرد والألم
تغنى الجزائريون في تراثهم " بزرقة الوشام" كوصف للمرأة الجميلة التي تميزها علامة على الوجه أو منطقة من الجسيد وذكره الرجال كعلامة للوفاء والألم، فالوشم عند الأمازيع...
الكاتب والروائي عبد الوهاب بن منصور للنصر: الرواية تكتب التاريخ غير الرسمي والشفوي
uالكثير من الروائيين حاولوا اِستلهام التراث الصوفي رغم مخاطرهيعتقد الكاتب والروائي عبد الوهاب بن منصور، أنّه مهما قِيل عن الرواية التي اِعتمدت أو اِستندت على...
المكتبات الرقمية.. هل أصبحت بديلا للمكتبات التقليدية؟
يحتفلُ العالم اليوم (23 أفريل)، باليوم العالمي للكِتاب وحقوق المؤلف والملكية الفكرية، ففي مثل هذا اليوم من كلّ عام، تحتفل منظمة الأُمم المتحدة للتربية...
أي دور للجامعة في الفضاء الاجتماعي؟
ما مدى اِرتباط الجامعة بالفضاء الاِجتماعي وبالواقع الفعلي للمواطن الجزائري، وما مدى أهمية وضرورة إدراك الجميع بمدى أهمية هذا الشريك الحيوي والجوهري «الجامعة»...
رؤية حداثية أساسها التنوير: الوجــه الآخــر لنضـال بن باديــس
إيناس كبير خص العلامة عبد الحميد بن باديس النشء باهتمام بالغ، فقد اقترب من مشاغل الجيل الجديد وأصغى لاهتماماته، حيث كان يرى فيه البذرة التي يجب أن تُروى على...
قراءة في رواية « باب القنطرة» للكاتبة نجية عبير: «السّيّــدات» .. انظر ما يوافق تربة قلبك وانثره فيها
إلهام بورابة معابر مفاتيح: الترجمة خلق جديد/ حزن الكاتب وحزن المترجم متشابهان ، لكن الفرح يكسبه القارئ./الرواية انتهت لكن الإطناب في إعادة التدوين لوضع كل شيء...
"نوافـــذ علـى الآخــر" كتابٌ جديـد للدكتور أزراج عمـــر
صدر منذ أيّام، عن دار «اسكرايب» في مصر، كتاب جديد للشاعر والمترجم والأكاديمي الدكتور أزراج عمر، وحمل عنوان «نوافذ على الآخر»، وهو عبارة عن مجموعة...
هــل يمكــن للمثقـــف أن يكــــون صانــــع محتـــــوى؟
هل بإمكان المُثقف أن يكون من صُنّاع المحتوى المؤثرين؟ وهل يمكن أن يكون مُبدعاً لمحتوىً مُؤثر هادف ومسؤول، خاصةً وأنّه من الضروري أن يحدث هذا في زمن...
الكاتب والإعلامي الدكتور محمّد بغداد للنصر
ما تمّ اِنجازه في مشهد الإعلام الثقافي مشاريع أفراديعتقد الكاتب والإعلامي محمّد بغداد، أنّ الإعلام الثقافي يتجاوز المستوى الأدبي، ليشمل كلّ معاني ونشاطات الإنسان في الحياة، بدايةً من الأسماء التي نطلقها على أبنائنا، مروراً...
قصائد لعبد الحميد شكيل
#عبور.. سأعبر الغابة..دون أن تراني الأشجار..سأعبر النهر..دون أن تعاندني طيور الماء..سأعبر البحر..دون أن يراني القراصنة،وهم يغتصبون نساء الزبد..سأعبر الوقت..ممهورا بنمش...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)