يعتقدُ بن الشيخ أن اللّاعب الناجح هو ذاك الذي لا يكفّ عن المراوغات حتى يسقط، فكذلك كان يفعلُ حين كان لاعباً تهتف باسمه الجماهير التي تطربها مراوغاتُه ولا تكترث لضياعِ الكرةِ في نهايةِ المطاف!
أما ماجر فإنه يتحدّث لغتين، على الأقلّ، إلى جانب العربيّة ولا جدال في أناقته ولولا ممارسته لمهنتين غريبتين عليه (التحليل والتدريب) لظلّ أسطورةً غير قابلةٍ للخدشِ، لأنّه كان لاعباً عظيماً حقاً، ساعده مظهره في الدّخول السّريع إلى القلوب خارج الميادين أيضاً، عكس السيّد قندوز الذي كان صلباً في محورِ الدفاع وهشاً خارج الميادين، وبلغ من نقمته على العالم أنّه لا يبتسم  حتى في المواقف المثيرة للقهقهة ويحتاج غضبه الذي يتواصل منذ اعتزاله إلى تحليلٍ.
تغيّرت الكرةُ بعد اختفاء بن الشيخ وقبل ظهور القنوات التلفزيونية الخاصّة في الجزائر، صارت تُلعب بلمسةٍ واحدةٍ، وتكفي مراقبة ذكيّة وناجحة لكرةٍ هوائيّةٍ لزعزعةِ دفاعات الخصوم. يعرف ماجر ذلك جيّدا لكن بن الشيخ فيه يجذبه في كلّ مرّة إلى سبعينيات وثمانينيات القرنِ الماضي، لذلك يتصرّف كمحمود كلّما استفزّه أحدهم.
 في التعليم أيضاً، لا يؤمن بن الشيخ بأنّ العلوم والمناهج في تطوّر دائمٍ، لذلك يرتبط نجاح التعليم من عدمه،  في مفهومه، بثنائيّة الفرنسيّة والعربيّة، فتارة يقول إنّ التعليم ضاع بتعريبه وتارة يرى التخلّف نتيجة لمحاولات فرض الفرنسيّة رغم أنّها لغةٌ غير قادرةٍ على حملِ المعارف الجديدة، والغريب أنّ ماجر يؤيده في الطرحين من باب مجاراته وتجنّب غضبه.
ويجزم بن الشيخ أنّ ما قدّمه للأجيال غير قابلٍ للتعويضِ وأن ما حلّ بالتعليم نتيجة حتميّة لاختفاء أبناء جيله.
و يرى أنّ الديمقراطية ستفسدُ طباعَ محرز إذا لم يكن مؤطراً  بكادرٍ من جيل الثمانينيات يعرف كيف تخاضُ الملاحم.
يرفضُ بن الشيخ بطريقة غير واعية التوقّف عن اللّعب، لأن ذلك مرادف للموت في نظره، ويرى في الأجيال اللاحقة أجيالاً فاشلةً بنت مجدها على جهده، وكذلك يفعل ماجر الذي يرى أنّ «الكأس» إن جاءت، فهي ثمرة من ثمار عمله ولا بأس أن يحصّلها مدرّب آخر ما دام تلميذه!
في المجتمعات الأبويّة يرفض بن الشيخ التوقّف عما هوّ فيه، لأنّه ضحيّة بنية تدفعه إلى عدمِ الخروجِ .
ولذلك فإن «إخراجه» يتطلّب تغيير البنية وليس هجاءه.
سليم بوفنداسة

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى