يفتتحُ كراس الثقافة الموسم الجديد برصد آخر الإصدارات، وسنحاول تدارك أي تقصير في ذلك في الأعداد القادمة، حتى وإن كانت بعض دور النّشر تفضّل إلقاء "منتوجها" للسوق (معرض الكتاب) مباشرة مستغنيّة عن  إعلام الجمهور بجديدها.
و في هذا العدد حوارٌ مع الروائي أمين الزاوي، الذي يُبدي توجّسه من القارئ المعرّب ويقول إنه يخشاه أكثـر ممّا يخشى الرّقابة، وقصّة جديدة لعبد العزيز غرمول الذي يعود إلى هذا "الفنّ اليتيم" بعد سنواتٍ من التسكّع في عوالم الرواية، وكأنه يقول لنا إن فخامة الرواية لم تسرقه من القصّة التي هي رياضة الانتباه إلى الحياة بمكرٍ.
وقد منح الكرّاس الكلمة لأكاديميين ومثقفين بغرضِ فحصِ وإضاءةِ الوضع الذي تعيشه البلاد، وسيُواصل ذلك في وقتٍ ارتفعت فيه موجةُ الكراهيّة والعنف على شبكات التواصل الاجتماعي بشكلٍ مخيفٍ يوحي بأنّ الحرب البشعة التي عشناها لا زالت تجري في لاوعينا الجمعي وأن "الإنسان الجزائري" في حاجة إلى علاجٍ من صدمات الحروب  التي ارتسمت فيها شخصيّته، والمحزن في القصّة أن بعض الكتّاب وعوض التنبيه إلى داء الكراهيّة، استعاروا  ألسنة الغوغاء توسلا لبطولة خارج النصّ، رغم أن الواقع يقدّم أمثلة قاسيّة عن مصائر كتّاب خرجوا  من النص إلى غابة الحياة بدون "سلاح"، ولم يأخذوا في الحسبان الذائقة الوطنيّة المجيدة التي تضع الكاتب في مكان غير بعيدٍ عن المهرّج !
وهذه ليست مرافعة من أجلِ تجريد الكاتبِ من أدوارٍ يستلذّها، بل  مجرّد دعوة للحذر من ارتفاع  نسبة الوهم في التعامل مع الواقع، وأخطر أنواع الوهم الجهر بالتأثير في الجماهير، ولعلّ أتعس ما يتعرّض له كاتبٌ أن يكتشف وهو في أوج "نضاله" أنه مجرّد ممثّل في سيناريو لا يقرأ واضعوه الكتب.
أجل، التاريخ يُطبخ في مكان آخر، لكن على الكاتب أن ينتصر لقيّم الحرية والديمقراطية والحقّ والجمال، دون انتظار الشّكر و الجزاء  ولا يليق به أن ينتج الكراهية أو يروّجها في ظرف عصيب من تاريخ الدولة الوطنيّة التي تواجه امتحان وجودٍ في عبورها الشاق نحو الديمقراطيّة.
سليم بوفنداسة

    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى